الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

اعتزل الناس

  • 1/2
  • 2/2

لدينا تراث إنساني عميق يحذر من مخالطة الناس ومن الحذر منهم، لدينا دوماً هواجس عن الآخر ومن الآخر، وأعتقد أن مثل هذا الإرث الذي يتمثل في أشعار وحكم وقصص يجب أن يتوقف على حالات وحالات، بمعنى ألا يكون قاعدة مهووساً بها الكثير، كما نشاهده اليوم لدى البعض من الرجال أو النساء، والسبب ببساطة أن فيه ظلماً للناس وللمجتمع ككل، فدوماً كل صفة تعميم أو حكم تعميم فيه ظلم وإجحاف.
ولنسأل أنفسنا أولاً من هم الناس؟ إنهم مجتمعك وأهلك وأصدقاؤك وزملاء الدراسة أو العمل أو الحارة، إنهم شركاء المكان وأهل المكان مثلك تماماً، إنهم من يملكون آراء مثلك ووجهات نظر مثلك تماماً، ومن حقهم أن يعبّروا وأن يقولوا وأن يصدحوا بكل حرية وشفافية، واختلافهم معك أو وجود فرق شاسع بينكم لا يعني أنهم سيئون وأنت فاضل، أو أنهم طالحون وأنت صالح.
نحن نحتاج أولاً أن ننشغل بأنفسنا ونقوِّم سلوكنا قبل الانشغال بالآخرين وبكلامهم، قبل أن نقول إننا نعاني نظرة الناس وحسد الناس وكلام الناس، لأن المطلوب أولاً أن تفهم نفسك، ثم تفهم أنه إذا وجد من يحاول أن يؤذيك، فهو الفعل الشاذ وليس الفعل السائد والمنتشر.
غني عن القول إن هذا لا يعني الإنكار أو القول بعدم وجود أذى قد يصدر من بعض ضعاف النفوس ضد الآخرين، فهذه حقيقة مسلّم بها ولا مجال لإنكارها، لأنها واضحة كالشمس في شدتها وقوتها، وقد روي في الإسرائيليات أن نبي اللـه موسى، عليه السلام، سأل اللـه عز وجل أن يكفّ ألسنة الناس عنه، فقال اللـه، عز وجل «يا موسى ما اتخذت ذلك لنفسي، وإني أخلقهم وأرزقهم وإنهم يسبوني ويشتموني، فإنك لن تستطيع أن تعتقل ألسنة البشر عن فري عرضك، ولكنك تستطيع أن تفعل الخير، وتجتنب كلامهم ونقدهم». والذي أريد الوصول إليه أننا سنسمع ما يؤذي فهذا موجود، ولكن لا يعني أن الجميع سيئون ويتربصون بنا، وأنه من الأفضل الانعزال وغلق الأبواب والتنكر للأصدقاء والابتعاد عن المجتمع، ولنتذكر جميعاً أنه لا يمكن أن يسيء إلينا أحد إلا إذا سمحنا له بهذا، وكما قال اليانور روزفلت «لا أحد يمكنه إشعارك بالنقص من دون موافقتك». وهذا بالفعل ما يجب علينا التنبه له، فلنعمل على تطوير أنفسنا وتطوير قدراتنا من دون الالتفات إلى المنغصات أو الإساءات والتي قد تحدث دوماً.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى