لو فازت هيلاري كلينتون في الانتخابات الأخيرة لأصبحت أقوى سيدة في العالم.. لانضمت إلى الزعيمة الألمانية أنجيلكا ميركل، والزعيمة البريطانية تيريزا ماي، والأرجنتينية كريستينا كريشنر، والبرازيلية يلما روسيف، والكورية الجنوبية بارك كون والأسكتلندية نيكولا ستورجن في قيادة أقوى اقتصاديات العالم.. زعيمات يشكلن النسخة الأحدث من زعيمات سبقنهن وحققن ماعجز عنه الرجال مثل الإسرائيلية غولدا مائير والهندية انديرا غاندي والبريطانية مارغريت تاتشر.. مازلت أذكر كأس العالم الأخيرة حين توسطت الزعيمة البرازيلية (المستضيفة) الزعيمتين الألمانية والأرجنتينية لمشاهدة رجال البلدين يطاردون كـرة من جلد البقر..
.. صحيح أنني أيدت وصول النساء لمراكز القرار (في مقال: لو حكمت النساء العالم) إلا أن الأمر لا يقتصر فقط على زحفهن لكراسي الحكم.. فـهناك دراسات كثيرة أصبحت ترجح تفوقهن علينا من الناحيتين البيولوجية والاجتماعية والتعليمية ــ وقارن بنفسك بين مستوى الصبيان والبنات هذه الأيام..
فالنساء هذه الأيام أصبحن بالفعل أكثر اطلاعاً انفتاحاً وتعليماً وذكاء، والرجال أكثر انحداراً وحماقة وضيق أفق.. وهذه الظاهرة ليست محصورة في دولة معينة بل ملاحظة في كل أنحاء العالم.. فهناك مثلاً تقرير حكومي بريطاني يؤكد ظاهرة ارتفاع المستوى التعليمي والفكري والصحي والاجتماعي للنساء في بريطانيا ــ مقابل انحدار كل ذلك لدى الرجال.. وبحسب اختصاصي المورثات هنري كوبر الأمر ناجم عن أن عقول وأجساد النساء تخضع للتغيرات بمعدل أسرع من أجساد الرجال. ولأن مجتمع النساء ــ بحسب رأيه ــ يقيم وزناً كبيراً لمواصفات التفوق على الرجال بدأت هذه المواصفات تجنح للظهور بين النساء بشكل طبيعي وتلقائي..
.. وأنا شخصياً لا يمكنني تجاهل هذه الفرضية رغم شطوحها.. فقد لاحظت فعلاً أن الأجيال النسائية الجديدة غدت بالفعل أكثر طولاً وذكاء وسلامة من الأمراض ــ التي تقتل الرجال مبكراً.. صحيح أن الرجال لايزالون أقوى عضلياً الا أن أجساد النساء أكثر مقاومة للأمراض وتحملاً للمشاق وتعمرن لفترة أطول (وتذكر معي كم عجوزا عاشت بعد زوجها زمناً طويلاً)!!
أضف لهذا اتضح أن أدمغة النساء ــ رغم أنها أصغر حجماً ــ أكثر كفاءة في مجالات معينة وتتعرض للتلف بنسبة أقـل (فخرف الشيخوخة مثلاً يصيب أربعة رجال مقابل امرأة واحدة).. أما من الناحية الاجتماعية فحتى وقت قريب كان وضع الأنثى ــ في كل العالم ــ ادنى من الذكر في كل المجالات .. فلا تعليم ولا دخل ولا حق في الاختيار او تقرير المصير. إلا أن الأمور تبدلت بسرعة خلال الخمسين عاماً الماضية فتجاوزت نسبة النساء العاملات في الدول المتقدمة الـ50% وتولت المرأة حقائب وزارية ومناصب دولية نعرفها جميعاً. وبعد أن كان التعليم الجامعي حكراً على الذكور في الإمارات والسعودية وقطر وقبرص ومنغوليا تجاوزت نسبة الفتيات نصف مجموع الطلبة !!
.. يمكنك أن تختلف معي، ولكن لا يمكنك إنكار حقيقة تقدم الجنس الأنثوي في كافة المجتمعات.. وأخشى ما نخشاه (كرجال قوامين على النساء) أن الوتيرة السريعة لتقدم المرأة يهدد بظهور مجتمع السلطة الأنثوية واكتمال سيطرة النساء على كوكب الأرض بنهاية هذا القرن..
... ولا يبدو أنني الوحيد الذي يبدي قلقه من هذه الظاهرة حيث وردت في التقرير البريطاني فقرة تقول: "ومما أثار قلق حكومة صاحبة الجلالة انه في الوقت الذي يستمر فيه تفوق الإناث يتباطأ تقدم الذكور مقارنة معهن على كل المستويات" !!
... ولا أعتقد أنني أفهم أكثر من حكومة جلالتها...