عاشت الجزائر مجموعة من التحولات العميقة في الجانب السياسي منذ1989 حيث دخلت مرحلة جديدة من العمل الديمقراطي\' لتنمية المواطنة ولتفعيل دور المجتمع المدني\' لتحقيق قفزات نوعية في مسيرة بناء الدولة الجزائرية ومؤسساتها .وكان ذلك بإعلان انفتاح صريح على التعددية الحزبية..سمح ببروز تشكيلات سياسية تسعى إلى التموقع الاستراتيجي في الساحة السياسية وتحقيق مكاسب من المشاركة في الحكومات بالظفر بحقائب وزارية. وتستجيب هذه الأخيرة لعدة تيارات وطنية متلونة بألوان\' الديمقراطية والعلمانية والوطنية والإسلامية واليسارية.وتعكس التنوع الفكري والاديولوجي والثقافي الذي تزخر به الجزائر.وفي هذا الحراك برز بشكل واضح دور المرأة. كونها تشكل نصف المجتمع.وقوة لا يستهان بها في الوعاء الانتخابي.وساهمت الدولة الجزائرية بشكل ايجابي بالدفع بالمراة وتحفيزها بمجموعة قوانين في الدستور والتعديلات التي مسته بعد ذلك .تضمن لها المشاركة الكريمة بعيدا عن أي تمييز عرقي وجنسي آو لغوي وتحصنها من الاحتقار والتهميش.لان الموضوع بات مؤشرا حقيقيا على مدى تقدم الحياة السياسية و الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في المجتمعات . نسجل هنا امرا مهما هو تبلور إشكالية عامة عن مدى التمكين للمرآة في الممارسة السياسية في الجزائر. بعيدا عن الكوطا التي أصبحت تقيدها أكثر مما تفتح لها الأفق للتحليق بحرية واستقلالية. وهل يكفي تعداد النسوة المنتخبات على مستوى المجالس المنتخبة دون تفعيل لدورها ؟.ومامدى انعكاس ضعف تواجد المرأة داخل الأحزاب على دورها في المجالس سواء البلدية او المحلية او النيابية.؟؟هناك.حقيقة تفرض نفسها مفادها انه ليس قدرا محتوما ان تقتصر مشاركة المرأة ونشاطها على الجمعيات والنضال النقابي دون التطلع إلى البرلمان مثلا .وتسجيل بصمتها في صنع القرار.والمبادرة باقتراح مشاريع قوانين تصب كلها شؤون المرأة وقضايا الأسرة والمجتمع. بل عليها اليوم السعي والنضال من اجل افتكاك مكانة لها وان تطلق الصيغة التعاونية والصامتة النمطية\' مع زملائها الرجال في المجالس المنتخبة عند كل المواعيد الهامة. على المرأة ان تضطلع بالدور المناسب لها والذي يليق بها كونها قوة ذات تأثير في المجتمع بكل الصيغ.في هذا السياق\' تقول رندة ابو الحسن الممثلة المقيمة المساعدة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في الجزائر ان التجربة الجزائرية تجربة رائدة. تحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يخص نظام الكوطا والمرتبة 27 . عالميا في تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. وحسب نفس التقرير97.بالمائة من البنات أكملن الدراسة .و50بالمائة يعملن في مجال الطب .45بامائة في القضاء 14بالمائة تنشطن كعاملات في مختلف القطاعات واقل من 2بالمائة في مراكز القرار.جعلت الأمم المتحدة تفكر في جعل الجزائر مقر الشبكة العربية والإفريقية لترقية المرأة .نظرا لريادتها وسرعة تكييفها للتشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة وطرق ترقيتها * وفي قراءة سريعة لبعض الإحصائيات المتداولة يبرز التحول الحاصل منذ السنوات الأولى للاستقلال في التوجه لتمكين المرأة سياسيا بما يتماشى مع التنمية الشاملة للمواطنة والفعل السياسي حيث قفزت نسبة المشاركة للمرة من7بالمائة الى إضافة إلى حصتها المتمثلة في 30بالمائة أو مااصطلح عليه بالكوطا. .ويتضح هذا في نص المادة42 من دستور 1976 ونص المادة29 من دستور1996ثم بعد ذلك المادة31 من دستور2008 وحسب هذا القانون العضوي الذي جاء في التعديل الدستوري الذي يحدد ويوسع مشاركتها في المجالس المنتخبة.والذي دخل حيز التنفيذ في 2012وجاءت النتائج في الانتخابات التشريعية145 نائبا من مجموع 462 اي مايقارب الثلث والتي جرت في10 ماي2012 *القانون المتمثل في. المادة31مكررمن دستور2008 التي تنص على ترقية حقوق المرأة السياسية بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة كما تنص على مايلي /تعمل الدولة على ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل كما تشجع الدولة ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات وجاء في أخر تعديل دستوري حسب القانون رقم16/01بتاريخ6مارس2016في المواد 34/35/36*نفس التاكيدعلى سياسة الدولة تجاه المرأة.