ليس سهلاً أبداً على المرأة أن تسير بمفردها في شوارع المغرب دون أن تتعرض للتحرش الجنسي خاصة في مدينتي الرباط ومراكش.
تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي رصد تلك الظاهرة التي باتت تؤرق نساء المغرب دون التفرقة بين محجبة أو بدون حجاب.
تتحدث غزلان أهبلان لبي بي سي كيف أن كلمة "باغية" تلقى على مسامع النساء عند الأبواب زهرية اللون ومن أفواه راكبي الدراجات البخارية اللاهثين الذين يجوبون شوارع المدينة المختنقة.
وتقول غزلان التي تعمل بأحد الفنادق: "أي شيء تفعلينه يجعل منكِ باغية في المغرب، فإذا وضعتِ أحمر شفاه فأنتِ باغية، وحتى إذا كنتِ مرتدية الحجاب فأنتِ باغية أيضاً".
غزلان مثلها مثل الكثير من النساء بالمغرب تتعرض للتحرش الجنسي بصفة يومية تقريباً، لكنها عقدت العزم منذ عدة أعوام على أن تحارب هذه الإهانة.
خطة غزلان
وتعتمد خطتها على المشاجرة مع الشخص المتحرش وفضحه على الملأ؛ مم سيصعِّب الأمر على الرجال الذين يتحرشون بالنساء في الشوارع سواء لفظياً أو جسدياً لأنهم سيقعون في مأزق حينها أو على الأقل سيشعرون بالحرج.
وتضيف لـ"بي بي سي" "فالرجل الذي يغمغم بجانبها: "ساقاك جميلتان" ستتشاجر معه بمنتصف الطريق، أو حتى ستتهم الشخص الذي سيلقي على مسمعها جملة جنسية في البنك مثلاً بالسرقة علناً. وتضيف غزلان: "ينبغي أن يزيد عدد من يستنكرون هذا التصرف المشين، فالرجال في بلدي لا يعلمون متى يجب أن يتوقفوا".
وتعترف غزلان أنها ليست امرأة مغربية تقليدية بدرجة الماجستير التي حصلت عليها وتنورتها القصيرة، لكنها بالتأكيد ليست وحدها في محاربة التحرش الجنسي.
وتقول: "أحلم بأن تستطيع النساء المغربيات تعلُّم كيفية إيقاف التحرش الجنسي، وأحلم بأن تحطِّم النساء أوجه الرجال الذين يتحرشون بهن".
تقول لبي بي سي أنها حاولت أن تبدأ دورة تدريبية لتعليم السيدات الدفاع عن النفس لكن كان ضرورياً أن تتقدم بطلب لتحصل على إذن من الدولة التي تجاهلت طلبها، فاضطرت بدلاً من ذلك أن تواجه المتحرشين بالشوارع بنفسها واحداً تلو الآخر.
وتقول: "عندما يحاول أحد أن يلمسني أصرخ في وجهه قائلة: "لماذا تفعل ذلك؟" لكنني لا أحصل أبداً على رد فعل إيجابي فهؤلاء الرجال لا يفهمون".
قانون ضد التحرش
ويدرس البرلمان الحالي مشروع قانون لمعاقبة المتحرش، وعرّف مشروع القانون الجديد مرتكب التحرش الجنسي بـ”كل من يمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية”
ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين أو غرامة من ألف إلى ثلاثة آلاف درهم، كما تُضاعف تلك العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلاً في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية، وترتفع تلك العقوبات إلى السجن من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة تصل إلى خمسين ألف درهم (5 ألاف دولار) إذا كان الجاني من أحد الأصول أو المحارم، أو له سلطة أو ولاية على الضحية أو مكلفاً برعايتها.
كما جرم القانون العديد من الأفعال منها المساس بحرمة جسد المرأة عبر “تسجيل بالصوت أو الصورة أو أي فعل جنسي بطبيعته أو بحكم غرضه يترتب عنه تشهير أو إساءة إليها”، ويعاقب مرتكب تلك الأفعال بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى عشرة آلاف درهم، كما تضاعف هذه العقوبات في حالة العود أو إذا ما كان مرتكب هذه الأفعال زوجاً للضحية أو أحد أصولها.
ولا يتسبب التحرش بالشوارع بشعور المرأة المغربية بالاختناق والامتهان فقط، بل يحدّ من حريتهن في الحصول على التعليم، والذهاب إلى العمل، والشعور بالأمان في المكان الذي يُسمونه وطناً.
وبالرغم من أن تغيير الثقافة والسلوكيات قد يستغرق عقوداً إلا أن تعديل قانون التحرش الجنسي سيرسل رسالة واضحة -على المدى القصير- تبيّن ما هو مقبول وما هو غير ذلك، وسيحدد من سيفلت من العقاب ومن لن يستطيع النجاة بفعلته.