بلغ الزمن سوءاً فأصبح كلّ شيء مباحاً على الشاشة. حتى إحضار هرٍّ من أجل التنكيت الرخيص غير الصالح للعرض. أخبرنا #فؤاد_يمّين قبل انطلاق برنامجه بأنّه سيحذر الانزلاق إلى الوضعيات الهابطة، وسيوازي بين الدعابة الجنسية- إن لزم الأمر- والترفيه. انطلق "نقشت" ("أل بي سي آي")، وتبيّن العكس: البرنامج أفرغ على الشاشة نوعاً من الانترتينمنت اللزج. كان الظنّ أنّ اسم #رلى_سعد (إعداد وإشراف) يرتبط في الغالب بمضمون لا يتسبّب بنفور على مستوى النوع. أفسدت القطط والنكات حولها أيّ انطباع طيب حول البرنامج. صحيح أنّه قادر على إمساك المُشاهد، وجعله ربما يتورّط به، ويجد نفسه بعد طول نهار يتابع ويغرّد، لكنّه جذبٌ وجوده يساوي قلّته.
ليس البرنامج جدياً، نعلم ذلك. وليس عميقاً، أيضاً نعلم ذلك. لكنّ غياب الجدية والعمق لا يبرّر له تقديم المرأة بصورة مسلّعة، مثل عروض البيع والشراء في سوق الجملة. ٣٠ شابة في مقابل شاب عليه اقناعهن بمواعدته، ومَن يدري، قد يتمّ النصيب إن حلَّ كيمياء الحبّ ودقّ القلب، أو ربما اكتفى الطرفان بالاتفاق والنظرة إلى المصالح المشتركة. وقد لا يحدث زواج ولا تعمّر أفراحٌ في ديار أحد. ذلك رهن الانسجام والقضاء والقدر. لا بأس بفكرة البرنامج (معرّب عن البرنامج الأجنبي "take me out")، لو لم يجد أمامه سوى الرخاوة للإطلالة على المُشاهد. كان ينقص التلفزيون كمية من الفتيات بين فؤاد يمّين ونكاته البائسة. بين الجُملة والجُملة، إيحاء جنسي يظهر أنّ من دونه يفقد البرنامج وجوده. هنا الإشكالية. ماذا يبقى من "نقشت" لو تحلّى ببعض الرقي التلفزيوني؟ سؤال إلى رلى سعد التي فاتها فارقٌ كبير بين العفوية والابتذال. فارقٌ كبير جداً، يا للأسف، لم تكترث له.
"عالطيب عالطيب، قرّب قرّب عالطيب، عالطيب عالطيب، دقلك شقفة من الطيب"، فعلاً تناسب "بطيخ" فارس كرم البرنامج. تنقل الحلقات صورة لا تُحسد عليها الفتاة اللبنانية: مِحن، استماتة على رجل، سهولة الوصول إليها. عدا ذلك، تظهر غالباً في صورة الساذجة التي تثير ضحك الآخرين. ثم يُطلعك البرنامج بأنه "يعكس المجتمع اللبناني". أيّ مجتمع يا رجل؟ أيّ انعكاسات مدام رلى؟ هل هذه الصورة التي يُراد أن تُعرف بها المرأة اللبنانية عبر الفضائيات؟ المرأة ذات الفمّ الرخو والفكر الغائب (هذا ما توحي به غالبية المشتركات). أم امرأة على هيئة القطّ وصاحبته وما يُقدَّم من ميوعة؟ مُستغرب أن يُفرَّغ البرنامج إلى هذا الحدّ وتقدّمه "أل بي سي آي" على هوائها، مؤكدة عبره الصورة السطحية المُلصقة بالشاشات اللبنانية.
بعض الفتيات أمام بعض الشبان، "جرصة". تكاد ترتمين تحت قدميه. بالله عليكَ إقبلْ بي، تكاد تتوسّلن. ماذا دهاكنّ؟ "جذبني"، تقول بأنفاس لاهثة. "شوية شدشدة" للحلق والعقل، لا تشكو من شيء. يا صبايا لبنان، يا بعضكنّ الفارغ.