تعتبر شرطة دبي أول جهاز أمني خليجي يضم المرأة إلى كوادره، في بلد لا يتوقف فيه طموح النساء عند حدّ. وبعد هذا الإنجاز الريادي تقف اليوم في مقر القيادة العامة لشرطة دبي، فرقة الحراسات الخاصة من الشرطيات الإماراتيات استعدادا لتنفيذ مهام أمنية لحماية كبار الشخصيات.
وهؤلاء الشرطيات رفضن المهن النسائية التقليدية واخترن المجال الأمني لحماية الشخصيات الذي يتطلب احتراف استخدام السلاح، وفنون القتال وقيادة المركبات والقفز منها، ليتفوقن في مجال ظل لسنوات طويلة حكرا على الرجال. وتمضي الفرقة النسائية لحماية الشخصيات، ساعات عدة يومية في تدريبات شاقة على الألعاب القتالية، وقيادة السيارات والمداهمة واقتحام المباني وتحرير الرهائن والقبض على الخاطفين. وفي شوارع دبي، تخترق الشرطيات الإماراتيات الطرق وهن يقدن سيارات الشرطة، وتتحرك البعض منهن في موكب الدرجات النارية للشرطة، ليحمين شخصيات هامة.
وقالت الرقيب إيمان سالم التي تعمل منذ أكثر من 20 عاما في مجال حماية الشخصيات “كل يوم يمر علي يزيدني تعلقا بمهنتي ويولد داخلي إصرارا للاستمرار فيها وتأدية مهامي على أكمل وجه”، موضحة أنها كانت على يقين أن عملها الجديد سيمنحها الفرصة الكـبرى للتميز والنجاح وتثبيت قدميها في مجال صعب ظل سنوات طويلة حكرا على الرجال، ورغم صعوبة ومشقة التدريبات التي يلتحق بها فريق الرقيب إيمان النسائي فإن التدرب يضاعف يوميا من مهاراتهن وقدراتهن على أداء مهمتهن على أكمل وجه.
وترى الرقيب إيمان أن “الانخراط في هذا المجال تحدّ كبير، فعملنا شاق وصعب، ويتطلب منا دائما تطوير قدراتنا وتعزيزها باللياقة البدنية، حتى نتمتع بالقوة والسرعة في ردة الفعل والاستعداد بالحركة المناسبة للتصرف إزاء المواقف والحالات الطارئة”. ويتمحور دور الفرق النسائية لحماية الشخصيات في التعامل مع الجمهور النسائي والشخصيات النسوية سواء الموجودة في الإمارات العربية المتحدة أو الزائرة، ومراعاة أصول وقواعد التعامل معهن.
وتعد المرأة أكثر استعدادا واحترافية من الرجال في هذه المهنة الشاقة حسب المقدم عبيد مبارك بن يعروف، مدير إدارة أمن وحماية الشخصيات، الذي قال إن عملية اختيار الشرطيات تتم وفقا لمعايير محددة، للالتحاق بدورات تأسيسية في الرماية والألعاب القتالية، وفي حماية الشخصيات وقيادة السيارات والدراجات، كما يخضعن لدورات تقدمية على أيدي خبراء محليين وفقا لأعلى المعايير العالمية.
ولا يقتصر تدريب النساء على قسمي حماية الشخصيات وقيادة الدراجات، بل يتعدى إلى تدريبهن على عمليات المداهمة والاقتحام وتحرير الرهائن والقبض على الخاطفين. وتقول العريف ريسة جاسم التي التحقت بمجال حماية الشخصيات منذ أكثر من عشر سنوات أن جميع عناصر الفريق النسائي التحقن بدورات تأسيسية في فنون الرماية والرياضة واللياقة البدنية في أكاديمية الشرطة بدبي، وبعد انضمامهن إلى فريق حماية الشخصيات بدأن بممارسة تدريبات أخرى تتسم بخطورة وتحدّ أكثر، كالنزول من بنايات مرتفعة، واستخدام مختلف الأسلحة وكذلك الوقوف والحركة والقفز من السيارات المتحركة.
وأضافت أن التكليفات التي أسندت إليها والتدريبات الدورية التي خضعت لها ساعدتها على التغلب على خوفها واكتساب كافة فنون اجتياز الصعوبات، وأنها نجحت هي وباقي عناصر فريقها في إثبات جدارتهن كفتيات في مجال خطير وصعب. ويمكن أن تفرض ظروف هذه المهنة على الشرطيات العمل لأكثر من 12 ساعة يوميا، حيث يتطلب ذلك تضحيات كبيرة منهن حتى يستطعن التوفيق بين البيت ومهامهن اليومية من تدريبات شاقة وصعبة في ظل درجات حرارة عالية. وتعد شرطة دبي الأولى في منطقة الخليج التي تدمج عمل حماية الشخصيات مع فنيات قيادة الدراجات النارية. ووفرت إدارة أمن وحماية الشخصيات الحماية لـ523 شخصية منذ عام 2015، وقامت بتأمين 1009 فعاليات ومعرض ومؤتمر واحتفال.
وعن الصعوبات والتحديات المجتمعية التي تواجهها، لكونها امرأة تعمل في عالم حماية الشخصيات، قالت الرقيب أول رقية أحمد محمد أنها لم تواجه أي رفض من قبل أسرتها للالتحاق بالمجال الأمني خاصة أن نشأتها وحيدة بين مجموعة من الأشقاء الذكور جعلها تجيد فنون قيادة الدراجات النارية وتحترفها منذ صغرها، ما أهلها لأن تكون عضوا بفريق شرطة الدراجات النارية الذي تم تأسيسه منذ عدة سنوات. ولم تعد نظرة المجتمع للفتيات اللواتي يقتحمن الميادين مع الرجال في الإمارات كما كانت في السابق، حيث أصبح ينظر إلى المرأة بتقدير واحترام لإمكانياتها ولما حققّته من إنجازات.