الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

يحملن رسالة حبّ وأمل... فلسطينيّات يتزوّجن بالأسرى داخل السجون على الرغم من سنوات محكوميّاتهم العالية

  • 1/2
  • 2/2

رام الله - أحمد ملحم - " وكالة أخبار المرأة "

نحو 7 الاف اسير فلسطيني يقبعون في السجون الاسرائيلي، بينهم اكثر من 470 اسيرا فلسطينيا يمضون احكاما مؤبدة، الكثير منهم متزوج ولديه اطفال، يكبرون دون ان يراهم ويرعاهم، بينما البقية الذين يتقدم بهم العمر داخل السجن، يقرر بعضهم بين الحين والاخر، الارتباط وهو رغم المحكومية العالية بالسجن.
الشابّة هبة عياد (30 عاماً) من بلدة أبو ديس في شرق القدس، احتفلت في 30 أيلول/سبتمبر، بعقد قرانها، على الأسير في السجون الإسرائيليّة، منذر صنوبر (40 عاماً) من بلدة يتما في جنوب مدينة نابلس، شمال الضفّة الغربيّة.
وتعدّ عياد التي تعمل منذ 5 أعوام في مركز الدفاع عن الحريّات في رام الله، إحدى عشرات الفتيات اللواتي ارتبطن بأسرى، على الرغم من محكوميّاتهم العالية بالسجن المؤبّد، كخطيبها صنوبر المعتقل منذ 29 كانون الأوّل/ديسمبر 2003، والمحكوم بالسجن المؤبّد 4 مرّات، لمشاركته في عدة عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية.
وتؤكّد عياد ، أنّ ارتباطها بالأسير صنوبر "جاء عن قناعة تامّة وليس للتعاطف معه كونه أسيراً"، معربة عن سعادتها بهذا الارتباط، الذي تعود بدايته إلى نهاية عام 2014، حين التقاها صنوبر على أحد نوافذ السجن أثناء زيارتها لشقيقها الأسير، لتبدأ بعدها رحلتهما سويّة بالتعارف، إلى أن تقدّم أهله في 17 نيسان/أبريل 2015، إلى خطبتها من عائلتها.
واستمرّت خطبة عياد وصنوبر مدّة عام ونصف، أمضياها في الاستعداد لعقد قرانهما وفق ما تقتضيه ظروفهما، وتجهيز الأوراق الضروريّة لعقد قرانهما، وإدخال عقد الزواج إلى السجن من أجل توقيع الأسير صنوبر عليه، والذي استغرق أكثر من 4 أشهر، إلى أن تمكّن الصليب الأحمر، من إخراجه عقد الزواج وعليه توقيع صنوبر من داخل السجن، وتسليمه إلى القاضي الشرعيّ الذي أتمّ عقد قرانهما في 30 أيلول/سبتمبر، حسب ما أوضحته عياد.
وعن الأسباب التي دفعتها إلى الارتباط بأسير محكوم بعدد كبير من السنوات، قالت عياد: "هذه قناعتي، بسبب التوافق الفكريّ بيننا والانسجام والحبّ، ولأنّه مثلي يحبّ الحياة ولا يستسلم إلى الحزن، ولذلك نحن نفكّر بأمل، من دون النظر إلى سنوات سجنه وطولها".
وإذا ما كانت قد تعرّضت إلى ضغوط من عائلتها، لقرارها الارتباط بأسير، قالت عياد: "لم يكن رفضاً بقدر ما كان نصائح من بعض أفراد العائلة، بضرورة التفكير في القرار، خصوصاً أنّني أستطيع أن أتزوّج وأنجب كبقيّة الفتيات، لكنّني رفضت ولم أسمح لأحد بأن يتدخّل في قناعاتي وقراري".
عياد وبعد عقد قرانها، تقدّمت بطلب إلى وزارة الداخليّة الفلسطينيّة، من أجل تغيير الحالة الاجتماعيّة في بطاقتها الشخصيّة، من عزباء إلى متزوّجة، وتسعى الان لتقديم طلب تصريح لزيارة زوجها صنوبر داخل السجن، من أجل رؤيته ووضع خاتم الزواج في إصبعه ، وذلك إلى الطرف الإسرائيليّ، من خلال الصليب الاحمر، الجهة الوحيدة المخولة بترتيب زيارات ذوي الاسرى، لكنّ هذا الإجراء قد يتطلّب شهرين، وسط مخاوفها من رفض إعطائها تصريح زيارة من قبل الإسرائيليّين.
وسيشكّل سنّ عياد وتقدّمها في العمر هاجساً من أجل الإنجاب، سيزداد مع طول فترة اعتقال صنوبر، ممّا قد يضطرّهما إلى اللجوء إلى الزراعة، من خلال تهريب نطف زوجها، حيث تقول: "نحن حاليّاً لا نفكّر بهذا الأمر، لكنّ هذا الموضوع ليس بعيداً، خصوصاً أنّ الفتاة لها عمر محدّد للإنجاب".
