كثُر الحديث في الآونة الاخيرة عن الزواج الثاني .. وهنا اقصد كلا الجنسين الرجل والمرأة. اذ انتشرت مؤخرا ظاهرة الزواج الثاني على مختلف انواعه « العلني والسري».
ان تعدد الزوجات جائز في الكثير من الشرائع مثل الإسلام وبعض الطوائف المسيحية واليهودية. في حين تبيح قوانين بعض الدول تعدد الزوجات.. وممنوع في دول أخرى.
ويبدو أن الجدل في موضوع «تعدد الزيجات» كُتب عليه ألا ينتهي بين الرجال والنساء في المجتمعات العربية، وسبب لجوء الرجل أو المرأة إلى الزواج الثاني.
نعم هذا الموضوع حساس جدا، ولاسيما اذا ذكر في مجلس ما، وكأن الموضوع جريمة، اوانتهاك صارخ لحقوق الانسان، اولحقوق الزوجة الاولى اوالزوج .
لكن ابتعاد الناس عن شرع ديننا الحنيف جعلهم يجتهدون ويفسرون الامور كلا على مزاجه، وينسون ان هذا الدين دستورمتكامل .
بصراحة حينما فكرت بالكتابة عن هذا الموضوع كنت امتلك فكرة غير واضحة عن المتزوجات برجال متزوجين، ولكن عقب التقصي وقبيل الانتهاء من الكتابة وجدت ان الزوجة الثانية تعيش حياتها بقناعة وسعادة نوعا ما اسوة بغيرها، كما تبيّن لي ان الدور المحوري للزوج في كيفية ادامة سعادته وسعادة حياة زوجتيه من خلال التعامل الحكيم والإنصاف لهن.
ذكر الله عز وجل تعدد الزوجات في القرآن في سورة النساء: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
قد احل الإسلام تعدد الزوجات ولكن بشروط، أهمها « العدل « ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)) ..فإن لم يكن الرجل يملك هذا الشرط فلا يحق له التعدد..ويكون العدل في كل مرافق الحياة في المسكن والمأكل والمشرب والملبس .. فلا يُفَرِقْ بين الاولى والثانية في المال اوالمبيت .
وايضا نقف قليلا عند الخوف .. والخوف هو شعور الشَّخص بنوع من الخشية والاضطراب، بسبب توقعه من اقتراب مكروه منه.
لقد أولى ديننا العظيم الرعاية والعناية لكل امرأة, وأمر بإعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة, وأمر برعايتها واحترامها والرفق بها.
لكن البعض يصور الزواج الثاني « شبح « قد يؤدي بالحياة الزوجية إلى الانهيار والدمار.. وهذا كلام غير دقيق نوعا ما .
قد تكون خلف أبواب مغلقة, تقبع معاناة خفية وحقيقية لـ» رجل أو امرأة «، لا يستطيعان الإعلان عما يؤلمهما ، أو يزعجهما .
هنا نقف عند الزوجة الثانية ..وربما كانت تلك الزوجة مطلقة أو أرملة , لها تجربة في الحياة قاسية , وأرادت من زواجها الثاني تحسين ظروفها المعيشية, وطاعة ربها , والاستمرار في إكمال دورها كزوجة وأم صالحة ، وصاحبة مسؤولية مؤثرة .. ولكن هل تجد فعلا في « الزواج الثاني» الـ»ضرّة « السعادة التي تبحث عنها ؟
أقول ..قد لاتجد في بداية الامر السعادة، لانها تتعرض لـ» معاناة» سواء من المجتمع المحيط بها , اواضطهاد من الزوجة الأولى، أو من نظرات النساء ممن حولها.
وكثيرة هي الآراء السائدة..منها «الزوجة الثانية هي المدللة» ، أم إن « الأولى تحلا ولو كانت وحلة» حسب المثل الشعبي الدارج.
قبل ايام سمعت قصة مؤلمة نوعا عند النساء، روتها لي امرأة مقربة مني ومن صاحبة القصة .. وهي ان رجلا تزوج على امرأته في السر، وانكشف امره فيما بعد، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد ..سألت المرأة التي نقلت القصة..هل تعتقدين ان هناك جريمة .. اجابت على عجالة .. نعم، قلت وكيف.. قالت هذه المرأة تعبت مع زوجها واشترت بيتا، لأنها كانت موظفة، وايضا تعمل على تجهيز بعض الاسر بالمواد الكهربائية والمنزلية « بالتقسيط « ..قلت لها اذا هي شاطرة.. اجابت ايضا « نعم بكل تأكيد» .. وعندما سألت عن زوجها تبين لي انه مهندس كان بسيطا، لكنه اصبح ناجحا مع مرور الوقت .. هنا التمست جانبا مهما كان سببا قويا لتفكير الزوج بـ»الزواج الثاني» .. وهو « الإهمال» ..لان الحياة ليست مشاريع تجارية ونقود فقط، بل هي مشاعر واحاسيس ونظم متكاملة .
وعندما شعر الزوج بالاهمال ، وجد ان الامور لم تعد تطاق ..وهو لايستطيع ان يهدم بيته، لأنه أب لعدة أولاد وبنات ..فكر في الزواج سرا . هنا اعتقد الوضع اختلف ولم يعد «جريمة» كما وصفتها صاحبة القصة، بل هي نتيجة متوقعة نوعا ما بسبب « الاهمال».
اقول.. أنّ بعض قوانين الأحوال الشخصيّة ، تجيز تعدّد الزوجات بإذن القاضي، والقدرة الماديّة للزوج، وأن تتوافر مصلحة مشروعة في الزواج مرّة أخرى.. مثل مرض الزوجة الأولى بشكل يمنعها من أداء واجباتها تجاه الزوج، او عدم قدرتها على انجاب الأطفال الذي يعد امرا هاما في استمرار الزواج .