لا ادري ل م، لماذا بعد حين يمسي الزواج وكانه قطرات مشبعة بدموع الحزن، ان لم، الندم! أو مطر آهات وحسرة؟ حتى تبدو الحياة معه وكأنها مثقلة بسحب هموم غميمة! ثم ليؤول الامر فيبدو، وكأن ذبلت زهور السرور، وقطفت قبل نبعها ورود الفرح البهي! بعد ان كانت الصباحات نسائم لا تترك للدهر طرقة وجع، ولا مساءات تجلب شجون هم أو كدر! وليس غير ثغور ثاغرات بالبسم، فقيدها العبس والتذمر، ووجوه تسرح، تنقب عمن يضمها كبحر يطير برياحين السعادة، تندثر عنده وريقات الالم او البؤس، تحول غريب غير متوقع او منتظر، تغير من ان " أنت ـ انتـ ي " يومي ... ذاكرتي، وشوقي، كبحر ضمأن متلهف لرؤيته ـ ا، وانتظار من خيال، انتظار لذاك الوجه الذي سكن اعماق القلب، وقسمات نقشت من وحي على انسجة الشرايين، ثم الان بعد حين، الحياة مدينة شبه مهجورة، وكتاب بلا عنوان! بعد رهف المشاعر صار ـ ت، انسان بلا احساس، وكأن هذا الانسان لا يشعر حتى بنفسه، لان النهارات البيضاء صارت صباح كسيح! وكأن الايام ازمان مرتدة، وكأن اللحظة دهر ممتدة، والانفاس صارت لوليد جريح ...!؟
لن اطيل عليكم، بعد مقدمتي التراجيدية هذه، لكن ...، بين زميلات العمل، وبيني، كثير من الطروحات وأكثر من التساؤلات، خاصة من تلكن المتزوجات، من قريب او من زمن ليس بعيد، ولا ادري هل فصوص المخ هي السبب، ام بعض القدرة على امور، ومقدرة على اشياء وتواصل؟ طبعا بين المرأة والرجل هذا، حيث طرح العلم ان روابط عصبية عند المرأة تزيد عما عند الرجل بمعدل مرتين ونصف، وهذه تمكنها من استخدام لغة تواصل مع من حولها " خاصة الرجال "، حتى وان اشيع ان عدد خلايا الدماغ لدى الرجل اكثر مما هي لدى المرأة، بنسبة او اخرى، وما دام الثابت ان شبكات الاتصال في مخ المرأة، اكثر مما في الرجل، فهذا يساعدها على الاحتفاظ بالتجارب والخبرات بشكل مكثف مقارنة بالرجل ( ليس ذا هرجي بل هو ثبات علمي طبي ) عليه يعزى لهذا، ان مراكز الاستقبال وارسال اللغة عند المرأة اقوى بمعدل، عن مثيلاتها عند الرجل، ما يجعلها ( المرأة ) قادرة على التواصل الاجتماعي والتحدث والمخاطبة بشكل واخر اسرع، مما يستطيعه الرجل .
