هنا.. هل ستتفهمني المرأة التي دافعت عنها كثيرا حتى ألبسني الرجال- بسببهاـ حلة مائية وكتبوا عليها: (نصير المرأة)!! وهل أستطيع أن أوصل صوتي للعالم اللطيف بالنعومة نفسها، أم أنني وضعت يدي في عُشِّ الدبابير؟!!
فرح صاحبي بإلغاء العقد مع جهة استأجرت عمارته؛ لتكون سكنا لطالباتها الكريمات، واضطرـ بعد أن رأى ما رأى- أن يجدد قشرتها الداخلية والخارجية، والمواسير، وكثيرا من خدماتها الخاصة، بسبب ما تراكم فيها من مخلفات (أكرم الله من يقرأ)، ورأى الفارق الكبير، بل ورأيت أنا معه كذلك: كيف حولتها الجهة الرجالية التي استأجرتها منه إلى تحفة جميلة في غاية النظافة، وراح، ورحتُ أتعجب من هذه الحال!! كيف يكون الرجل أكثر عناية من المرأة بالنظافة في المكان العام الذي يستخدمه، ويتردد عليه، ويعيش فيه، والمرأة هي عنوان النظافة؟!
وهو ما لاحظه المسؤولون في بعض المؤسسات التعليمية العليا، كيف تتحول الكلية أو القاعة أو المطعم بعد أي اجتماع أو حفل أو أي نشاط يضم نخبة المجتمع النسائي، والطبقة المثقفة والمتعلمة منه، ويحتوي على كثير من المفاهيم والقيم الوطنية، وبعد كل هذا الحديث تترك بعض السيدات والفتيات ما في يدها من مخلفات في مكانها، وتحت مقعدها، وترمي البقية في طريقها، وربما إلى جوار صندوق النفايات، ولكنها. أبدا لا تكلف نفسها أن تضعه في داخله.
وهو ما نجده في حدائق العائلات، حيث تكون أسوأ حالا من حدائق الشباب بفارق كبير، ولست أحمِّلُ المرأة وحدها هذا الهدر لمقدرات الوطن، بل يشاركها كل فرد من أفراد الأسرة تواجد معها في هذا المكان الذي ليس ملكا لشخص محدد، ولكنه ملك للجميع، ولكني أسأل مثل هذه المرأة: لو كانت هذه الجلسة وهذا السمر في بيتك، هل ستقبلين أن يقوم الجميع ويتعمدوا إلقاء كل ما خلفوه من أطعمة وأشربة وأكياس ومناديل في مكانهم ثم ينصرفون ليتركوك تقومين بتجميعها، وإلقائها في مكانها المخصص؟!
لو كنت ضيفة عند إحدى صديقاتك وفي يدك منديل تريدين التخلص منه، هل سترمينه على الأرض وتنصرفين وهي تشاهدك تفعلين ذلك؟!
بالتأكيد ليس كل النساء كذلك، فهناك نماذج عليا، تحمل رسالة النظافة إيمانا منها بها، واحتسابا عند الله أجرها، ووعيا وطنيا يجعلها تتذكر دائما أن المرأة نصف المجتمع وهي التي تربي النصف الآخر، فأية قيمة تفقدها فقد يفقدها الجيل الذي يتربى على يدها.
لست هنا أزكي الرجل فقد يقع منه أسوأ منظر يصدمني كلما ارتكب جرمه أمامي، حين يفتح أحدهم نافذة السيارة ويرمي في الشارع النظيف علبة أو قشور مكسرات التهمها، أو أعقاب سجائر أحرق بها كبده!! ولكني أجد أن المرأة ألصق بقضية النظافة الشخصية والعامة منه، كونها المسؤولة عنها في منزلها، ومع صغارها، ومبالغتها فيها في نظافتها الشخصية.
إنها عقيدة نقية نقاء المطر وأطهر.. عقديتنا التي تعد النظافة فيها طهارة، والاغتسال والوضوء فرائض وليست نوافل فقط، القذارة في الأماكن العامة مصيبة كبرى شوهت سمعتنا في بيئات عالمية تجعلك في حيرة من أمرك، حين ترى الشوارع والحدائق نظيفة، ولا ترى رجال النظافة، كما في ماليزيا واليابان!! ذلك لأنها أصبحت لديهم قضية تخص كل فرد، وليست مسؤولية دولة فقط!!
ومن العجيب جدا أنك ترى حتى المكان المخصص للنساء في المسجد في شهر رمضان المبارك أقل نظافة وترتيبا من مكان الرجال، فالمناديل تنتشر فيه انتشار الجراد، والسجادات مرمية دون تنظيم، والمصاحف لا توضع في أماكنها الطبيعية، وكان المتوقع العكس تماما، فالتنظيف والترتيب من خصوصيات المرأة أكثر من الرجل في المنزل، فلماذا يقل هذا الشعور في المسجد، مع أن المفترض أن يكون الحرص على النظافة في المسجد بدافع شرعي، حرصا على نزاهة المكان المعد للصلاة والعبادة من القذارة، ولتترك المرأة أثرا طيبا في البيت الذي استضافها شهرا كاملا، ولكي تحظى بالأجر الذي جاءت وتركت بيتها من أجله، وهو ما تجده في مصليات الطرق، فمهما كان مستوى مصلى الرجال من سوء النظافة في بعض مساجد الطرق، فإن مستوى مصلى النساء أكثر سوءا!!
أعتز بك أيتها المرأة حين أجبت سؤالي: لماذا المرأة تفعل كل ذلك خارج منزلها ولا تفعله في داخله؟ فقلت: أبدا.. النظيف.. نظيف.. فمن كان داخله نظيفا، ويؤمن بهذه القيمة، فسوف يكون نظيفا في أي مكان.. ولو كان في الربع الخالي، فسلوكناـ دائماـ يعكس- إيماننا بالقيم التي تبوصل حياتنا.