"عمرها 10 أعوام، لا تزال طفلة، وجهها يافع، لكنه يشع بحب الإطلاع فيما تتقدم بفطرتها نحو النضج. هي على أتم الإستعداد لإستيعاب الحكمة والمعرفة ممن حولها، وجاهزة لأن تصبح في يوم من الأيام قائدة ملهمة، عاملة منتجة، مبتكرة وأماً حنوناً أو لأي دور أساسي آخر في مجتمع مزدهر وديناميكي. سوف ترسم ملامح مستقبل المجتمع الذي تعيش فيه وملامح عالمنا المشترك."
لخصت الكلمات أعلاه العديد من الجوانب المشرقة والطموحة لكل فتاة يافعة ستكون في المستقبل وخصوصاً في العام 2030 (وهو الموعد المحدد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة) امرأة ناضجة ترسم مستقبلها ومستقبل أسرتها ومجتمعها ككل. وهذه الكلمات نقلت عن تقرير حالة سكان العالم 2016 والصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان والذي خصص بالكامل لموضوع الإستثمار في الفتيات في سن العاشرة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن التقرير والذي صدر بتاريخ 20/10/2016 أوضح بأن هنالك 60 مليون فتاة في سن العاشرة في العالم أكثر من نصفهن يعشن في 48 دولة تعاني من أسوأ أشكال عدم المساواة بين الجنسين. فالفتيات يتعرضن أكثر من الفتيان للزواج القسري والمبكر، وعمل الأطفال، وتشوية الأعضاء التناسلية، والعنف المبني على النوع الاجتماعي، والإنقطاع عن التعليم، وغيرها العديد من الممارسات الضارة.
وبين التقرير بأن 47700 فتاة تتزوج يومياً قبل بلوغها سن الـ 18 عاماً، وأن حوالي 10% من الفتيات اللاتي أعمارهن ما بين 5-14 عاماً يعملن لأكثر من 28 ساعة أسبوعياً في أعمال منزلية، فيما يعمل الفتيان من نفس الفئة العمرية ما مقداره 14 ساعة أسبوعياً.
في الأردن...491950 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين 10-14 عاماً
بلغ عدد الفتيات في الأردن واللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 10-14 عاماً 491950 فتاة ويشكلن ما نسبته 10.9% من مجموع الإناث البالغ عددهن 4498000 أنثى، وفقاً للتقرير السنوي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2015.
وتضيف "تضامن" بأن العمل على إزالة كافة العقبات والتحديات التي تواجه هذه الفئة العمرية من شأنها أن تخلق جيلاً من الفتيات سيكون منتجاً وقيادياً وفاعلاً على مختلف الأصعدة وفي مختلف المجالات بالشراكة والتعاون والمساواة مع الفتيان، وسيساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وتعتقد "تضامن" بأن العنف والتمييز بين الجنسين والزواج المبكر وعمالة الأطفال من أهم التحديات والمعيقات التي تواجه الفتيات ، والقضاء على هذه المعيقات سيكون أهم إستثمار لمستقبل أفضل وفرص أوسع وخيارات متعدده لهن ولأسرهن، ولتنمية شاملة ومستدامة لمجتمعهن.
763737 فتاة ملتحقة في المرحلة التعليمية الأساسية في الأردن
إن نسب إلتحاق الفتيات في التعليم بمختلف مراحله هي من أعلى النسب على المستوى الوطني، وقد بلغ عدد الطالبات في المرحلة التعليمية الأساسية 763737 طالبة للعام الدراسي 2014-2015 في جميع المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة الغوث، وفقاً للتقرير السنوي لعام 2015 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.
فيما بلغ عدد الطالبات في المرحلة التعليمية الثانوية 98973 طالبة، ومرحلة الروضه 55202 طفلة، ومرحلة التعليم الثانوي المهني 10587 طالبة. علماً بأن مجموع الطالبات في جميع المراحل التعليمية بلغ 928499 طالبة مقابل 948317 طالب.
8868 طفلة عاملة في الأردن
أشار المسح الوطني لعمل الأطفال في الأردن 2016 والصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل الأردنية ودائرة الإحصاءات العامة الى أن عدد الأطفال في الأردن ذكوراً وإناثاً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5-17 عاماً والذين يعملون في أعمال خطرة بلغ 44917 طفلاً وطفلة وهو ما يشكل 59.1% من مجموع عمالة الأطفال.
وتشير "تضامن" الى أنه ووفقاً للمسح فإن عدد الطفلات العاملات بلغ 8868 طفلة منهن 2393 طفلة يعملن في أعمال خطرة وبنسبة 26.9%.
