كثر الحديث عن المسؤولية الاجتماعية ومفهومها هذه الأيام ويحاول الجميع تطبيقها في الأسرة وفي مؤسسات المجتمع المحلي المختلفة ، ولكن البداية تكون في غرسها في الأسرة المؤسسة الأولى لنواة المجتمع وهي التي تبني شخصية الفرد.
وكما هو معرف فإن الفكر التربوي السائد يرتكز على تعليم الطفل الاعتماد على النفس وتقديم العون للآخرين منذ الصغر وللأسف الأمر هذا غير متوفر كما ينبغي في مجتمعنا .
وأجتهد المؤسسات على تنظيم ملتقيات خاصة بالمسؤولية المجتمعية وتناسوا أن رحلة المسؤولية لدى الطفل قد تبدأ في السادسة من عمره تزامنا مع دخوله المدرسة بمراحلها المختلفة حين ينفتح على العالم خارج بيته. أو ربما يؤجل تعليمه ذلك فيرى البعض أن ابتعاده عن أهله وتحمله للمسؤولية سيربيه ويعلمه، ويكتفون بتحقيق كل رغباته واحتياجاته واتخاذ قراراته بأنفسهم.
وواجب الآباء أن يبدؤوا بإرساء دعائم ثقافة المسؤولية الاجتماعية منذ سن الثالثة،لأنها مرحلة بدء تكوين الشخصية في ترسخ العادات لدى الطفل حين يبدأ بتكوين صداقات وزرع بعض الأفكار بنفسه عن طريق الحديث عنها،ليقوم بتشكيل رابط ما قد يقترفه من ممارسات وما بين بعض الصفات غير الحميدة التي تعلمها أو سمع عنها .
يعتمد تأصيل مفهوم المسؤولية الذاتية بزرع الثقة والاعتماد على النفس وبتجاهل الأخطاء أولا وفسح المجال أمام الطفل لإصلاحها بمفرده مع التوجيه والنصح والإرشاد والتدخل يؤدي إلى التهلكة أحيانا فعلى الآباء أن يكونوا حكماء في تقديرهم لخطورة موقف ما و عدم تحكيم العاطفة لاسيما إن بذل جهدا ولم يفلح في أمر ما، فتعليمه تقبل هذا الشعور بصورة عملية تعكس كيفية التعبير بهدوء دون فقدان للسيطرة على النفس كي لا يؤذى نفسيا.
وتتأصل المسؤولية الذاتية بما يفسح المجال أمام الطفل ليكون مسئولا عن اتخاذ قراراته التي تبدو بسيطة، ليقرر بنفسه اختيار أشياءه . ثم تهيئته ليكون ذا شخصية مستقلة لديه خصوصيات علينا احترامها، وباحترامه لخصوصيات الغير. حينها تزرع فيه فكرة ذلك.
وفي حالة ترسخ مفهومها بنفسه سيتعب كثيرا وسيمضي الوقت وهو يحاول التأقلم والتوازن، وقد يلحق بدوامة الفشل الدراسي أو الاجتماعي والأسري.
أن بعض التنظير يفشل أمام الواقع ولكن عظم المسؤولية يحتم على الأم أولا لكثرة ملازمتها للطفل والأب ليصلحا ذلك برصد ردود أفعاله وطرق معالجته للأمور، بأن يكونا القدوة السوية العاقلة الواعية له . ليدركا قبل أن ينجبوا أطفالا أنهم مسئولون أمام الله ثم المجتمع على تنشئة نفس بشرية تحتاج إلى جوانب عدة أهمها النفسية والفكرية والبدنية مع مراحل نموه وترعرعه لتخرج بصورة مكتملة ، فعليهما أن يحضرا دورات تعليم وتربية قبل أن يأخذا قرار الإنجاب. فالبحث عن الطرق السليمة في ظل التطور السائد أصباح متاحا ليدركوا أن الأمر جلل ويحتاج منهما معا إلى وعي بعظم المسؤولية التي تقع عليهم.