يشكل الجلوس مع كبار السن ، متعه حقيقة بالنسبة لي، فلديهم مخزون من القصص والحكايات التي تعطي فكرة ولو بسيطه عن طبيعة الحياة ونمط التفكير السائد في زمانهم.
ومن ضمن الحكايات التي سمعتها حكاية (مختار النسوان ) وهو لقب كان يطلق قديما على الرجل الذي يتدخل في شؤون النساء وكان هذا الأمر مستساغا الى حد ما في ذلك الوقت حيث كانت الأرياف وحتى المدن الصغيرة تضم مجتمعات متجانسه تربطها غالبا صلات قربى ونسب.
من حكايات احد هؤلاء المخاتير انه شاهد يوما امرأة تحاول إسكات طفلها المتبرم المشاكس فقال لها الرجل( لو بدك بتسكتيه) ،أي انه لو توفرت لديك الاراده والحيلة فسوف تجبرين طفلك على التزام الهدوء والتوقف عن الشغب ، فقامت المرأة بتحدي الرجل ووضعت على نفسها شرطا بانها ستدعوه الى وليمة اذا تمكن من تهدئة طفلها ، ووافق الرجل واخذ الطفل معه امعانا في التحدي ،وبدأ الطفل يطلب من الرجل طلبات تعجيزية متتالية وفي كل مرة يعلو صراخه وبكائه الى ان استسلم الرجل وقال ( الولد اللي ما بتسكته امه ما حدا بقدر يسكته)، بالنسبة لي فقد مررت بتجربة مع احد هؤلاء المخاتير ،فقد كنت اشاهد في الحي الذي اسكن فيه رجلا مسنا لا عمل لديه ولا هم سوى التماشي صباحا ومساءا في الشارع ذهابا وايابا ومرة التقيته في محل سوبرماركت بالحي ، وكنت احمل بيدي طفلي الرضيع ، وبدون سابق معرفة او مقدمات سألني : كم عندك اولاد ؟ اجبته ( ولد وبنت) فرد علي ( بكفي خلفه ، اثنين نعمة وفضل من الله) . ارأيتم !! مختار النسوان شخصية تأبى الانقراض .
* اشاهد احيانا بشكل قسري بعضا من مباريات المصارعه الاميركيه التي تبث على القنوات الفضائيه واستمع لتعليق المذيع على اداء بعض المصارعين بقوله الامريكي الحقيقي حضر ( كدلالة على قدم اصله الامريكي) وكذلك اشاهد بعض البرامج الامريكيه التي تتناول تحليلا لبعض الجنح والجرائم التي يرتكبها بعض الأفراد ، ففي احدى الحلقات ابدى المحلل استهجانه لقيام فتاة امريكيه بقتل رضيعها مع انها ( حسب تعبيره) نموذج للفتاة الامريكيه (الحقيقية) ، كنت اظن ان ظاهرة (اصيل ،، ولفوف) لا توجد الا عند الاردنيين فاذا بالامريكان يعانون من نفس الداء .
*مع مرور الوقت اصبح الفيسبوك ( وأركز عليه دون غيره من مواقع التواصل الاجتماعي لان تجربتي تقتصر عليه) خارج العالم الافتراضي ، واخذ شيئا فشيئا يرتدي حلل الواقع ويأخذ نمطه وشكله ، فمن خلال احاديث الناس اكتشفت انهم يتعاملون مع بعضهم البعض على الفيسبوك كما يتعاملون خلال حفل زفاف او أي مناسبه او لقاء يجمعهم على ارض الواقع ، فاحدى السيدات تشكو اقاربها الذين يتجاهلون ارسال طلب صداقه لها مع انهم يشاهدون ويقرأون تعليقاتها من خلال صديق مشترك ،بمعنى آخر هي تشكو ( قطيعة رحم الكترونيه )، آخرون يراقبون نشاطات بعضهم البعض من بعيد ويؤخرون إرسال طلب ألصداقه بانتظار مبادرة الطرف الثاني ، تماما كما نفعل حين نلتقي بأشخاص في مناسبة اجتماعيه وننتظر منهم المبادرة بإلقاء التحية والسلام ، وآخر يتذمر من احد أصدقائه على صفحته بقوله ( من يوم ان طلب صداقتي وقبلت، وهو لم يعلق مرة واحده على المواضيع التي أبثها على صفحتي ،ولم يقم بعمل ( لايك) واحده ،والله لن أبادر بعمل لايك او تعليق اذا لم يبادر هو .
آخرون يعانون من السفاهة ينشرون صورا لاطفال مرضى ، او شاب يدوس على القران الكريم بقدمه ويدعون على كل من يستنكف عن عمل لايك او كتابة تعليق مثل ادراج عبارة ( يارب عجل بهلاكي اذا لم اعمل لايك ما تنساش انت حلفت) .
ومن طقوس الفيسبوك أيضا انه اذا قام احد الأصدقاء بإدراج لقطه مضحكه او نكته او فيديو طريف فمن اضعف الإيمان ان يبادر الأصدقاء إلى كتابة ضحكة مفترضه هكذا ( ههههه) حتى لا يتهم بالتجاهل من أصدقائه .
الموقف الأكثر طرافة اتى من قبل ابني، فكلما غضب مني بسبب عدم قيامي بتلبية إحدى طلباته يهددني بأنه سيعمل ( بلوك) لحسابي أي انه سيطردني من صفحته ، وفي إحدى المرات اخبرني انه يلعب لعبة اقترحها عليه صديقه على الفيسبوك ، وعندما سألته كيف أرسل لك الدعوة وهو لا يملك حسابا على الموقع ، أجابني انه يتواصل معه من حساب جدته !!!!من حساب مين يا حبيبي؟!!! .ههههههه .