لم يحقق الأردن تقدما يحرز في مجال اغلاق الفجوة بين الجنسين للعام 2016، حيث بلغ مؤشر الأردن للفجوة الجندرية 0.603، والذي لم يخرجه من ذيل القائمة في المركز 134 ما بين 144 دولة، متقدما قليلا عن ما أحرزه في عام 2015 والذي بلغ 0.593، إلا انه لا زال أقل مما كان عليه عندما دخل الأردن في التقرير العالمي للفجوة الجندرية عام 2006، حيث حقق مؤشر قيمته 0.611 في ذلك العام. وجاء الاردن في المركز 12 ما بين 18 دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، متأخرا عن تسع دول عربية من بينهم الجزائر وتونس ومصر وموريتانيا ودول الخليج العربي ما عدا السعودية. كما جاء متأخرا عن معظم الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، حيث جاء في المركز 39 من بين 41 دولة متقدما فقط على لبنان وإيران.
ويقيس هذا المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي بدأ منذ عام 2006 مدى التقدم المحرز في إغلاق الفجوة بين الجنسين في أربعة مجلات وهي: الصحة وفرص الحياة، التحصيل العلمي، الفرص والمشاركة الاقتصادية، والتمكين السياسي. ويعود الانخفاض في مؤشر الأردن إلى تراجعه في مؤشري الفرص والمشاركة الاقتصادية، والتمكين السياسي، علما بأن مؤشر التمكين السياسي لم يحتسب التقدم المحرز في نسب النساء في البرلمان أو تراجعه في المناصب الوزارية للعام 2016. وفي حين اقترب الأردن من إغلاق الفجوة في مجالي الصحة وفرص الحياة (0.996) والتحصيل العلمي (0.993)، إلا أنه لا زال متأخرا في مجالي التمكين السياسي حيث جاء في المركز 123 من 144 (0.073)، وفي الفرص والمشاركة الاقتصادية في المركز 138 من بين 144 دولة (0.381) متقدما فقط على المغرب وايران واليمن والسعودية والباكستان وسوريا، علما بأن هذا المؤشر قد أظهر تحسنا طفيفا من (0.350) لعام 2015 إلى (0.381) لعام 2016، والذي يعود بحسب التقرير للتحسن القليل المحرز في فجوة الأجور من (0.63) إلى (0.64).
وبحسب التقرير فإن العوامل التي أدت إلى التراجع الكبير في المشاركة الاقتصادية تعود لانخفاض المشاركة في سوق العمل، حيث جاءت نسبة الإناث للذكور (0.22)، وفجوة الأجور، والفرق في الدخل المقدر للذكور والإناث حيث بلغت نسبة دخل الاناث إلى دخل الذكور (0.17).
وتؤكد اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة أنه بالرغم من أن هذا المؤشر لا يقيس واقع المرأة من حيث الحقوق، والحريات، والمساواة في التشريعات، إلا أن التراجع في هذه المؤشرات يعكس في معظم الأحيان التحديات الاجتماعية والتشريعية التي تواجه فرص المرأة ومشاركتها في الفضاء العام وحصولها على حقوقها التي أرسيت لها في القانون، كما تعكس غياب السياسات والخطط الداعمة لتمكين المرأة، وعدم تخصيص الموازنات لتنفيذ الخطط والبرامج التي تسعى إلى ذلك. فبالرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة الأردنية إلا أنه لا يزال دون الطموحات، حيث أن الجهود المبذولة من قبل الحكومة وقوى المجتمع المدني غير كافية لمواجهة التحديات، مما يتطلب مراجعة جدية للتشريعات والسياسات والممارسات التي تقف عائقا دون رفع مشاركة المرأة السياسية وتعزيز دورها في مسيرة التنمية وتمكينها اقتصاديا.
ويذكر بأن الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية للأعوام (2013 – 2017)، المصادق عليها من قبل مجلس الوزراء، تضم من ضمن محاورها الرئيسية محورا للتمكين الاقتصادي، ومحورا لتعزيز دور ومشاركة المرأة في جميع مجالات الحياة العامة. إلا أن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دون إيجاد البيئة والثقافة المجتمعية الداعمة لها، ودون تبني سياسات إدماج النوع الاجتماعي على المستوى المؤسسي، اللذان تركز الاستراتيجية على تحقيقهما من خلال محاورها المستقطعة. إلا أن عدم تخصيص الموارد لتنفيذ الاستراتيجية، حال دون إحراز أي تقدم في مؤشراتها المستهدفة. كما أن آليات إدماج مراعاة النوع الاجتماعي في عمل الحكومة لا زالت غير كافية من حيث تبني سياسات مراعاة النوع الاجتماعي وتطبيقها ضمن الخطط الوطنية وخطط عمل الحكومة وإجراءاتها.
وترى اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بأن الفرصة الآن متاحة لتبني الاردن سياسات وخطط داعمة لتمكين المرأة من خلال موائمة الاستراتيجيات والخطط والمؤشرات الوطنية مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة 2030، والتي تضم هدفا خاصا بالمساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات (الخامس)، بالإضافة لوجود غايات مرتبطة بذلك في إحدى عشر هدفا آخر. حيث ستعمل اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة على مراجعة الاستراتيجية الوطنية للمرأة مع شركاءها من الحكومة والمجتمع المدني للعمل على موائمتها مع أهداف التنمية المستدامة 2030. كما يشكل العمل باللامركزية فرصة لإحداث نقلة نوعية في آليات التخطيط للتنمية في الأردن، من خلال تعزيز مشاركة الشباب والفتيات والنساء في هذه العملية بشكل فاعل في تحديد احتياجات مجتمعاتهم، والتحديات والفرص المتوفرة والتوافق على الأولويات في خطط التنمية وضمان وصولهم لآليات المتابعة والمسائلة.
وفي حين ندرك، في اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، بأن الوضع العام الذي تمر به المنطقة منذ عام 2011، وتدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين، قد أحدث ضغطا على البنية التحتية والموارد، إلا أن هذا يجب أن لا يكون عائقا دون جعل أجندة تمكين المرأة ضمن خطط التنمية وخطط التعامل مع الأزمات من أولويات التخطيط والتنمية، وذلك لضمان الوصول إلى الإصلاح الحقيقي المستجيب لاحتياجات المواطنين جميعا وتحقيق التنمية المستدامة.