باكر صبوحك اهنىء العيش باكره فقد ترنم فوق الايك طائره
هذا البيت يتربع في قلبي منذ اكثر من عشرين عاما ، والشاعر وان كان يقصد به الحث على بدء اليوم باكرا للتمتع بمزايا الصباح كالتعرض لنسمة لطيفه والاستماع لتغريدة عصفور ، فان ذلك ينسحب أيضا على كيف يحيا الانسان في صدر شبابه ، هل يفعل ما يحب ، هل يبدأ كما يريد ، هل يغتنم الفرص ، ام تجبره الظروف على التنازل عن احلامه لقاء عمل عقيم ، هل يرضى بالموجود في انتظار المأمول ؟ وماذا لو جاء المأمول في غير اوانه ؟
فالعمر كالكأس تستحلى اوائله لكنه ربما مُجت اواخـــره
كم تمنيت ان ابتدأ حياتي في بلاد بعيدة ترفل باثواب الخضرة والجمال ، اصادق امواج البحر على شاطىء منسي ، اتسكع في شوارع مدن مجهولة ، احتسي كوب قهوة من على شرفة مقهى تصدح في جنباته موسيقى هادئه .اقرأ ديوان شعر في مقعد بحديقة نوافيرها تناغي ازهارها .
كم تمنيت ان اقضي شبابي في بناء مجد ادبي بدل المكوث خلف مكتب في وظيفة لم اخترها ولم احبها ، وظيفة لم تعطني شيئا بل انها سلبت مني براءتي .
اما وقد بات العمر الان وراء ظهري ، وحيل بيني وبين ما اشتهي ، فقد قررت ان اتصرف بما تبقى لي من ايام وكأني اعدل على لوحة رسمها القدر ، اتصرف بها في حدود المتاح لي ، اضرب بفرشاتي هنا واضيف قليلا من الرتوش هناك .
اليوم انا على اعتاب مغامرة لعلي استعيد بها شيئا من دهشة الطفولة او اندفاع الشباب .
ليتني للتو ابتدءُ حياتي ..