ويبلغ عدد الأسرى المحكومين بالمؤبّد في السجون الإسرائيليّة نحو 470 أسيراً، بينما هناك 42 أسيراً قضوا أكثر من 20 عاماً، منهم 16 أسيراً أمضوا أكثر من 25 عاماً، حسب هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين.
قصّة عياد ليست الوحيدة، فالأسيرة المحرّرة منى قعدان (45 عاماً)، من بلدة عرابة في محافظة جنين في شمال الضفّة الغربيّة، تعدّ من أوائل الفتيات اللواتي ارتبطن بأسرى ذوي أحكام عالية (المؤبد 3 مرات)، حين تمت في عام 2000، بالأسير ابراهيم إغبارية من بلدة أمّ الفحم داخل الخطّ الأخضر.
وتقول قعدان: "تعرّفت على ابراهيم عن طريق شقيقي طارق قعدان أثناء اعتقاله، إذ تمّت خطبتنا في عام 2000"، لكنّ عقد القران تأجّل لاسباب كثيرة، ابرزها حسب منى، عدم اعتراف الصليب الاحمر بالاسرى من داخل الخط الاخضر، واعتبارهم اسرائيليين، وبالتالي رفض نقل توكيلا من الاسير لعائلته بعقد القران، اضافة الى صعوبة دخولها الى داخل الخط الاخضر، والذي يحتاج الى تصريح من السلطات الاسرائيلية.
منى التي اعتقلت 5 مرات من قبل الجيش الاسرائيلي بتهمة الانتماء الى الجهاد الاسلامي، استطاعت ان تعقد قرانها على ابراهيم، حين التقت به في السجن، في عام 2008، اذ توجها عن طريق مؤسسة يوسف الصديق داخل الخط الاخضر الى محكمة الناصرة الشرعية في 3 تمّوز/يوليو 2008 في مدينة أمّ الفحم" لعقد قرانهما بعد التقدم بطلب من قبل المؤسسة لسلطات السجون.
16 عاماً من ارتباط قعدان بإغبارية الذي ناهز عمره الخمسين، ويمضي حكماً بالسجن المؤبّد 3 مرّات في سجن ريمون، بسبب مشاركته في هجوم مسلح على معسكر للجيش الاسرائيلي عام 1992، ، أمضى منها 25 عاماً فقط، لم تغيّر السبب والدافع اللذين جعلا قعدان ترتبط بإغبارية، حيث تقول: "الفكرة الأساسيّة التي شجّعتني على الارتباط بابراهيم، هي إيماني بهذه الرسالة، وأنّ هذا الإنسان ضحّى من أجل فلسطين، وهو يستحقّ أن أضحّي من أجله، وأعطيه الأمل لكي يعيش من أجله".
وترفض السلطات الإسرائيليّة إعطاء قعدان التصريح اللازم لزيارة زوجها كونها أسيرة محرّرة، حيث تقول: "التواصل ببننا يتمّ على فترات متباعدة من خلال الرسائل الورقيّة، خصوصاً أنّ إسرائيل لا تمنحني تصاريح الزيارة، والمرّة الأخيرة التي رأيته فيها كانت في 4 أيّار/مايو 2015، حين زارني وأنا داخل السجن".
اتّساع ظاهرة ارتباط الفتيات بالأسرى داخل السجون، اعتبرها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين عيسى قراقع لـ"المونيتور"، رسالة تحمل دلائل كثيرة، أهمّها أنّ الشعب الفلسطينيّ، لا يزال يمتلك الأمل، والفتاة التي تتزوّج بأسير محكوم بالمؤبّد، دليل على الأمل والإرادة، وأنّ هذا الاعتقال لن يستمرّ.
وأكّد قراقع، أنّ هذا الارتباط، هو رسالة وفاء من نسائنا تجاه قضيّة الأسرى، وما قدّموه من تضحيات، وتجسيد للإخلاص الوطنيّ والمجتمعيّ، كما أنّه يمثّل تحدّياً من قبل الفتيات لكلّ التقاليد والأعراف المجتمعيّة السائدة.
من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح ماهر أبو زنط لـ"المونيتور" إنّ ارتباط الفتيات من أسرى ذوي أحكام عالية، ينبع من اعتبارهنّ أنّه نوع من الوطنيّة والتضحية والوفاء.
وأضاف أبو زنط أنّ هذا الارتباط سيكون له تداعيات اجتماعيّة كثيرة، أبرزها على الفتيات اللواتي سيحرمن من أن يكنّ زوجات كما بقيّة الفتيات، اي ان يكن في بيوتهن مع ازواجهن المغيبين في السجون، وبالتالي لا يستطعن الالتقاء بهم، وبناء عائلة، وأن يكنّ أمّهات لأطفال.
وعلى الرغم ممّا تقوم به إسرائيل من عرقلة ومماطلة، لبعض إجراءات الزواج ، كمنع دخول عقد الزواج إلى الأسير لتوقيعه، وحرمان الزوجة من زيارة زوجها، ورفض إعطائها التصريح اللازم للزيارة، إلّا أنّ ذلك، لا يقتل بذرة الأمل بحياة ستولد ذات يوم لدى الأسرى.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى