يعد الزيت من أساسيات فنون الطبخ، خاصة مع اعتماد ربات البيوت على الأطعمة المقلية نظرا لما تتمتع به من نكهة محببة للصغار والكبار، وهو ما قد يحمل أضرارا ومخاطر صحية، لا سيما عند استخدام الزيت المقلي لأكثر من مرة. ويكمن خطر زيت القلي في أنه بعد ارتفاع درجة حرارته بعملية الطهي، يتم إغلاق الأغطية عند تجهيز الأطعمة وهنا يصبح الضغط أكبر، فتذوب كمية الأكسجين الموجودة فوقه بشكل أسرع.
ومع الحرارة تحدث عملية الأكسدة، كما أن كمية المياه التي تسقط في الزيت أثناء عملية القلي تضر الزيت وتؤكسده بشكل أكبر.
ويؤدي القلي في البعض من الأواني الحديدية إلى ضرر أكبر نتيجة تفاعل هذه الأواني مع الزيت المغلي ويعزز إنتاج المواد المسرطنة، وبالتالي تتسبب عملية تكرار استخدام زيت القلي في الإصابة بالعديد من الأمراض السرطانية وفي أضرار بالجهاز الهضمي وتقرح في الأمعاء.
ولا تظهر هذه الأضرار مباشرة بل إن تأثيرها يكون تراكميا ويظهر مع الوقت، فكلما ارتفع التأكسد كانت احتمالات التسرطن أكبر، وهذا ما أكدته العديد من الدراسات والأبحاث حول أضرار استخدام زيت القلي لأكثر من مرة.
ويشير د. نبيل عبدالتواب، أخصائي التغذية، إلى أن تكرار استخدام زيت القلي يسبب تلفه، نتيجة تعرضه للضوء والأكسجين في الوقت نفسه أثناء عملية القلي، وهو ما يؤدي إلى تغير خصائصه من لون وطعم ورائحة ووقتها يكون الزيت غير صالح للاستخدام.
ونصح عبدالتواب بضرورة عدم تكرار القلي في نفس الزيت، لأن ذلك يعني أيضا تكرار التأكسد وتكوين ما يُعرف باسم “الجذور الحرة”، والتي من شأنها أن تحدث تفاعلات داخل جسم الإنسان مع عملية الأيض وحرق الطاقة، فتهاجم المادة الوراثية الحمض النووي للخلايا وترفع احتمال إصابتها بالسرطان، بالإضافة إلى احتمال حدوث تسمّم غذائي. ولفت الأخصائي المصري إلى أن التأكسد يعمل على رفع نسبة الكولسترول الضار ويسبب العديد من الأمراض كمرض الزهايمر والشلل الرعاش.
ومن جهته، يوضح د. محمد أبوالعلا، أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام، أن هناك تقريرا أصدرته منظمة الصحة العالمية يحذر من أن نسبة الإصابة بالأورام السرطانية قد تصل إلى 50 بالمئة من جملة سكان العالم، خلال العقود القادمة بسبب التلوث الغذائي والضغوط العصبية. وأوضح أبوالعلا أن سوء استخدام زيت الطعام تنتج عنه بعض المواد الضارة منها عنصر “باهيديت”، وهو يعد أحد المركبات الضارة التي تنتج عن أكسدة الزيوت.
وأشار إلى أن الأبحاث العلمية أثبتت وجود مادة كيميائية تُعرف بـ”بيتاكاروتين”، وهي مادة تضاف إلى زيت القلي لتغيير صفاته الفيزيائية كاللون والطعم والرائحة، ولكن الخطورة تظل قائمة، حيث أن هذه المادة تجعل الزيت نقيا فقط من حيث الشكل، بينما تظل عوامل خطورة التلوث كامنة. وتفاديا لذلك كله نوهت الدراسات الصحية إلى عدم استخدام زيت الطعام إلا مرتين فقط على الأكثر، لأن استخدامه عدة مرات من شأنه أن يتسبب أيضا بارتفاع في ضغط الدم والإضرار بالكبد نتيجة التسمم والدهون المتراكمة.
وعن العلامات التي تؤكد عدم صلاحية زيت القلي، تقول د. علا محمد، أخصائية التغذية العلاجية “هناك مجموعة من العلامات التي ينصح معها بالتخلص من الزيت وتغييره بآخر نظيف وأهمها تغير لونه إلى اللون الغامق وجزيئات من العنصر الغذائي أثناء غليان الزيت وتغير لزوجة الزيت.
وأشارت الأخصائية إلى أنه في حالة ظهور دخان مائل للزرقة على سطح الزيت قبل وصوله إلى درجة حرارة القلي ينصح بالتخلص منه مباشرة، كذلك عندما تظهر رائحة المادة الغذائية في الزيت الذي تم استعماله.
وأكدت على ضرورة عدم استخدام الزيت الذي تم القلي فيه لمدة ساعتين متواصلتين وتجنب وصول درجة حرارته إلى 180 درجة مئوية وتصفية الطعام بعد القلي مباشرة وعدم تناول الأجزاء المحروقة، كما أن وجود رغوة في الزيت على جوانب المقلاة يشير إلى أنه غير صالح للاستخدام وأوصت باستخدام زيت الكانولا لأنه يعتبر أكثر الزيوت فائدة في عملية القلي لقلة الدهون فيه، وكذلك عدم سرعة التأكسد.
وتنصح د. علا بالابتعاد عن استخدام الأواني الحديدية والنحاسية، لأنها تسرع احتراق الزيت، مع الحرص على وضع الزيت في مكان بارد وليس دافئا وتنظيف المقلاة بعد كل استخدام حتى لا تتكون الرواسب فيها.
وشددت على ضرورة عدم خلط الزيت الجديد بالزيوت القديمة حتى لا تتأكسد بعضها مع بعض وتتلف، محذرة من تغطية أواني القلي أو المقلاة أثناء طهي الطعام، لتجنب كثافة بخار الماء، حيث تحلل الزيت وتحبس الرطوبة بداخله. وأكدت على تجنب قلي الأطعمة المجمدة أو الممزوجة بالملح، حتى لا تزيد من تأكسد الزيت وفساده.