قضايا المرأة الكويتية ومشاكلها عنوان عريض لجدل ونضال طويل على مدى عشرات السنوات. هي حصلت على حقها في الترشيح والانتخاب في مجلس الأمة، لكن هذه الحقوق السياسية هي جزء من مجموعة حقوق يفترض أن مؤسسات المجتمع المدني تطالب بها وتسعى لوضعها على أولوية الحكومة أو نواب البرلمان، أو حتى أولوية الأفراد عبر لفت أنظارهم إلى مظلومية المرأة في مجتمع ينص دستوره على المساواة بينها وبين الرجل. ولكن كالعادة ما هو مفروض غير ما هو متحقق، ومشكلات المرأة لم تزل مطروحة والبعض يتساءل: ماذا قدمت مؤسسات المجتمع المدني حقا للمرأة بعد كل هذه السنوات؟
عائشة الرشيد قالت:
- لم تقدم أي منها شيئا مع أننا كنا نتمنى أن تأخذ هذه القضايا بعين الاعتبار وأن تكون «لوبي» ضاغطا على الحكومة لتقديم مشاريع بقوانين لخدمة المرأة، فهي مستبعدة من قبل الحكومة والنواب، وحتى عندما كان في البرلمان لجنة لشؤون المرأة لم تقدم لها شيئا. حتى هذه اللحظة لم تحصل المرأة على حقوقها المدنية والاجتماعية مع أن النص الدستوري والشريعة يساويان بين الرجل والمرأة، فأين العدالة الاجتماعية من هذا؟
الحكومة فاضلت وفرقت بين المرأة والرجل في المناصب الإشرافية والإدارية مع أنها قد تكون متفوقة عليه، ولم تعطها الحق في الرعاية السكنية كالرجل تماما. ولا الحكومة ولا النواب يطبقون نصوص الدستور وكل القوانين مخالفة له.
اهتمام بالخارج
وتابعت الرشيد قائلة:
- الجمعية الثقافية النسائية تهتم بالمرأة خارج الكويت كالمرأة الفلسطينية واللبنانية والأردنية، أكثر مما تهتم بالمرأة الكويتية، وهذا لا يجوز طبعا لأن قانون إنشائها ينص على أنها وجدت لتخدم المرأة الكويتية. أما نشاطها التوعوي فليس موجها الى طبقة النساء المحتاجات إلى توعية وهي تحتكر العمل النسائي في فئة معينة وليس لها بصمة واضحة في قضايا المرأة. أما لجنة شؤون المرأة التابعة لمجلس الوزراء فلم تقدم شيئا لأن مجلس الوزراء لا يفكر في المرأة ومؤتمره الأخير عن المرأة دعت إليه نساء من كل دول العالم ولم تدع إلا نخبة معينة من النساء الكويتيات ولم نر توصيات للمؤتمر حتى يقوم مجلس الوزراء بمتابعتها.
بالنسبة للبعض الذي يقول ان حصول المرأة على حقها في الانتخاب والترشيح نتيجة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، فهذا غير صحيح لأننا كلنا عملنا على هذا الموضوع وهم أقل من عمل فيه، ومنذ السبعينات ونورية السداني ولولوة القطامي يشتغلان على موضوع حقوق المرأة السياسية، ولنكن واقعيين فحصول المرأة على حقوقها السياسية كان نتيجة ضغط من الخارج ولولاه لما حصلت عليها.
دعاية إعلامية
نرمين الحوطي قالت ان أغلبية جمعيات النفع العام وجدت كدعاية إعلامية لوجود ديموقراطية وأن المرأة أخذت حقوقها وأضافت:
- هذا أشبه بوضع وردة في عروة الجاكيت حتى نظهر أمام الرأي العام العالمي بأن لدينا من يدافع عن حقوق المرأة ومشكلاتها، ولكن إذا قمنا بعمل كشف لما تم عمله للمرأة منذ مطلع الستينات فلن نجد شيئا. وحصول المرأة على حق الانتخاب والترشيح هو قرار سياسي وليس نتيجة لضغوط المجتمع المدني.
عندما كنت في إحدى لجان الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان الكويتية، كنت كلما تطرقت الى موضوع حقوق المرأة تعطى الأولوية لقضية غير محددي الجنسية، وعندما ناقشت ما يحصل من خلال مبدأ أساسي وهو أن هذه الجمعية لحقوق المواطن الكويتي، الكل وللأسف عارضوني كما لو أنني ضد قضية غير محددي الجنسية، وهذا بالطبع غير صحيح ولكن قضايا المواطن الكويتي وخاصة المرأة لا بد أن توضع في أولويات تلك الجمعية.
مساهمات كثيرة
مها البرجس قالت ان منظمات المجتمع المدني قدمت الكثير من المساهمات للمرأة الكويتية. وأضافت:
- تعطلت بعض هذه المساهمات أو المشاريع بسبب الوضع الإقليمي والمحلي، فقد حل المجلس أكثر من مرة في السنوات الماضية وتغيرت الكثير من الوزارات. أما بالنسبة لحقوقها السياسية فقد كان لمؤسسات المجتمع المدني دور كبير في حصولها عليها، ولكن مازالت هناك قضايا معلقة تسعى باتجاهها تلك المؤسسات ومنها حق منح المرأة الكويتية الجنسية لأبنائها، وهناك مشروع «ورقتي» الذي تعمل من خلاله الجمعية الثقافية النسائية على تعديل القوانين لمصلحة المرأة.
وقالت البرجس ردا على رأي البعض ان حقوق المرأة السياسية لم يكن حصولها عليها نتيجة عمل أو ضغوط المجتمع المدني بمؤسساته وإنما نتيجة وضع سياسي أو ضغط خارجي، وأن من يعملن في مجال قضايا المرأة هن بعيدات حقا عن مشاكلها ومن طبقة مرفهة:
- التاريخ يوثق مطالبات هؤلاء النساء بحقوق المرأة منذ عشرات السنوات، وكذلك مطالبات الجمعية الثقافية النسائية ولولوة القطامي وكذلك النواب ومنهم جاسم القطامي، ولو لم تكن هناك ضغوط من السبعينات لما حصلت المرأة على تلك الحقوق، بمعنى أنها حصلت عليها نتيجة ضغوط داخلية لا خارجية. أما بالنسبة لما يقال عن بعض الناشطات عن قضايا المرأة وعدم معاناتهن منها، فمعنى ذلك أن ما يفعلنه عظيم ودليل على إيمانهن بقضية ليست لديهن مصلحة فيها أو يعانين منها.
ضد التمييز
د. فاطمة عياد دافعت عما قدمته الجمعية الثقافية النسائية للمرأة وقضاياها قائلة:
- ليس في رأيي فقط ولكن في رأي كل إنسان عادل بنظرته لما قدمته الجمعية وليس لديه هدف من إنقاص قيمة أعمالها، سيقول ان الجمعية على الأقل ساهمت في تسليط الضوء على قضايا المرأة والظلم والتمييز ضدها في القوانين بل ومخالفة بعضها للدستور. لقد أصبحت هناك حيوية لقضايا المرأة وساهمت الجمعية بتوعية النساء علىالظلم الواقع عليهن، ورفعت كفاءة المرأة في المطالبة بحقوقها ورفعت مستوى وعيها وساهمت في تنمية الوعي المجتمعي ككل وتعديل اتجاهات بعض فئات المجتمع نحو الأفضل.
أما بالنسبة إلىالقول ان من يدافعن عن حقوق المرأة هن من فئة لا تعاني فعلا من هذه المشاكل أو من فئة مترفة، فالعظمة أن تحارب من أجل قضية وتعطيها من وقتك وجهدك ومالك أحيانا مع أنه ليس لك مكسب شخصي من ذلك.
في الكويت من يطالبن بحقوق المرأة هن الطبقات الاجتماعية العليا واللواتي سمحت لهن ظروفهن بالاطلاع على الحضارات والثقافات الأخرى وشاهدوا مبكرا الفرق بين المجتمع الكويتي والمجتمعات الأخرى، وأي امرأة من المعنيات بانتقادات البعض، كان بإمكانها بدلا من أن تعمل في مجال حقوق المرأة أن تدعو الصحافيين الى صالونها وتلتقط الصور لديكور بيتها الجميل ولكنها فضلت أن تعمل من أجل المرأة الكويتية، بمعنى أنهن لسن محتاجات الى الشهرة ومع ذلك يعملن لخدمة هذه القضايا وعملهن هذا يحسب لهن .
الجسار: دور مهم.. لكن
د. سلوى الجسار أكدت أن جمعيات النفع العام النشطة في مجال قضايا المرأة لعبت دوراً مهماً وبذلت جهدا لا ينكر في مجال حصول المرأة على حقوقها السياسية، ثم قالت:
- أرى أن هناك تحولا وتغيرا في السنوات العشر الماضية في الدور الذي تلعبه جمعيات النفع العام تجاه قضايا المرأة، فقد تحول رأيها ومشاركتها الى طرح سياسي بسبب تأثرها بمجريات الأحداث الأخيرة، فأصبحت مشاركتها ذات صبغة سياسية بحتة، ابتعدت عن الجانب المهني لها، وانعكس ذلك على انتخابات مجالس الإدارة وأصبحت مناقشة القضايا على أساس التأييد والمعارضة. مع أن مؤسسات المجتمع المدني في العالم كله لها دور كبير في تعزيز الجوانب الإيجابية في قضايا المجتمع، ولكن هنا العكس وهي تبدي رأيها مؤيدة أو معارضة، مع أنه يفترض أن يكون لديها رأي محايد وأن تتناول قضايا المرأة بحيادية.
إضافة إلى ذلك يتخذ البعض من قضايا المرأة طريقا للبروز الإعلامي والتكسب الانتخابي والسياسي.
القبس