واصل المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية الذي يقام تحت رعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك البحرين، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة أعماله بعقد جلسة عمل ناقشت "الخدمات القانونية ودورها في إنفاذ سبل الانتصاف أمام المرأة"، وتضمنت الجلسة التي أدارها سعادة المستشار عبدالله بن حسن البوعينين رئيس هيئة التشريع والافتاء القانوني أربعة أوراق عمل.
وخرج المتحدثون في جلسة المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان "المرأةُ والقانون: مسيرة وإنجاز .. تحديّات وتطلعاتْ" بجملة من التوصيات من بينها ضرورة الإسراع بإصدار القرارات واللوائح التنفيذية للقوانين الخاصة بالمرأة والأسرة، وتفعيل دور مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الإطار، إضافة إلى تعزيز حضور المرأة في القطاع الخاص.
تفعيل القوانين
وقدم الدكتور مروان محمد المدرس أستاذ مساعد في القانون العام كلية الحقوق بجامعة البحرين ورقة بعنوان "القرارات التنفيذية وأثرها في تفعيل الخدمات المقدمة للمرأة" سلط من خلالها الضوء على تأثير عدم إصدار القرارات التنفيذية أو تأخر إصدارها على نفاذ القانون، وبالتالي التأثير على الخدمات التي توفرها هذه القوانين للشرائح الموجهة لهم ومنهم المرأة.
وعرض الدكتور المدرس في ورقته ماهية القرارات التنفيذية من حيث مفهومها وخصائصها والسلطة المختصة بإصدارها، إضافة إلى بحث واقع تأخر إصدار القرارات التنفيذية في البحرين، وأثره على الخدمات المقدمة للمرأة.
وأوضح أن القرارات التنفيذية تعد قواعد مكملة لقواعد القانون وامتداد لوجودها وهي قواعد فرعية تأتي مرافقة للقواعد الأصلية التي يشتمل عليها القانون، والقرارات التنفيذية عمل إداري مكمل للعمل التشريعي وليس مجرد عمل يوضع لتنفيذ القانون، أي أن القرارات عبارة عن قواعد عامة مجردة توضع بهدف تجنب إيراد التفاصيل الصغيرة في التشريعات، وبالتالي فإن القرارات التنفيذية ال تقوم فقط بتنفيذ القانون، إنما تقوم بتكملة القانون بما تضعه من أحكام، وهي تتميز بعمومية نطاقها، أي أنها ال تتصل بموضوع معين، ولا تتقيد بظروف أو بزمن محددين، بل أنها تصدر تنفيذًا للقوانين التي قد تتناول بالتنظيم كافة جوانب الحياة دون تحديد.
وقال الدكتور المدرس "قد يتولى المشرع بالتنظيم لموضوع معين، ويترك للسلطة اللائحية مهمة وضع التنظيم الوارد في القانون موضع التنفيذ عبر القرارات التنفيذية، وفي هذه الحالة ال تملك القرارات التنفيذية سوى وضع أحكام القانون موضع التنفيذ دون تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها، بمعنى أن عدم إصدار القرارات التنفيذية قد يؤدي إلى عدم إمكانية تفعيل نصوص القانون".
دور السلطة التشريعية
بدورها قدمت المحامية وعضو مجلس الشورى وعضو المجلس الأعلى للمرأة دلال الزايد ورقة عمل تحت عنوان "أثر تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب في تجويد الخدمات المقدمة للمرأة البحرينية" طرحت خلالها موضوع الرقابة البرلمانية على الخدمات القانونية المقدمة للمرأة كمسئولية وواجب يقع ضمن مسئولية وواجبات أعضاء مجلس النواب وفق المبادئ الواردة في ميثاق العمل الوطني وأحكام دستور مملكة البحرين بحسب الاختصاصات والصلاحيات المحددة والمنصوص عليها في الدستور والتي تستهدف الرقابة على عمل الحكومة ومدى التزامها بتنفيذ برنامج عمل الحكومة والتزامها بتطبيق التشريعات وبما يتفق وينسجم مع الاستراتيجية الوطنية لنهوض المرأة البحرينية والخطة الوطنية لتنفيذ هذه الاستراتيجية والتي تم وضعها من قبل المجلس الأعلى للمرأة.
وأشارت الزايد إلى أن المشكلة تتمثل في أنه في الوقت الذي يمنح فيه حق الرقابة البرلمانية لأعضاء مجلس النواب بحكم الدستور والتشريعات ذات الصلة نجد أن الممارسة العملية والتطبيقية لا تتناسب مع المطلب في هذا الجانب، وقالت "الغرض من ورقة العمل بيان التنظيم الدستوري والتشريعي واستعراض الواقع التطبيقي والممارسة الفعلية، والبحث ودراسة الإشكاليات والصعوبات والمعوقات في الرقابة البرلمانية ووضع التوصيات الداعمة لرفع المهارات والقدرات والمعرفة لدى أعضاء مجلس النواب.
وطرحت الزايد في ورقتها عددا من المحاور الرئيسية من بينها مفهوم الرقابة النيابية، وبيان وسائل الرقابة البرلمانية في النظام الدستوري البحريني، وفاعلية في العمل البرلماني، واستعراض أكثر الوسائل الرقابية استعمالا، واستعراض احصائيات بشأن مباشرة الرقابة البرلمانية ذات الصلة بالخدمات القانونية للمرأة البحرينية، وتقييم الدور الرقابي لأعضاء مجلس النواب في مجال الرقابة على الخدمات القانونية ومدى استثمار الوسيلة الرقابية والجودة في استثمارها، وتحديد صعوبات ومعوقات الرقابة البرلمانية تجاه قضايا المرأة وأسباب ندرتها واقتراح الحلول والتوصيات حتى تكون الرقابة فاعلة ومنتجة.