والان،..... " ياسمين " وهذا اسمها الحقيقي ـ ، زميلتي في العمل، ثلاثينية، زوجة وأم، قليلة الكلام مقلة في التحدث، ولو ليس بيني وبينها كبير زمالة او صداقة، لكن حسب ظروف تواجدي في غرفتها عند مكتبها، سألتها :
ـ ياسمين، انت هكذا في البيت، صامتة، قليلة الكلام؟
ـ نعم، كان جوابها ....، وكفى، فهي لم تزد اجابتها بحرف عن " نعم "!؟
عموما، اردفت سؤالي بأخر،
ـ زوجك، مثلك، كما انت، قليل الكلام، من منكم يتحدث اكثر، ولو كان هو على طبعك هذا ـ قليل الكلام، هل كنتـ ي سـ تسعدي؟ وهو هل مرتاح لطبعك هذا؟
ـ ذاك هو الجيد،.....! كان جوابها ( ان من الجيد الـ صمت .....!؟ )
على كل حال، كل طبعه ومزاجه، لكن العلم او السايكولوجيا يقول ان :
صمت الرجل في الحياة الزوجية يعني، هناك اسباب سيكولوجية تدفعه لهذا الصمت، ولا بد من طرق توجب التغلب عليه، والتعامل معه،
بعد هذا، لا ادري هل اتطرق الى دوافع الصمت، أم الى العوامل السيكولوجية المسؤولة عن الصمت في العلاقة الزوجية؟
عليه، سيكون من البديهي ان نضع بعض الحيثيات، منها، ان هناك ثمة فوارق واختلافات جوهرية في التكوين النفسي والجسدي بين الرجل والمرأة وقد يكون الدافع السايكولوجي هو المسؤول عن الصمت، او قلة الحديث عند الزوج، وقد لانه اكثر اتزانا " عاطفيا " من المرأة، التي تكون اكثر تعبيرا عن عواطفها، مع ان لها قدرة على دقة الملاحظة وادراك سلوك الاخرين في المواقف المختلفة، وهذا قد يدعو او يصير الى اصابتها بالكآبة في مرحلة الثلاثين العمرية، ولا خلاف في تأثير التغيرات التكوينية الهرمونية خاصة بعد الزواج والحمل والولادة والارضاع، ومن ثم التحول في الدورة الشهرية وانقطاع الطمث بعد حين، ما يعرض المرأة ـ الزوجة، للاضطرابات والانفعالات وتقلبات المزاج، بما يتراوح من مرتين الى ثلاث مرات مقارنة بالرجل في نفس المرحلة، اما عند الرجال فأن حالة الكآبة تظهر في مرحلة الفتينة والشباب والتي تسمى جزافا " المراهقة "، عموما، حسبما اشارت " الجمعية الامريكية للصحة العامة " ان للمرأة قدرة تحمل الاعباء اكثر من الرجل بسبب الموجات الكهربائية في الدماغ والتي تقدر بنحو 90 %، وتقدر لدى الرجل بنحو 70 % فقط، وهذا ما يجعلها اكثر نشاطا وقدرة على التحليل وتنسيق المعلومات، بنفس الوقت يستطيع دماغ الرجل التكييف مع الوضع او الموقف الذي فيه بسبب التركيب العضوي في مخه، كما عند مشاهدته التلفاز او قراءة كتاب بدون استخدام لغة الحوار، عكس المرأة التي يكون دماغاها مستعد لارسال واستقبال العديد من الاشارات العصبية والكلامية في المواقف المختلفة، ما يجعلها اكثر انفعالا وتعبيرا عن مشاعرها نحو الاشياء االمختلفة، كتعليقاتها اثناء مشاهدة التلفاز او التحدث بالهاتف اثناء قيامها بعمل ما، وعليه يكون للمراة مقدرة على تشغيل فصي المخ في ذات الوقت .
بعد هذا دعونا نأتي على صلب الموضوع " الصمت " عند الرجل خاصة، والتي قد تأتي من ظروف وعوامل خارجية، كالعمل، ناهيك عن الظروف الاجتماعية المتأتية والمرتبطة بعلاقته مع زوجته، ثم العوامل السيكولوجية، المرتبطة بطبيعة شخصيته وطريقة تعامله مع من حوله، وكل من ذلك يعدم لغة الحوار بين الزوجين، وصمت بعض الرجال في منازلهم، ولا يغيب عن بالنا ان الطبيعة والمزاج شكل وسبب اخر للصمت، فهناك رجال لا يتحدثون كثيرا وقليلي الكلام، وقد الصمت صفة طبيعية فيهم، كما ان الفروق بين الزوجين تعدم الحوار ولغة الكلام بينهما، كما واختلاف الاهتمامات، او نوع من العصبية " الزائدة " التي تتصف بها بعض النساء،، وبعضهن من تتجرأ بالفاظ جارحة او تصرفات غيرلائقة مع الزوج، وهذا ما يدفع بالرجل الى تجنب التحدث الى زوجته تحسبا من اثارة مشاكل ومزيد من الارهاصات.
