عقب ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية وفوز دونالد ترامب، قررت إيمي سيسكيند، خبيرة في مساعدة النساء على النجاح، كتابة هذه الرسالة لكافة السيدات اللاتي امتنعن عن التصويت لهيلاري كلينتون، وقالت:
للمرة الأولى منذ 50 عاماً من وجودي على هذه الأرض، بدأتُ أشك في أنَّني سأرى رئيسة جمهورية امرأة في حياتي.
ها قد قلتها، اضطررتُ إلى التصارع مع -وقبول- حقيقة غريبة عليّ جداً وغير قابلة للتفسير، وهي أنَّ: الكثير من النساء ينحزن على ما يبدو ضد النساء الأخريات.
فحتى في هذه الانتخابات التاريخية، بعد 240 عاماً من حُكم الرجال، لم تستطِع النساء الاحتشاد حول أول امرأة تخوض الانتخابات مرشَّحةً عن حزبٍ بارز.
دعوني أكون أدق قليلاً: لم تستطِع النساء البيض فعل ذلك.
أعتقد أنَّ الوقت قد حان لنقاشٍ جاد حول العوامل المتسبِّبة في ذلك!
كنت آمل أن يكون هذا أمراً مرتبطاً بالأجيال، وأن يمكننا أخيراً أن يرى بعضنا بعضاً رفيقات وزميلات لا عدوات، مع تطوُّر ثقافتنا، ومع عوامل مثل تعميم تواجد النساء في سوق العمل وتشكيلهن نصف طلّاب الجامعات.
كشفت هذه الانتخابات عن النقيض، فالشابات كُنَّ في الحقيقة أقسى الناخبين على هيلاري؛ إذ فضّلت فتيات الألفينات بيرني في الانتخابات الأولية، وعندما وافقن أخيراً على هيلاري في الانتخابات العامة، وجد استطلاع رأي أجراه موقع USA Today أنَّ دعم شباب الألفينات لها (بنسبة 65%) كان أكبر كثيراً من دعم الفتيات (بنسبة 47% فقط).
بينما كنّا نفكِّر في رعبٍ فيما إذا كان الرجال يتطوَّرون فيما يخص قضايا النوع الاجتماعي أم لا! سأكون كاذبةً إن قلتُ إنَّ هذا لا يفطر قلبي قليلاً.
ماذا حدث؟ يمكننا أن نضع جانباً بعض الأعذار المبتذلة التي تُقدَّم عادةً كلَّما ترشَّحت أي امرأة لمنصبٍ ما.
يكون العذر الأكثر استخداماً وملاءمةً هو "أصوِّت للشخص الأكفأ" (في تورية خفية بأنَّ النساء أقل كفاءةً).
لا ينطبق هذا العذر صراحةً في هذه الانتخابات، كذلك القول بأن هيلاري غير محبوبة، قد تكون غير جديرة بالثقة والحب، مقارنةً بأي رجل، ولكن مقارنةً بهذا الرجل على الأخص؟
أعرف العذر التالي: أدعم النساء، ولكن لا أدعم هذه المرأة فقط. رجاءً دعونا من هذا!
عندما أنهت هيلاري فترتها في منصب وزيرة الخارجية، كانت أكثر الساسة في بلدنا شعبيةً، أكثر شعبيةً حتى من الرئيس أوباما أو نائبه بايدن.
ثم، عندما التقطت الطُعم وأعلنت ترشُّحها للرئاسة، انزلقت سريعاً. فقد علت إلى مكانةٍ أعلى من مكانتها، كما رأى الأميركيون.
ثم سعينا نحو إيجاد مبرر للانقلاب عليها: حساباً بريدياً -يا للرعب!- لم يكُن الأمر أكثر ممَّا يماثل اصطياد الساحرات، ولكن في العصر الحديث.
ورجاءً، لا تخدعوا أنفسكم: إذا اختارت السيدة الأولى ميشيل أوباما أو عضوة مجلس الشيوخ إليزابيث وارن الترشُّح للرئاسة، فسنفعل نفس الشيء معهم (أو النساء البيضاوات على الأقل سيفعلن)، لذلك نحتاج إلى فهم ما يحدث هنا!
عانيتُ كي أفهم ماذا يحدث بين النساء، لطالما كان حدسي وعاداتي تميل إلى إحاطة نفسي بنساء أخريات ودعمهن.
من اللعب في الفرق الرياضية، إلى إرشاد أعداد من الشابات الصغيرات أثناء عملي في "وول ستريت"، والمئات منهن على مدار العقد الماضي بصفتي رئيسة المنظمة الوطنية للنساء، لطالما كنتُ أميل إلى رؤية الجانب الأفضل من أفراد جنسي، وأساندهن.
وهكذا، أنا محتارة تماماً في فهم هذا الجانب من أفراد جنسي: لماذا نقسو بهذه الشدّة بعضنا على بعض؟ أشعر بأنَّني أجنبية.
لقد استنزفت قوى عقلي وقلبي وروحي لمحاولة فهم سبب دعم النساء (أقول ثانيةً النساء البيضاوات) رجل أقل كفاءةً، رجل قال بعلو صوته "أمسكوهن من فروجهن"، ونعلم جميعاً أنَّه قد اعتدى على نساء وميَّز ضدهن وشيَّأهن طوال حياته.
ما أعرفه هو أنَّ دونالد ترامب كان ماهراً. عرِف الأوتار التي سيلعب عليها (هيلاري غير المؤتمنة) لمنح النساء رخصةً للانقلاب بعضهن على بعض.
ليس أول من يفعل هذا، ولن يكون الأخير! فقلب النساء بعضهن على بعض هو الطريقة الأضمن لإعاقتنا، وللحفاظ على الوضع القائم بكون النساء مواطنات من الدرجة الثانية بمقاييس عديدة.
أخشى ما سيأتي تالياً، لن تكون هذه السنوات الأربع التالية جيدة للنساء، فقد تجرَّأ المتحرِّشون والمعتدون جنسياً، فحتى بيل كوسبي (المتهم بالتحرش بالنساء) يريد الآن فرصةً ثانية!
سوف يستفحل التمييز على أساس الجنس في أماكن العمل، وسيظل على الأرجح غير مجرَّم قانوناً.
سيُحَطّ من قدر النساء في محل العمل، وفي المنزل، وفي مباني الجامعات. وبدأ هذا يحدث بالفعل.
بعد عقدٍ من إدارة المنظمة الوطنية للنساء، ومعايشة حملتين مع هيلاري، يمكنني أن أخبركم دون شك: لن تتقدَّم النساء نحو المساواة حتى نبدأ في دعم بعضنا بعضاً.
هل يمكننا أن نبدأ على الأقل بتفسير الشك لمصلحة بعضنا البعض؟ ألتمس من كل امرأة تقرأ هذا الكلام، أن تفكِّر فيه قليلاً في وقتٍ هادئ، وخاصةً الشابات الصغيرات: فأنتن مستقبلنا، وإن لم تتمكَّنَّ من الاتحاد معاً، فلن تُعار لكُنَّ أي أهمية في المنزل أو في العمل وستَصِرن في مكانةٍ تجعل احتياجاتكن في المرتبة الثانية.
كل ما كانت تتطلَّبه هذه الانتخابات هو المزيد من النساء اللاتي يُفسِّرن الشك لمصلحة هيلاري بدلاً من تفسيره ضدها.