السيدة “كفاح محمد” بعد عامين من المعاناة بظل الحرب المستمرة في اليمن لم تعد تستطيع مواجهة تكاليف الحياة المعيشية ووصلت حالة أسرتها حد الجفاف خصوصاً بعد أن أنفقت كل ما لديها من مجوهرات لتغطية احتياجاتها بظل الحرب التي تشتعل رحاها منذ 19 شهراً ولم تستطع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على أطراف الصراع لإيقاف هذه الحرب وإنهاء الأزمة الانسانية التي تعد واحدة من أسوأ الأزمات التي يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرون والتي خلفت حتى الأن وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة ما يقرب من 7000 آلاف قتيل و34 الف جريح.
“لم أعد أجد حيلة للمواجهة”
الأستاذة كفاح محمد تعمل في إحدى المدارس الحكومية في صنعاء ـ معلمة أطفال ـ تعيش حياة محبطة تماما خصوصاً بعد أن استنفذت كل ما لديها من مدخرات ومجوهرات لتغطية نفقاتها المعيشية ومؤخراً تضاعفت معاناة السيدة اليمنية “كفاح ” بعد عجز الحكومة اليمنية عن دفع راتبها الضئيل “لا يوجد لدي من الطعام والمؤن الغذائية ما يكفى لإطعامنا، انا وعائلتي لمدة يومين قادمين” كما تروي قصة معاناتها “للزمان التركية” .
وتواصل بعبارات موجزة قائلة: “لم أعد أجد حيلة للمواجهة” الحرب شردتنا، لم يعد نستطيع توفير الغذاء نعمل دون أجر فالحكومة لم تعد تستطيع دفع اجورنا الزهيدة وما كنا نملكه من مدخرات انفقناه طوال الأزمة، لكن الأن لم يعد لدينا حيلة سوى التسول”.
مرارة واقع السيدة كفاح وغيرها كثيرون يجعلك تعيش حالة من الذهول كيف اثرت الحرب في اليمن على واقع الناس بمختلف مستوياتهم وطبقاتهم وجعلتهم يعيشون واقعا تنعدم فيه ابسط خدمات الحياة لا كهرباء أو مياه نظيفة أو غذاء فضلاً عن حالة الخوف والقلق اليومي الذي يعيشه الجميع جراء الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف الذي تتزعمه السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم فضلاً عن عمليات الاقتتال الداخلي الذي يخلف يومياً عشرات القتلى.
“نفذ كل ما نملك ونحن في مرحلة الجوع”
بظل دوامة حرب يبدو أنها بلا نهاية، خصوصاً مع فشل خطة السلام الأممية الأخيرة التي يرفضها الرئيس هادي يحاول كثير من السكان وهم في حالة احباط، مواجهة ازماتهم المعيشية بوسائل عدة كالحد من الاستهلاك والاستغناء عن الكماليات ومحاولة الاكتفاء بالضروريات في الحد الأدنى لكن استمرار الأزمة ودخولهم مرحلة الجوع جعلهم يستنفذون كل ما لديهم بما فيها مدخراتهم وأخرها المجوهرات الذهبية والتي غالباً ما تكون بحوزة النساء.
ظروف السيدة هناء حاتم يعبر عن هذا الواقع تماماً فأسرتها المكونة من 5 اشخاص استنفذت كل ما لديها من امكانيات ومدخرات منذ شهرين تقريباً كما تقول “للزمان التركية”، مشيرة إلى أنها كانت تملك مجوهرات ذهبية ما يصل قيمته إلى 5 آلاف دولار لكنها باعت كل تلك المجوهرات لتغطية عجز الدخل والانفاق على اسرتها طوال فترة الأزمة وتضاعفت مأساتها بانقطاع راتبها الحكومي منذ ثلاثة أشهر “نفذ كل ما نملك ونحن في مرحلة الجوع” كما تقول المتحدثة.
ففي الوقت الذي تتزايد تحذيرات المنظمات الدولية الإنسانية من وصول اليمن إلى وضع كارثي في ماله علاقة بالوضع المعيشي الذي يتدهور يوما بعد يوم، قالت منظمة (العمل ضد الجوع) أن 80% من السكان في اليمن بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة وأعلنت كريستينا تيفونو المسؤولة في المنظمة خلال مؤتمر عقدته في العاصمة الفرنسية باريس بأن “الوضع الإنساني بات مروعاً في اليمن والمنظمات غير الحكومية لم تعد قادرة على تغطية حاجات السكان”.
وقالت: إن الوضع خلال عام “سجل تدهوراً كبيراً ففي حين كان 16 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية في مارس/آذار 2015 يقدر اليوم عددهم بـ21 مليوناً أي 80% من السكان الذين يحتاجون إلى مثل هذه المساعدة”. مشيرة إلى أن “مستوى الوضع الإنساني الطارئ رفع إلى الدرجة 4، أي إلى ما قبل المجاعة مباشرة” في 10 محافظات يمنية من أصل 21 محافظة.
مستقبل مجهول بظل أزمة جوع
كفاح وأمل وهناء وزملائهن فائز وصادق واقعهم مع الحرب جعلهم نماذج لحياة ملايين اليمنيين الذين يعيشون الجوع وهم في حالة من الخوف والقلق ولم يعد لديهم حيلة لمواجهة تكاليف المعيشة بظل انقطاع الدخل واستنفاذ كل المخدرات. كفاح تقول: قبل ايام كانت تملك أخر جرامين من الذهب باعته واشترت بنقوده مؤن غذائية لكنها لا تكفي لنصف شهر قادم لإطعام عائلتها المكونة من 6 اشخاص، فيما فائز يقول أنه نفذ كل ما لديه منذ شهر غير أنه تمكن من التواصل مع صديقه المغترب في السعودية وحصل على قرض (50$) ولكنه قلق من مصيره المعيشي في الأيام القادمة.
ويمثل تأثير الصراع على الوضع الاقتصادي في اليمن – الذي يعد من أفقر بلدان الشرق الأوسط- كارثة، فمئات الآلاف من موظفي القطاع العام لم يعودوا يحصلون على رواتبهم ويكافحون من أجل تغطية نفقاتهم.
وتقول نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (IPC) أنه منذ يونيو/حزيران 2016 تزايد اعداد الاشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن إلى 14.1 مليون شخص بينهم 7 ملايين يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي، في حين أنه في بعض المحافظات اليمنية يكافح 70% من السكان لإطعام أنفسهم.