ترى بعض الفتيات أن وضع المكياج سواء بشكل لافت أو بطريقة بسيطة هو حرية شخصية، ولا يمكن لأحد أن يتدخل فيه، وذلك لإثبات الشخصية والإحساس بالتحرر بعد الانتهاء من معاناة الثانوية العامة، والأنظمة والقوانين التي تمنع الفتاة من وضع مكياج داخل المدرسة، لذلك ما إن تنتهي الفتاة من هذه المرحلة وتدخل الجامعة حتى تبدأ في إعداد أولوياتها من جديد، وتستخدم أدوات ومساحيق التجميل بشكل مبالغ فيه لتعويض ما فاتها في فترة الثانوية، ولكي تثبت للجميع أنها وصلت إلى مرحلة كافية من النضج، ولا يمكن لأحد أن يحاسبها عمّا تفعله.
لكن الإفراط والمبالغة في استخدام المساحيق وبألوان صارخة يحولها إلى "مهرج"، وهو ما قد يعكس الكثير من السلبيات الشخصية للفتاة، ولعل من أهمها فقدان الأنثى الثقة بنفسها وبجمالها، لأن لكل مكان وزمان مكياجه الخاص والمناسب له، ولا شك في أن الجامعة لا يتناسب معها مكياج السهرات والحفلات الذي يخفي ملامح الفتاة الحقيقية، ويظهر قناعا كثيفا من الأصباغ يعرّض صاحبته لملاحقة الأنظار، وتصبح مثارا للجدل والسخرية من قبل الشباب.
وفي هذا السياق قالت نبيلة السعدي، المتخصصة في العلوم السلوكية والتواصل الاجتماعي بمصر، إن المبالغة في وضع المكياج واستخدام مساحيق التجميل من قبل طالبات الجامعة، قد يكون دليلا على الإصابة باضطرابات في الشخصية، ومنها عدم الرضا عن ملامحهن، وعدم الثقة بالنفس، وبما تملكنه من قدرات، أو شعورهن بالكآبة والضيق، فتبدأ إحداهن في التعبير عن ذلك من خلال وضع الكثير من مساحيق التجميل، واللجوء لها كنوع من التنفيس والتعويض عن النقص الذي تشعر به، وتغيير الملامح بشكل يخفي الواقع الحقيقي لشكلها.
وأشارت السعدي إلى أن هناك بعض الحالات التي قد تصل إلى درجة من الهوس والإدمان على أدوات التجميل، وعدم قدرة الفتاة على الخروج من المنزل دون وضع جميع الأنواع على وجهها وبصورة مبالغ فيها، لافتة إلى أن هناك نوعا آخر من الطالبات اللاتي يرين أن وضع المكياج في الجامعة يعد نوعا من التغيير والانطلاق والإحساس بالأنوثة وجذب انتباه الآخرين واهتمامهم، كما أنه وسيلة للسعادة وتحقيق الرضا النفسي.
ومن جهة أخرى، كما بينت دراسة أجراها باحثون من جامعتي “بانغور” البريطانية، و”أبردين” الأسكتلندية، فإن النساء يتمتعن بجاذبية أكثر في حالة عدم وضعهن لمستحضرات التجميل بشكل مبالغ فيه، وربما اقتصار تلك المستحضرات على استخدامهن لكحل العيون، وشملت الدراسة 44 امرأة قدم لهن الباحثون أدوات مكياج كأحمر الشفاه وأحمر الخدود والمسكارا.. وطلبوا منهنّ التبرج وتصوير أنفسهنّ قبل وبعد حضور مناسبة ليلية، وحصلوا على 21 صورة لنساء تبرّجن بطريقة مختلفة ثمّ عرضوا الصور على 44 طالبا جامعيا وطلبوا منهم اختيار الصورة التي تبدو فيها المرأة أكثر جاذبية.
وأفادت الدراسة أن جميع الطلاب فضّلوا الصور التي ظهرت فيها النساء بمكياج ناعم وخفيف وبنسبة 40 بالمئة أقل من النساء اللواتي بالغن في التبرج. وقالت إن 21 صورة من أصل الـ44 كانت متشابهة، واختيار طلاب “بانغور” للنساء الأكثر جاذبية كان بمثابة معيار لشكل المرأة الذي يفضله الرجال والنساء عامةً.
