تعتبر التجربة الروائية السعودية حديثة العهد، لا سيما إذا تحدثنا عن الأقلام النسائية في هذا المجال، والتي حكمتها الكثير من القيود الاجتماعية على مر العقود السابقة ومن ثم حدّت من انتشارها عربياً.
وبالنظر إلى تاريخ الرواية السعودية، لا بد من لفت النظر إلى أول روائية في المملكة، والتي شقت الطريق بدءاً من الخمسينات حتى وفاتها في الثمانينات من القرن الماضي.
سميرة خاشقجي، أول كاتبة روائية سعودية، ولدت عام 1935م. لم يعرف عنها الكثير، ولم تترك خلفها غير رواياتها وأفلاماً أنتجتها وصورة واحدة فقط تجمعها بالفنان فريد الأطرش. هذا على الرغم من أن نسبها يعود لعائلة خاشقجي التي عرفت بنفوذها السياسي والمادي في المملكة السعودية والمنطقة العربية أيضاً.
فوالد سميرة هو محمد خاشقجي أول طبيب جرّاح سعودي في المملكة، كما أنها شقيقة الملياردير السعودي وتاجر السلاح المعروف عدنان خاشقجي، وتزوجت لاحقاً بالملياردير المصري محمد الفايد الذي كان يملك متاجر هارودز الشهيرة في المملكة المتحدة.
لأسباب اجتماعية تتعلق بالعادات والتقاليد والظروف الاجتماعية المحافظة التي اتبعها المجتمع السعودي في العقود الماضية، اعتادت الكاتبات استخدام أسماء مستعارة لنشر أعمالهن، التي على كل حال لم تكن غزيرة. وعليه، نشرت أعمال الكاتبة سميرة خاشقجي باسم "سميرة بنت الجزيرة" والتي طرحت فيها قضايا اجتماعية من المجتمع السعودي والمجتمعات الأخرى التي عاشرتها بحكم زواجها وسفرها المستمر إلى مصر ولبنان.
وكتبت خاشقجي عدداً من الروايات التي تحكي قصصاً من واقع المجتمعات العربية آنذاك، وهي: قطرات من الدموع، ودّعت آمالي، وادي الدموع، وراء الضباب، وتمضي الأيام، بريق عينيك، ذكريات دامعة، ومأتم الورود. وامتد مشوارها الأدبي منذ عام 1958 عند صدور أول رواياتها (ودعت آمالي)، حتى عام 1973 الذي أصدرت فيه روايتها الأخيرة "مأتم الورود".
لكن نشاطها لم يتوقف عند كتابة الرواية، فقد أنتجت عدداً من الأفلام التي اعتمدت على رواياتها، ومثّل فيها أشهر الممثلين المصريين في ذلك الحين، وكانت "بريق عينيك" إحدى هذه الروايات التي تحولت إلى فيلم سينمائي أدى بطولته كل من الممثل المصري حسين فهمي والممثلة مديحة كامل. كما أنتجت فيلم "عصفور الشرق" المأخوذ عن ثلاثية توفيق الحكيم التي ضمّت "عصفور من الشرق" و"مذكرات نائب في الأرياف"، وعرض الفيلم عام 1986، شارك بالتمثيل فيه الفنان نور الشريف والفنانة سعاد حسني.
وعلى الرغم من أن حياة سميرة خاشقجي اكتنفها الكثير من الغموض، فإن زواجها من الملياردير المصري محمد الفايد ربط اسمها بالحادث المروري الشهير والمثير للجدل الذي قتلت فيه الأميرة البريطانية ديانا. فحسب ما تناقلته وسائل الإعلام في ذلك الحين، لقي عماد الفايد حتفه في الحادث نفسه، إذ وجد في السيارة نفسها مع الأميرة ديانا، وذلك عام 1997، بعد 9 سنوات على وفاة والدته، أول روائية سعودية، عام 1986.
ومنذ تلك العقود وحتى بداية القرن الحالي، ظلت الأقلام النسائية السعودية خجولة عن كتابة الرواية ونشرها بأسماء حقيقية، لكن هذا الحال تغيّر في العقدين الأخيرين، فقد بدأت المواهب الروائية بالظهور في المملكة وتلقى رواجاً كبيراً في العالم العربي والعالم، بدافع الفضول حول ما ستكتبه المرأة السعودية التي تواجه الكثير من التحديات اليومية المتعلقة بدورها في المجتمع.
ومن الأسماء التي لمعت في العقد الأخير، الكاتبة رجاء الصانع بعد أن لاقت روايتها "بنات الرياض" شهرة كبيرة وترجمت إلى عدة لغات وأثارت الجدل فترة من الزمن.
ومؤخراً، انضمت الكاتبة الشابة أثير العبد الله إلى سوق الروايات الأكثر رواجاً في المكتبات العربية، عن رواياتها الثلاث "أحببتك أكثر مما ينبغي" و"في ديسمبر تنتهي كل الأحلام" و"فلتغفري"، هذا إلى جانب الكاتبة المعروفة والحائزة جائزة البوكر عام 2011، رجاء عالم، التي اشتهرت بعدة روايات، منها "طوق الحمام".