مؤسسات المجتمع المدني
في هذ الأثناء قدمت المحامية ابتسام علي خميس عضو الاتحاد النسائي البحريني ورقة عمل تحت عنوان "واقع الخدمات القانونية والاجتماعية في مؤسسات المجتمع المدني" ركزت فيها على مفهوم الخدمات القانونية والاجتماعية المقدمة من قبل مؤسسات المجتمع المدني في البحرين، وذلك من خلال تسليط الضوء على مجالات عمل الاتحاد النسائي والجمعيات النسائية والفئات المستفيدة والتمويل، واستعراض تاريخ الخدمات الاجتماعية والقانونية، وواقع الخدمات الاجتماعية والقانونية في الوقت الحاضر المقدمة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، والانجازات والتحديات وأيضًا الآفاق والتطلعات.
وأكدت المحامية خميس في ورقتها أن لمؤسسات المجتمع المدني بمختلف مسمياتها من جمعيات وأندية وغيرها تاريخ عريق في البحرين، لافتة إلى أن تلك المؤسسات بذلت جهودًا متعددة للمساهمة في التنمية المستدامة.
وقالت "من بين هذه المؤسسات، الجمعيات النسائية التي لعبت وما زالت ومنذ أمد طويل جدًا أدوارًا مهمة لتمكين الفئات الأكثر هشاشة مثل النساء والأطفال والفقراء والعمالة الوافدة اجتماعيًا واقتصاديًا وقانونيًا وسياسيًا، من خلال تقديمها للخدمات القانونية والاجتماعية المجانية، لإدراكها أن التمكين القانوني والاجتماعي هما حجري الزاوية لتستطيع المرأة أن تكون عنصرًا ذو قدرات ومعارف ومهارات تخولها العيش في حياة كريمة خالية من كافة أشكال التمييز والعنف القائم على النوع، وأن تشارك بفعالية في رسم السياسات وصناعة القرارات في مختلف المجالات وتساهم في بناء الأسرة والوطن، في مجتمع تسوده العدالة والمساواة في الكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص بين الجنسين".
دور القطاع الخاص
بدورها تحدثت المحامية رباب عبد النبي العريض عضو بالهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في ورقة العمل الخاصة بها عن »دور القطاع الخاص في مملكة البحرين في مساندة ورفع جودة الخدمات القانونية والاجتماعية المقدمة للمرأة .. الفرص والتحديات«، تطرقت خلالها للمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص في دعم المرأة البحرينية من خلال التعرف على المقصود بالمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص، وكيفية تشجيعه للاضطلاع بمسئوليته الاجتماعية، وقدمت عددا من التوصيات لرفع جودة وتنمية الخدمات القانونية لدعم المرأة البحرينية في هذا القطاع.
وقالت المحامية العريض: "بدراسة واقع المرأة البحرينية في القطاع الخاص والخدمات القانونية المقدمة لها، وجدنا أن القوانين تنظم وتغطي الكثير من احتياجات المرأة البحرينية. وخصت بالذكر قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 36 لسنة 2012 وقانون التأمين الاجتماعي".
وأوضحت أن القطاع الخاص يمثل جزء كبير من اقتصاد أي دولة ويساهم في التنمية، ويتكون هذا القطاع من مؤسسات خاصة غير حكومية والتي تكون خاضعة لرأسمال الأفراد والشركات، وقالت إنه من المهام التي يضطلع بها القطاع الخاص أنه يسهم بالاستثمار في الانسان باعتباره المحرك الاساسي لأية اقتصاديات، وأضافت "تشكل المرأة البحرينية جزءًا مهمًا من المجتمع، حيث أنها تمثل نسبة كبيرة من العمالة، ويتطلب من الدولة لنهوض المرأة في هذا القطاع دعمها ومساندتها من خلال تطويع اللوائح والتشريعات لتنمية هذا الأمر".
مداخلات الحضور
إلى ذلك طرحت تعرضت العديد من المداخلات عقب الجلسة إلى دور الاتحاد النسائي في التسريع بإصدار الشق الثاني من قانون الأسرة، وما هي الخطوات التي اتخذها في هذا الاتجاه، وأكدت أهمية حضور مؤسسات المجتمع المدني بما فيها الاتحاد النسائي لجلسات مناقشة التشريعات الخاصة بالمرأة في مجلسي الشورى والنواب.
وأكدت مداخلات أخرى أهمية تطبيق مؤسسات القطاع الخاص لمعاير المجلس الأعلى للمرأة في تمكين المرأة وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص أمامها، منوهة إلى أن تلك المعايير تتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة، ولفتت إلى أهمية الشراكة بين القطاع الخاص والدولة في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي أيضا.
ودعت عدة مداخلات إلى الإسراع في تنفيذ العديد من المطالب الملحة ومن بينها إنشاء مبنى مستقل لمحاكم الاسرة، وتحدثت عن دور السلطة التشريعية في متابعة تنفيذ القوانين، وممارسة أدواتها الدستورية في ذلك.