ضمن برامج منتدى شاعرات الإمارات؛ بمركز الشارقة للشعر الشعبي بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، أقيمت مساء أمس الأحد 25 سبتمبر 2016 بمجلس ضاحية واسط بالشارقة محاضرة بعنوان "قضايا الشعر النسوي الخليجي" للدكتورة سعيدة الفارسي (سلطنة عُمان)، حضر المحاضرة جمهور من الشعراء والكتاب والإعلاميين. وأدارتها الكاتبة اسماء الزرعوني، وأكدت سعيدة أن الوعي بالذات الانثوية من أبرز قضايا المرأة في الوقت الحالي، لأنها هي القضية الأساسية التي تميز الكتابة النسوية عما سواها من الكتابات، وان الرجل سيتحدث على لسان المرأة في كافة المجالات كما فعل نزار في تبنيه لقضاياها عشرات السنين ، لكن الرجل مهما كان لن يتمكن من الكتابة عن تجربة الولادة والحمل ولا عن تأثير الطلاق النفسي على المرأة، ولا عن بوح الأنثى الشفيف لما تعانيه من قضايا لصيقة بها كأنثى. وإن الوعي بالذات الأنثوية لدى الشاعرة جعلها تطرح ذاتها للأخر بوضوح وواقعية، آخذه في الاعتبار الجوانب الفنية لجودة الشعر، مبتعدة عن التقريرية والخطابية .
وقالت الفارسي أن المجتمعات الخليجية وجد بها من تعلم في مدارس القرآن / الكتاتيب من النساء وكتبن شعرا بالفصيح لكن انغلاق المجتمعات وسطوة العادات والتقاليد آنذاك، حرمتنا من هذه الكتابات المحكوم عليها سلفا بالإبادة .
وأنه ليس من السهل تحديد بدء الريادات النسوية الخليجية في الشعر الفصيح المتزامن مع جيل الرائدات العربيات (كعائشة التيمورية، وردة الترك، وردة اليازجي، ماري عجمي، ملك حفني ناصف الملقبة بباحثة البادية ، فاطمة سليمان الأحمد، الملقبة بفتاة غسان، وام نزار). وأن تتبع الريادة وفقا للإصدارات اسهل وأدق لكن الأمر لن يكون منصفا، لأن هناك شاعرات سبقن في الكتابة والنشر لكنهن أصدرن دواوينهن متأخرات توخيا للتجويد وتطويراًللتجربة. لكن لعل من الإنصاف ان تحدد الريادة وفقا للمكان ففي السعودية تكون سلطانة السديري هي الرائدة وفي الكويت سعاد الصباح، وفي البحرين حمدة خميس، وفي قطر زكية مال الله ، وفي الإمارات ظبية خميس، وفي عُمان سعيدة خاطر .
وأضافت: وقد وردتنا من عمان شفاهيا أسم، الشاعرة عزاء بنت حماد بن مسعود المغيرية من مواليد القرن التاسع عشر، والمتوفية في بدايات القرن العشرين، هي الرائدة الأولى للخليج العربي، فقد تزامنت في الظهور مع فترة الرائدات العربيات الأول، ومما وصلنا من أشعارها عدة مقطوعات قصيرة ذات توجه ديني ووعظي.
واستعرضت المحاضرة قضايا الشعر النسوي الخليجي، فتحدثت عن البكائية والاحزان، والوطنية والقومية، والبوح والغزل، والاحتفاء بالذات الأنثوية، وازدهار قصيدة النثر، والصوفية لغة واحوال، وقصيدة الومضة.
وأوضحت أن النقد الذكوري قد أخرج المرأة من بين استار الخجل المعيق لإنطلاقها في صنوف الإبداع والكتابة، فخرجت إلى الوطنية والقومية حيث دخلت إلى قيم جميلة هي ثيمة الوطن والقومية وظلت تحاور فيها طويلا.
وأضافت: مرة اخرى كان للنقد العربي فضل إخراجها من هذه الدائرة، فتلمست على استحياء الغزل مقتدية بالموروث العربي الذي لا يخلو من تغزل الأنثى الشاعرة بمن تحب سواء أكان ذلك على مستوى الشعر الشعبي أو الفصيح ، ولذكاء الأنثى مزجت هذا الغزل بالشكوى والألم والأنين، ومنه دخلت لدهاليز البوح بمعاناتها مع الرجل وعدم تفهمه لخصوصيتها .
وأشارت الفارسي إلى أن انتشار قصيدة النثر شمل جيل الرائدات اللواتي كتبن الشعر الموزون وذلك كنوع من التجريب ربما، وربما لما يمثله ذلك النمط الشعري من انسيابة وتحرر من قيود القافية والوزن وهي قيود قد لا تتقنها كثيراً من شاعرات قصيدة النثر، لكنهن يمتلكن شعرية النص لذا اتخذنها وسيلة للتعبير عن تجاربهن .
وأوضحت الفارسي أن كثيراُ من الشاعرات لجأن إلى الموروث الصوفي مستقطبين منه لغة بها من الغموض والإيحاء والترميز الكثير، وقد تم توظيف هذه اللغة كثيرا لديهن، الأمر الذي أدى إلى تحديث المفردات والأساليب ومن ثم استحداث صور جددت في الخطاب الشعري.
وأشارت الفارسي إلى أن قصيدة الومضة هي قصيدة التكثيف الشديد والتلميح الأشد حيث تكون فيها مساحة المُصرَّح به أقل بكثير من مساحة المسكوت عنه وقد انتشر هذا النوع من الشعر القائم على وحدة الصورة من وجهة نظري ليواكب متطلبات العصر السريع في كل مناحيه ويواكب تقنيات التكنولوجيا.