يحتفل العالم اليوم 21/9/2016 باليوم العالمي للسلام تحت شعار "أهداف التنمية المستدامة: بناء أحجار أساس من أجل السلام" وذلك على أساس أن أهداف التنمية المستدامة 2030 تعتبر جزءاً لا يتجزأ من تحقيق السلام، كما أن التنمية والسلام مترابطان يعززان بعضهما البعض.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى ما جاء في صفحة الأمم المتحدة حول المناسبة بالقول أن :"الاستدامة تعرض الاحتياجات الأساسية للحاضر دون أن تمس بقدرة أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتهم. وتمثل التحديات الراهنة – مثل الفقر والجوع وتضاؤل الموارد الطبيعية وندرة المياه وعدم المساواة الاجتماعية، والتدهور البيئي والأمراض والفساد والعنصرية وكراهية الأجانب - عقبات أمام تحقيق السلام، وتسهل بروز الصراعات. ويراد من أهداف التنمية المستدامة القضاء على أسباب النزاع، ووضع أسس لسلام دائم. ويعزز السلام الظروف المناسبة للتنمية المستدامة، ويتيح الموارد اللازمة لتطوير وازدهار المجتمعات.
كما ويعد كل هدف من أهداف التنمية المستدامة الـ 17 حجر أساس في الهيكل العالمي للسلام. ولأهمية الأمر، وجب علينا جميعا حشد وسائل التنفيذ، بما في ذلك الموارد المالية، وتطوير التكنولوجيا ونقلها، وبناء القدرات، والشراكات. فلكل طرف مصلحة يجنيها ولكل طرف إسهام يؤديه".
يعتبر الفقر والجوع من أهم تحديات السلام حيث تمثل الإشارة اليهما في تقرير "حالة إنعدام الأمن الغذائي في العالم لعام 2015" والصادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والذي جاء فيه أنه ما زال هنالك 795 مليون شخص يعانون من نقص التغذية على مستوى العالم على الرغم من نجاح العديد من الدول في تخفيض هذه الأعداد منذ عام 1990 بمقدار 216 مليون شخص. وفي الدول النامية إنخفض عدد من يعانون من نقص التغذية الى 12.9% من عدد السكان الإجمالي فيما كانت النسبة 23.3% عام 1990.
والأردن من بين 72 من أصل 129 دولة نامية حققت الغاية (1-ج) والمتعلقة بالجوع من الأهداف الإنمائية للألفية. وإعتبر التقرير بأن الأردن والكويت والسعودية والإمارات وعُمان قد بلغت منذ فترة طويلة مستويات ثابتة للأمن الغذائي على إعتبار أنها مستقرة سياسياً وغنية بالموارد.
غير أن النمو الاقتصادي لا يكفي لوحده للحد من الفقر والجوع، ولا بد من تعزيز التنمية الشاملة والنمو الاقتصادي الشامل الذي يضمن الوصول العادل للغذاء والأصول والموارد خاصة للفقراء والنساء اللاتي يجب الإستفادة من قدراتهن وتنمية إمكاناتهن، حيث حيث ثبت أن لزيادة مشاركة النساء آثاراً إيجابية على الأمن الغذائي والتغذية.
وتضيف "تضامن" بأن النساء يلعبن أدوراً هامة في إنتاج الأغذية وبإعتبارهن المقدمات الرئيسيات للرعاية غير مدفوعة الأجر داخل أسرهن وفي مجتمعاتهن المحلية، إلا أن النساء وخاصة الريفيات لا زلن يعانين من عدم المساواة بين الجنسين، ويواجهن قيوداً تحد من قدراتهن على المساهمة بالنمو الاقتصادي ومن قدراتهن على الإستفادة من الفرص المتاحة مما ينعكس سلباً على رفاههن ورفاه أسرهن ومجتمعاتهن وعلى تمتعهن بالعدالة والمساواة.
من جهة أخرى ذات علاقة وأهمية، تعتقد "تضامن" بأن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات سيؤثر بشكل مباشر على إحلال السلام الدائم والحد من الصراعات والنزاعات وأسباب نشوبها.
وتشير "تضامن" الى أن أهداف التنمية المستدامة وعددها 17 هدفاً ويندرج تحتها 169 غاية مفصلة أخذت بالإعتبار البعد المبني على النوع الإجتماعي ولم تقتصر على الهدف الخامس والمتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، والذي يشتمل على 6 غايات موضوعية و3 غايات تتعلق بوسائل التنفيذ، بل أن كل هدف يتضمن وجوب مراعاة المساواة بين الجنسين كحق وشرط لتحقيق ذلك الهدف.
وأوضح تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول تمكين المرأة وعلاقته بالتنمية المستدامة بأن غايات الهدف الخامس تتمثل في القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان، والقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات في المجالين الخاص والعام على السواء، والقضاء على الممارسات الضارة كزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتثمين وتقدير الرعاية غير المدفوعة الأجر والعمل المنزلي، ومشاركة النساء مشاركة كاملة وفعالة بما في ذلك تمكينهن من فرص متساوية لتولي مواقع قيادية على جميع مستويات صنع القرار في الحياة السياسية والإقتصادية والعامة، وكفالة حصول الجميع على الحقوق الجنسية والإنجابية والحقوق المتعلقة بالصحة الإنجابية.
كما ولا بد من معالجة التباينات الهيكلية في الحصول على الموارد وملكية الأصول من خلال إدخال إصلاحات تهدف الى ضمان حقوق متساوية للنساء في الحصول على الموارد الإقتصادية، وتمكين النساء من إستخدام التكنولوجيا وتدعيم السياسات والقوانين من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء.
وأكد التقرير على أن إعتراف الدول الأعضاء بضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات لم يقابله تغيير حقيقي على أرض الواقع، ففي تقرير آخر للبنك الدولي تبين بأن 155 دولة لديها على الأقل قانون واحد يعيق الفرص الإقتصادية للنساء، كما لا تتساوى الإناث مع الذكور في الحقوق المتعلقة بالأراضي في 37% من الدول التي شملها التقرير وعددها 160 دولة. وأنه وعلى الرغم من وجود قوانين تكفل للجنسين نفس الحقوق إلا أن 59% من تلك الدول يقوض فيها التنفيذ الكامل لتلك القوانين بسبب الممارسات التمييزية ضد النساء.
وتضيف "تضامن" بأن الأردن مدعو كغيره من الدول الى تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من حيث إعداد البيئة المناسبة لتنفيذها مع مراعاة النوع الإجتماعي، من خلال تحديد ودعم الظروف المواتية لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، وضرورة تسريع عملية تنفيذ الإلتزامات الدولية المترتبة عليه سواء على مستوى التشريعات أو السياسات أو الممارسات وبمختلف المجالات بما فيها المجال الإقتصادي.
وحسب التقرير فإن تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 سيرتب على الأردن كغيره من الدول الدخول في عمليات المتابعة والإستعراض وتقديم البيانات عن التقدم المحرز والمساءلة. وفي هذا الإطار سيكون للمؤسسات الحكومية والآليات الوطنية للمساواة بين الجنسين ومؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق النساء أدواراً هامة لوضع الإطار الوطني الأردني لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومتابعتها والمساءلة عن نتائجها.