وتكريس حقها في بلوغ مراكز القرار * وبنظرة تقييميه لما سبق يحق لنا ان نتساءل عن كيفية التمكين للمرأة. وهي لا تعدو ان تكون رقما رنانا في الإحصائيات الرسمية .ماذا حققت خلال هذه التجربة ؟ ماهو رقم مشاريع القوانين التي اقترحتها المرأة في البرلمان؟ .كم من مواقف ثابتة تحسب لها.وسمع دويها خارج الأسوار وبعيدا عن الميكروفونات و مقاعد البرلمان.؟ كم من تصويت احتسب للمرأة دون أن تكون في موقف تعاوني .ا. مهادن مع معشر الرجال المتغلبين في عدد المقاعد.؟ - لا يمكن الاكتفاء بالتصفيق والتهليل على عدد البرلمانيات فقط. واعتبار ذلك واجهة ديمقراطية ناجحة للدولة. إنما وجب الحرص على وضع معايير أخرى خارج الكوطا بإيجاد معايير وأساليب أخرى غير تقليدية لتمكين المرأة من العمل السياسي داخل البرلمان او خارجه. كم من مرة تم إشراك المرأة البرلمانية في وضع جداول الإعمال و.كم هو عدد الوزيرات في الحكومات المتعاقبة .كم هو عدد النساء التي ترأسن لجانا على مستوى في البرلمان كم عدد النساء على رأس الدوائر والولايات و اللجان المحلية وفي الأحزاب. هل الكوطا تترجم حقا الكفاءات من النساء عند وضع قوائم الترشيح. للأسف الشديد مانراه اليوم هو خطاب سياسي ظرفي مصلحي ينسجم مع القانون والتوجه العام وكانما أصبح وضع رقم نسوى احد الطقوس المرفوضة المفروضة ضمنيا .كون ان مشاركة المرأة لاتخرج عن القاعدة وتبقى المرأة حبيسة لها.ولا ننسى ازلية النظرة الفوقية للرجل عندما يتعلق الأمر بالترشح للمناصب الحساسة والقيادية وطبيعة المجتمع الجزائري المحافظ في عدة مناطق من الوطن. وهو لعمري إغفال صارخ للكفاءات والإمكانيات والرصيد العلمي الذي يمكن للمرأة ان تمتلكه و تتفوق به على الرجل في أحيان كثيرة.وتتخلص من هذه الوصاية الذكورية المقيدة لها في الحياة السياسية والتي ما فتئت توجهها منذ امد بعيد .من يمكنه ان يتفهم معاناة المراة غير المراة نفسها. لا يمكن للرجل ان يدافع عن حقوق النساء الماكثات في البيوت والتي تفرغن للحياة الأسرية بشكل كامل. لا يمكن ان ينصف الرجل المراة التي تطلب الطلاق والتي تطالب بحقوقها منه. لايمكن ان يحصنها من كل اشكال التمييز والعنف لانه ببساطة هو الخصم والحكم . فباعتقادي يجب ان تشكل المرأة على مستوى المجالس المنتخبة سواء محليا او ولائيا او وطنيا لوبي حقيقي ان تصبح رقما صعبا في المعادلة السياسية يضمن لها من القوة اللازمة والوزن الكافي للتأثير والمبادرة باقتراح المشاريع وسن القوانين التي تخدم المراة وقضاياها العادلة في الآسرة والمجتمع دون ان تنتظر إشارة او تفويضا. لان العمل السياسي الرجالي يبدو أكثر انشغالا و خضوعا للتكتيكات والتكتلات التنافسية على التفرغ للنضال من اجل حقوق المراة. يجب على المرأة ان تنأى بنفسها عن هذا الصراع غير المتكافئ إنما تحرص ان تفرض وجودها .بالتميز والانفراد بالمبادرات التي يعجز الرجل أن ينافس فيها لان آهل مكة أدرى بشعابها .والمرأة أدرى بقضاياها وانشغالاتها .وقادرة بلا شك على الدفاع عنها.وهذا لا يتحقق إلا بإرادة صادقة من الرجل في إشراكها في المشاورات والأخذ برأيها وتشجيعها على الانخراط في العمل السياسي تعزيز المساحة الممنوحة لها لتقلد المناصب القيادية ودعم الدور الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والحضاري للمرأة المتعلمة . توعية المرأة بحقوقها الشرعية القانونية حماية لها وإضفاء لمسة إنسانية ونعومة على النقاشات والحد من الصراعات العنيفة والخشنة في التعامل مع قضايا المواطنين.وهذا من شانه تسليط الضوء على القيمة التمييزية لأدائها وتحملها مسؤولية التمثيل الشعبي بكفاءة واقتدار تبقى الإشارة ان الاستحقاقات القادمة امتحان حقيقي لجدوى الخطاب السياسي والواقع الميداني للتواجد النسوي والتمكين السياسي للمرأة الجزائرية. 1 فتيحة ك. تكريس حق المرأة الجزائرية في بلوغ مراكز اتخاذ القرار .جريدة الشعب.الصادرة في 14/03/2016 2 عمار عباس /بن طيفور نصر الدين.توسيع حظوظ مشاركة المراةالجزائرية في المجالس المنتخبة او تحقيق المساواة عن طريق التمييز الايجابي.الاكادمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية /قسم لعلوم الاقتصادية والقانونية.العدد 10 جوان2013 دستور1996/المادة29/التعديلالدستوري2008/المادة31 4المادة31مكرر التعديل الدستوري /القانون رقم16/01 الصادر في 06مارس 2016