أما طالبات جامعة “بانغور” ففضلن صور النساء اللواتي يضعن قدراً أكبر من مستحضرات التجميل، وذلك على عكس الطلاب الشباب الذين قالت الدراسة إنهم أبطلوا باختيارهم فكرة أن الرجال هم من يفضلون نموذج المرأة التي تضع الكثير من مستحضرات التجميل.
واستناداً إلى اختيار الطلاب، تم التوصل إلى أن الشكل الأمثل للمرأة والذي يفضله كلّ من النساء والرجال، هو الذي تضع فيه المرأة كميات من مستحضرات تجميل أقل بنسبة 40 بالمئة من الكمية التي اعتادت وضعها.
هذا وأكدت دراسة بريطانية أن كلاّ من الرجال والنساء يجدون المرأة أجمل وأكثر جاذبية من دون مساحيق التجميل، وهي نتيجة استندت إلى ردود الفعل الإيجابية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم معين.
وأكدت أن ظاهرة التقاط صور ذاتية من دون مكياج، قد لاقت تفاعلاً كبيراً في موقع إنستغرام. ووجدت الدراسة في العديد من الحالات، أن نسبة الرجال، الذين يفضلون وضع النساء للمكياج تقل بنسبة كبيرة. وفي المقابل، تعتقد النساء أن المرأة تكون أجمل عند وضع المكياج الطبيعي الخفيف، الذي يحافظ على الملامح من دون مبالغة.
ووجدت دراسة أميركية أن حوالي نصف النساء في العالم لديهن الكثير من المشاعر السلبية عن صورتهن عند عدم وضع الماكياج وظهور الوجه شاحب وغير جذّاب. وأشارت الدارسة إلى أن حوالي ربع النساء في العالم يضعون الماكياج بداية من سن الثالثة عشرة، أو في وقت سابق عن ذلك، لذلك فمع مرور الوقت يشعرن بالقلق من الخروج دون وضع الماكياج.
وأظهرت الدراسة التي أجريت على عدد كبير من النساء، أن بعضهن يشعرن بعدم الجاذبية عند الخروج من دون وضع الماكياج، وهناك من النساء من تشعر بأن الوجه يبدو عاريا من دون ماكياج، مما يشير إلى الرغبة في إخفاء المشاعر السلبية لدى النساء وعدم الثقة بالذات.
من جانبها توضح منى الجمل، الخبيرة في التجميل، أنه في البداية لا بد أن تعرف الفتاة أن وضع المكياج بشكل مبالغ فيه سواء في الجامعة أو أي مكان آخر من شأنه أن يضرّ ببشرتها، ويؤدي إلى الإصابة بالشيخوخة المبكرة، خاصة مع التعرض لعوامل الأتربة والشمس وحرارة الجو، كذلك فإن الذهاب إلى الجامعة أو الخروج صباحا بشكل عام لا يتطلب وضع الكثير من مساحيق التجميل والمكياج الصارخ أو اللامع الذي يوضع في السهرات والمناسبات للفت الانتباه.
وأكدت أن قلة استخدام أدوات التجميل لا تعني الحصول على مكياج هادئ أو رقيق، حيث يلجأ البعض إلى أكثر من أداة لتنسيق مكياج يخفي العيوب، ولا يظهر بشكل مبالغ فيه، لذلك على الفتاة اختيار الكونسيلر بدرجة لون بشرتها وليس أفتح حتى لا يزيد من الهالات السوداء حول العين، واستخدام نوع موثوق فيه، محذرة من استخدام البودرة أو كريم الأساس لأنّهما سيتحوّلان مع مرور الوقت إلى مظهر بشع نتيجة تأثير الأتربة والشمس، ويمكن استخدام واقي الشمس بدلا منهما، ومسح الوجه بماء الورد قبل وضعه، كما يمكن وضع القليل من الكحل بالعين للتخلص من آثار النوم، واستخدام مرطب للشفاه أو ملمع بلون وردي أو شفاف، لأنه يعطي للشفاه مظهرا طبيعيا، ويحافظ عليها أيضا من التشقق، مما يجعل الفتاة تظهر بمظهر أفضل يتناسب مع مرحلة الجامعة.