مرة أخرى خلال أشهر تبرز على السطح أهمية إستخدام الكلمات بدقة متناهية خاصة في النصوص القانونيةوالإستخدامات الرسمية لما يترتب على إستخدامها من آثار مختلفة وفي مقدمتها الآثار القانونية والإجراءات الرسمية والمعرفة العلمية والموضوعية.
فقد أعادت المعلومات الواردة في بيان "تضامن" يوم أمس حول نسب الزواج المبكر في الأردن وإختلافها ما بين دائرة قاضي القضاة (13.4% عام 2015) ودائرة الإحصاءات العامة (19.7% عام 2015)، أعادت للذهن الخلاف الذي إحيل في النهاية الى ديوان تفسير القوانين حول سن الناخب لتوضيح المقصود بكلمتي "أكمل" و "بلغ" في قانون الإنتخاب لمجلس النواب رقم 6 لعام 2016.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أنها تلقت إتصالاً هاتفياً من دائرة قاضي القضاة لتوضيح سبب إختلاف النسب المتعلقة بالزواج المبكر والوارده في تقريرها السنوي وتلك الواردة في تقرير دائرة الإحصاءات العامة، على الرغم من تطابق العدد الإجمالي لعقود الزواج عام 2015 والبالغة 81373 عقداً ما بين التقريرين، إلا أن الإختلافات كانت واضحة في تقسيم الفئات العمرية.
وأوضحت دائرة قاضي القضاة على لسان الدكتور أشرف العمري بأن الفئة العمرية (15-18 عاماً) تشمل الزوجات اللاتي بلغن وأكملن الـ 17 عاماً وبلغن اليوم الأول لسنتهن الـ 18 ، ووفقاً لذلك فإن عدد عقود زواج القاصرات هي 10866 وبنسبة 13.4%.
أما ما ورد بتقرير دائرة الإحصاءات العامة فإن الفئة العمرية (15-18 عاماً) تشمل الزوجات اللاتي بلغن وأكملن الـ 18 عاماً وبدأن في الـ 19 عاماً، وحسب ذلك فإن عدد عقود الزواج هي 16019 عقداً وبنسبة وصلت الى 19.7%. ولم تتمكن "تضامن" التأكد من هذه التفاصيل لتعذر الوصول الى الشخص المسؤول في دائرة الإحصاءات العامة رغم إتصالها بالدائرة.
وتشدد "تضامن" على أن نسبة الزواج المبكر البالغة 13.4% لا زالت تشكل مصدر قلق وتعتقد بأن الزواج المبكر للفتيات بما يترتب عليه من نتائج سلبية تتعلق بالتعليم والصحة ، وإهدار لإمكانياتهن وقدراتهن وفرصهن، وبما يحد من حريتهن في تحديد إختياراتهن التي تؤثر على حياتهن بشكل عام هو أمر في غاية السوء ، إلا أنها تجد الأمر أكثر سوءاً عندما يكون الزواج المبكر لكلا الزوجين أو يتم خارج نطاق التسجيل الرسمي.
وتطالب "تضامن" بالتشدد في إستخدام الإستثناءات التي تجيز الزواج المبكر للفتيات والفتيان على حد سواء ، وتطالب بمنع ووقف الزواج في حال كان كلا الزوجين أقل من 18 عاماً، وتدعو أيضاً الى تطبيق أحكام القانون ورفع العقوبة المترتبة على مخالفته خاصة في حالات الزواج العرفي والزواج خارج الدوائر الرسمية (الزواج غير المسجل)، كما تدعو الى تطبيق الحد الأدنى لسن الزواج على سن الخطبة أيضاً لكل من الخاطب والمخطوبة وبنص صريح في قانون الأحوال الشخصية للمسلمين وقوانين الطوائف المسيحية.
يشار الى أن الديوان الخاص بتفسير القوانين كان قد أصدر قراره رقم 6 بتاريخ 20/6/2016 بشأن سن الإنتخاب الوارد بقانون الإنتخاب لمجلس النواب لعام 2016، لبيان فيما إذا كانت كلمة "بلغ" الواردة في الفقرة (أ) من المادة الثالثة من قانون الإنتخاب لمجلس النواب تعني الناخب الذي أكمل السابعة عشرة من عمره وبدأ في الثامنة عشرة أم الناخب الذي أكمل الثامنة عشرة وبدأ في التاسعة عشرة من عمره.
وجاء في القرار:" نجد أنّ المشرع قد إستخدم كلمة ( بلـــــغ ) في تحديد سن من يحق له إنتخاب أعضاء مجلس النواب ، وبإستقراء نص الفقرة (ب) من المادة (10) من القانون ذاته نجد أنّ المشرع قد إستخدم كلمة (أتــــمّ) لمن يشترط فيه الترشح لعضوية مجلس النواب ، وحيث أنّ كلمة ( بلغ ) يحمل تفسيرها معنى أكمل أو أتمّ ، إلاّ أنّ ورودها ضمن السياق الوارد في نص الفقرة (أ) من المادة (3) من قانون الانتخاب ذاته يبين أنّ المقصود بها هو إدراك الناخب لسن ثماني عشرة سنة شمسية من عمره بهدف توسيع قاعدة الناخبين ، أي أنّ الناخب الذي أكمل السابعة عشرة من عمره وبدأ في سن الثامنة عشر من عمره قبل تسعين يوماً من التاريخ المحدد لإجراء الإقتــراع يحق له إنتخاب أعضاء مجلس النواب".
ويذكر أنه ورد في معجم المعاني معنى بلغ الغلام: أدرك سن الرشد، ومعنى اكمل الشيء/ أتمه، ومعنى أتم: أكمل.
لذلك تطالب "تضامن" بالمزيد من الجهد لضبط وتوحيد المصطلحات والتعبيرات القانونية وتوضيح مدلولاتها بعيداً عن إحتمالات التناقض والتباين وإختلاف الفهم والتطبيق، وتناشد الجهات المعنية سرعة معالجة أية إختلافات في هذا المجال.