أثار حكم صادر عن محكمة الأسرة في الكويت قضى بحرمان امرأة مطلقة من حضانة أبنائها بسبب تدخين “الشيشة” النرجيلة خارج المنزل، جدلا واسعا في الشارع الكويتي. واستنادا إلى حيثيات الحكم القضائي، رأت المحكمة أن “تدخين الشيشة بالنسبة للأم الحاضنة يُعتبر سلوكا مشينا، وغير لائق اجتماعيا، ويسقط الحضانة، لأن الأبناء لن يكونوا في مأمن معها”.
ويمنح القانون الكويتي حق الحضانة للأم بموجب المادتين 189 و190 من قانون الأحوال الشخصية، فلا يحق للأب أن يطالب بالحضانة إلا إذا أثبت أنّ الأم غير أمينة على أبنائها وبناتها أو غير قادرة على تربيتهم وعلى صيانتهم صحيّا وخلقيا، وفي حال أثبت الأب عدم قدرة الأم على الرعاية وانتفاء أمانتها لا تعود الحضانة إليه، بل تكون لأم الأم، وإذا لم توجد، فللخالة، ثم لخالة الأم، ثم لعمة الأم، ثم الجدة لأب، واستطراداً له.
وإذا أراد الأب حق الحضانة يقع علية عبء إثبات أن كل من سبق ذكرهن هنّ غير أمينات على الأبناء وغير قادرات على تربيتهم و على صيانتهم صحياً وخلقيا.
وتنتهي حضانة الأم لابنتها بزواج الإبنة، وللولد بالبلوغ بعد أن يكبر الابن لا يخيّر بين العيش عند والده أو والدته. كما يحق للأم أن تطالب بنفقة يدفعها الأب شهريا لأبنائه وبناته، ويحق لها كذلك أن تطالبه بأجرة الحضانة.
وقال خبراء في القانون إنه إذا تم تأييد الحكم في مرحلة الاستئناف أو التمييز، فسيقرّ مبدأ يمكن الأخذ به في بقية القضايا، وسيتم بمقتضاه حرمان الأم أو كلا الأبوين من الحضانة بسبب التدخين.
وشكك حقوقيون في تأييد الحكم الصادر عن محكمة الأسرة في الكويت بصفة نهائية من قبل محكمة الاستئناف، نظرا لأنه يتعارض ومبدأ المساواة، وأوضحوا أن القانون شامل ولا يمكن أن يشمل فئة ويستثني فئة أخرى، وبينوا انه بمقتضى هذا الحكم يمكن أيضا للمرأة أن ترفع دعوى ضد زوجها المدخن، لأن في ذلك إضرارًا بصحتها وبصحة أبنائها.
واعتبروا أن محكمة الأسرة أرست مبدأ جديدا في قضايا الأحوال الشخصية، حيث أسقطت حضانة أم مطلقة عن أبنائها، وذلك بعد ثبوت ما يفيد أنها تقضي ساعات في تدخين الشيشة خارج المنزل، مشيرة إلى أن تدخين الشيشة بالنسبة للأم الحاضنة يعتبر أمرا مشينا، وبالتالي فإن تضييعها لساعات في استخدام أمر ضار بالصحة وغير لائق اجتماعيا من شأنه أن يسقط الحضانة، وبالتالي فإن سلوك تربيتها لأبنائها لن يكون في مأمن.
كما نبه محامون إلى أن هذا الحكم قد يدفع بعض الزوجات الراغبات في الطلاق إلى تدخين الشيشة لبلوغ رغبتهن. وفي وقت سابق دعا عضو المجلس البلدي بالكويت مانع العجمي الجهات المختصة إلى إصدار قرار يمنع دخول النساء إلى المقاهي وتدخينهن للشيشة.
وقال العجمي في تصريحات صحافية إن “تواجد النساء في المقاهي المختلطة وتدخين الشيشة ثقافة جديدة ودخيلة على المجتمع الكويتي خصوصاً النساء الكويتيات، واليوم أغلب من يتردد على تلك المقاهي هم أجانب.. وغداً كويتيات”.
وأضاف أن “المجتمع الكويتي محافظ، وعلى أجهزة الدولة كافة، خصوصاً وزارتي التجارة والداخلية التحرك بجدية نحو منع دخول النساء إلى المقاهي بشكل فوري، لاسيما أن ذلك الأمر يخالف الشرع والقيم والأخلاق”.
وأوضح العجمي “إن تدخين النساء للشيشة واختلاطهن مع رواد المقاهي يعتبر دماراً للعادات والتقاليد، وهلاكاً للمجتمع برمته وما يحدث فيها أمر مفجع لا يمكن قبوله، مضيفا أنها عادات سيئة نُقلت للمجتمع، وبالتالي الرفض قطعي وواجب حتمي على الجميع”.
ويؤيد هذا الاقتراح شق كبير من رجال الدين، وفي المقابل يعارضه بشدة أصحاب المقاهي خوفاً على تراجع أرباحهم، بالإضافة إلى مدمنات الشيشة اللاتي يعتبرن مثل هذا التشريع اعتداءً على حريتهن الشخصية.
ومن جهة أخرى يرى معارضو انتشار هذه الظاهرة أن غالبية النساء في المقاهي هن من الوافدات الأجنبيات اللاتي يجذبن مزيدا من الكويتيات لتلك المقاهي التي تحتوي الخدمات الخاصة فيها على الكثير من الشبهات.
وكشفت تقارير سابقة عن تزايد عدد النساء في المقاهي لتدخين الشيشة بشكل لافت في السنوات الأخيرة مما دفع أصحابها لتقديم خدمات خاصة لهن، وأنشؤوا أماكن مغلقة خاصة داخل مقاهيهم توفر للنساء الراغبات في تدخين الشيشة خصوصية وتبعدهن عن أعين المتربصين من منتقدين أو أقارب قد لا يكتفون بالانتقاد.
وقالت إن مشهد الفتيات اللاتي يدخن الشيشة في مقاه مختلطة، أصبح أمرا شائعا في البلد الخليجي الأكثر تحررا من ناحية الاختلاط بين الجنسين، رغم الأصوات الدينية والقبلية والرسمية المعارضة لهذا المشهد الذي يعتبرونه مخالفاً لعادات وتقاليد الكويت.
كما أشارت إلى أن مقاهي الكويت أصبحت تعتمد على النساء في تحقيق قسم كبير من الأرباح، وسط مخاوف أصحابها من صدور قوانين صارمة تمنع تدخين الشيشة على النساء في المقاهي.
وأكد علماء اجتماع أن توجه الفتيات أو الشباب إلى الشيشة والسجائر يأتي من باب الاعتقاد بأن ذلك نوعاً من التطور والرقي والحرية، ويستخدم البعض من النساء الشيشة والسجائر كنوع من إثبات الذات، بينما الفراغ والبطالة والضغط النفسي من الدوافع المهمة لذلك، فالمساواة تكون في القضايا الحقوقية والسياسية والاقتصادية والقانونية، وليست في التدخين لأنه أمر ضار.