لازلت اذكر قصة ذلك الشيخ الذي جمع أبناءه حوله حينما أحس بدنو أجله، وأعطاهم عوداً من الخشب وطلب منهم كسره، فكسروه. ثم جمع عدد من الأعواد وطلب من أبناءه تكسير المجموعة فلم يقدروا, وتدل قصة الشيخ القديمة الحديثة على وحدة الصف ، فالأمة ذات الصف الواحد لا يمكن لعدوها إختراقها أو إحتلالها، جسدياً أو فكرياً.
تذكرت القصة التي طالما غرستها في نفسي المدرسة الاولى في حياتي معلمتي ذكرتها وانا استمع بحسرة والم شديدين قراراً طائفياً سيفرض على العراقيين مفاده استحداث محافظات جديدة في محاولة ليست الاولى من نوعها في تقسيم العراق على اسس طائفية تنفيذاً لمخطط اجنبي صهيوني بايدي اقزام عراقية .
وقد ارتبط مصطلح فرق تسد في اذهان العراقيين بالاحتلال , فمن خلال هده العبارة استطاع المحتلين على مدى التاريخ من اثبات جذورهم في البلد ، وهذا ما حصل اثناء الاحتلال البريطاني للعراق حيث اعتمد على إحداث تفرقة بين أفراد المجتمع الواحد اين ما حل ليسهل السيطرة عليهم.
بهذه القاعدة عملت بريطانيا العظمى خلال فترة الاحتلال ، فأستخدمت التفرقة العنصرية المبنية على اللغة أو العرق أو الدين، لإحكام السيطرة على دول كالهند وسيريلانكا. وكذلك تم تقسيم دول العالم الإسلامي والعربي ورسم الحدود بعد الحرب العالمية الثانية، لتسهل السيطرة عليها.
ومن بعد بريطانيا جاءت إسرائيل، والتي إستخدمت التفرقة العنصرية المبنية على أسس الفروقات الدينية بين المسلمين والمسيحين من اللبنانيين، فتسببت بالحرب الأهليه والرابح كان إسرائيل التي سيطرت على جنوب لبنان بمساعدة إنشغال اللبنانيين بالحرب بينهم.
وقام الموساد بعدها بدعم الأكراد في سوريا والعراق وإيران، لتحقيق مصالح سياسية لإسرائيل , وأخيراً قاعدة “فرق تسد” أستخدمت في الحرب على العراق، فتم تقسيم العراق إلى أقاليم بحسب الإنتماءات العرقية أو الطائفية وتداعياتها لا تزال ترى للناظر في حالة الشعب العراقي المنكوب.
وتمثل اولا في الدستور الذي أسس نظام الاقاليم وفكرة المحاصصة على اساس الطائفة حيث وزعت مؤسسات الدولة على هذا الاساس، ولم يطل المواطن أي خير هذه المحاصصة او هذا الدستور .
واستمرار للايقاع ذاته لم يفاجىء العراقيون باعلان المالكي عن إستحداث محافظات قضاء تلعفر وطوز خورماتو والفلوجة، وما تبعها من ردود افعال على تلك اللعبة المشبوهة من تجديد الدعوة الى إقامة الأقاليم، في اطار لعبة رخيصة تهدف للتمهيد الى تقسيم العراق،وتأجيج الفتنة الطائفية والعرقية المقيتة، لخلق اجواء من الاقتتال والصراعات الطائفية والعرقية، تستسيغ تنفيذ هذا الهدف.
ولم يعد هناك مجال للشك أن هذه الايقاع الشاد لمصطلح فرق تسد والدي ما فتأت الكثير من الحكومات المأجورة استخدام سواءاً لإخضاع شعب، أو على أقل تقدير لإشغاله بنفسه .
ويبقى الامل كل الامل في مثقفين العراق من علماء الدين والشيوخ اساتذة جامعات , فنانين , ادباء في أن يبادروا وبروح وطنية ومن أجل لحمة الشعب العراقي المتعايش معا منذ قرون وأن يرفضوا مثل هذا الاجراء .