والان، ونحن وعصر الانفجار المعرفي والتكنولوجيا الحديثة، التي باتت تشغل الجميع وتلهيهمم، حتى كادت سبيل للاتصال والتواصل المعتمدة في اشغال الزوج نفسه بها وكادت تستهلك منه ساعات طويلة من وقته اليومي " الزوجي والعائلي " ما يؤثر قطعا هذا سلبا على العلاقة بين العائلة بصفة عامة وبين الزوجين، ومن ثم ستنولد مشاكل اخرى وجديدة تدفع احد الزوجين الى التزام الصمت كوسيلة للتعبير عن الشعور بالنفور وعدم الارتياح في العلاقة .
ودعونا لايغفل عن بالنا بعض التعرضات التي قد تصيب الرجل ما تمنعه عن التواصل الجيد مع من حوله، كأصابته بوعكات صحية من صداع او الم اسنان، وحتى الارق وغير ذلك، ومن الرجال من يعتمد الصمت بدل لغة الحوار مع زوجة متطلبة لحوحة او لجوجة، وفي المقابل غياب الرجل ساعات طويلة عن بيته وعائلته، بسبب التزامات او عمل او وظيفة، ينهك الزوجة ويضعف قدرتها في التواصل مع الزوج بشكل جيد حسن .
بعد هذا، ليس لنا ان نترك العنان للفشل او لسالب وسيء النتائج، عليه يتوجب على الشريكين ـ الزوجين، ادراك مدى عمق مشكلة الصمت ومواجهتها بدل التغاضي عنها والاختباء منها، وقطعا باستمرار الحوار الجيد بين الطرفين، بما يتلائم واهتمامات الطرف الصامت، لانتاج ابعاد جديدة في الحوار يفيدهما كلاهما، وللتحكم بالانفعالات النفسية، خاصة عند التعرض لسوء تفاهم أو خلاف عائلي بين الزوجين، له الاثر الكبير والنتيجة الطيبة ( ادراك المشكلة ـ مشكلة الصمت )، على خلاف وعكس لو كان هناك تهديد بالقطيعة او الانفصال، لان هذا التهديد والوعيد قد يفقد الثقة بينهما، حتى تنفقد الرغبة في تواصل اي الطرفين مع الاخر، ويمكن من خلق وابتكار او انتاج وايجاد اجواء جديدة متحولة غير ما كانت عليه قبل الخلاف الصامت من اي الطرفين، بل ومن كلاهما، قد منه يستجذب ويجذب الطرف الاخر للحديث والتحدث في مشكلة الصمت، فكل تغيير نحو الاحسن له ايجابياته الطيبة ونتائجه الحسنة، ناهيك عن الحرص في الا يدخل طرف ثالث في الموضوع والا يشرك اي فرد من عائلة اي طرف ولا اصدقاء، فالاشراك قد يؤدي الى احراج اي الزوجين، وبالتالي قد يؤول الى عزلته او انطوائه، حتى تصرف الرغبة في الحديث او التواصل، ثم هناك بادرة ومبادرة طيبة لو سعى احد الزوجين الى تحقيقها، هي في الاهتمام بميول ورغبات الاخر، كأن يهتم الزوج بتوجهات او ثقافة الزوجة ومحاولة ايجاد طرق تواصل عن طريق ابداء رأي او مشورة او حتى عرض فكرة وان لم تكن تخص الطرف الاخر، وهذا ينسحب على الزوجة ايضا وليس حصرا بالزوج، ولا ننسى ان في بلاد الغرب يتوجه الزوجان الى خبراء في العلاقات الزوجية والاسرية، او حتى استشاري نفسي، خاصة ان وقف على ان احد الزوجين يعاني بشكل او اخر من معوقات او مشكلات نفسية تعيق تواصله والتزاماته الزوجية وحتى الاجتماعية، ومن الجميل والجيد ان يدرك الازواج ما هية المشاكل التي يعاني منها احدهم، والسعي الى اعانته وتقديم المساعدة لاجتيازها، وتجنب رتابة الحديث الذي قد يعزي الى الصمت حتى وان كان امر الموضوع يخص الاطفال مشكلاتهم ومسؤلياتهم، لانها كبيرة الاعباء وكثيرة، وهنا الشراكة في تحملها وتبنيها يخفف الضغوط والاعباء المتراكبة، وما هذه المؤشرات الا توجيهات ان لم نصائح تختزل الصمت وتدفع الى التواصل، ثم لتشرع الابواب وتزهر الشرفات بدل ان تكون صامته .