وقد حدد المسح الفئات العمرية للطفلات اللاتي يعملن في أعمال خطرة، فهنالك 586 طفلة أعمارهن ما بين 5-11 عاماً، و 687 طفلة أعمارهن ما بين 12-14 عاماً، و 1120 طفلة أعمارهن ما بين 15-17 عاماً.
تدريب الطفلات على القيادة...تدريب مبكر لتفادي التحديات
أصدر برنامج كن حراً دليلاً تدريبياً حول القيادة للطفلات من الفئة العمرية (7-10) أعوام بإعتبار أن مفهوم القيادة بالنسبة للطفلة يدلل على قدرتها على إحداث التغيير الإيجابي ولو كان بسيطاً ، وأن من شأن ذلك التأثير على حياتها الحالية والمستقبلية ويؤثر على تعزيز ثقتها بنفسها والمبادرة في إتخاذ خطوات وقرارات تعتبر قيادية ستسهم بشكل كبير في تغيير إيجابي على حياتها وسلوكها ، وتشارك في صناعة مستقبلها ومستقبل أسرتها ومجتمعها.
وتؤكد "تضامن" على أهمية هذا الدليل خاصة وانها قامت بإجراء دورتين تدريبيتين إستهدفتا طالبات مدارس في المفرق وجرش للفئة العمرية (7-10) أعوام ، وأبدت الطالبات المشاركات إهتماماً وشعرن بالتميز والإبداع المكنونان بداخلهن ، وأن بإستطاعتهن إحداث التغيير الإيجابي.
تكمن أهمية التدريب المبكر تفادياً للتحديات التي قد تنشأ مستقبلاً والمتمثلة برسوخ العديد من المفاهيم الخاطئة والمتعلقة بالأدوار النمطية التي تكرسها العادات والتقاليد المسيئة والضارة وتعززها الهيمنة الذكورية ، فتتعلم الطفلات المفاهيم الصحيحة للمشاركة والتعلم والتمكين بغض النظر عن نوع الجنس أو الجنسية أو الظروف الإجتماعية أو العمر.
إن العمل من خلال هذا الدليل سيساعد الطفلات على رؤية أنفسهن كقياديات خلال حياتهن اليومية، وأن البدء في ذلك مبكراً سيساعدهن على تقدير ذواتهن ومعرفة المهارات التي يمكن أن تغير من سلوكهن في الحياة وطريقة تعاملهن مع الآخرين بحيث يستطعن تلمس الأثر الإيجابي بوعي وإدراك ، ويحددن مسار حياتهن المستقبلية ودورهن في مجتعاتهن.
إن التوجه للطفلات من الفئات العمرية المذكورة للتدرب عن موضوع القيادة يعتبر من الأفكار الرائدة التي تحرس على تقديمها بطريقة سهلة وسلسة ولغة تفهمها الطفلات ومن قبل مدربات متخصصات ، مما ييسر عملية وجود قيادات شابة وقيادات نسائية تصل الى مواقع صنع القرار وتشارك إيجابياً في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية ، مما يساعد في تهيئة الظروف للوصول الى مجتمع خالي من التمييز والعنف وعدم المساواة بين الجنسين.
وتؤكد "تضامن" على أنه وبالرغم من ذلك إلا أن عقبات ومعيقات عديدة لا زالت قائمة وتحول دون إستثمار تعليم الفتيات وتفوقهن ليسهمن بشكل أكبر وفعال في المجالات الإقتصادية والسياسية والثقافية، ومن بين هذه المعيقات الزواج المبكر وعمالة الأطفال وتفضيل الأسر تعليم الأبناء دون البنات وإلحاقهم بالجامعات سواء في داخل الأردن أو خارجه ، وتوجه الفتيات لدراسة التخصصات العلمية والمهنية والتي في كثير من الأحيان لا تعكس حاجات ومتطلبات سوق العمل في ظل غياب لسياسات وبرامج وإستراتيجيات ودراسات فعالة ذات علاقة ، وإنخفاض معدلات المشاركة الإقتصادية للنساء وتفشي البطالة بينهن وبنسب مرتفعة ، ووجود العديد من القوانين التمييزية التي تحول دون تمتعهن بكامل حقوقهن.
وتطالب "تضامن" بتجريم الأشكال جديدة من الإتجار بالبشر، كتزويج القاصرات دون الـ 15 عاماً والتي تتم بالعادة دون توثيق لمخالفتها قانون الأحوال الشخصية الأردني، والزواج القسري، وعمل النساء في المشاريع العائلية دون أجر ولفترات طويلة، وإكراه النساء على الإقتراض لصالح أحد أفراد العائلة مما يرتب عليهن أعباء مالية قد توصلهن الى مراكز الإصلاح والتأهيل، وإجبار النساء والفتيات على القيام بالرعاية المنزلية للمرضى وذوي الإعاقة لساعات طويلة.