لفت نظري تقرير بُث على إحدى القنوات الخليجية حَمَّل عنوان "خرّفنة" وعُرفّت هذه الكلمة التي أُشيعت مؤخراً في المجتمعات الخليجية بأنها استغلال بعض الفتيات والنساء لبعض الرجال، إمّا عن طريق برامج التواصل الاجتماعي أو عَبَر العلاقات المباشرة، وتَطّرق التقرير لتفاصيل كثيرة في هذا الموضوع ورأي بعض الرجال والنساء في ذلك والمختصين، وتذكرت الكثير من النكت والدُعابات التي أُطلقت ومازالت على هذا الموضوع، وكيف تشوهت صورة كل من الرجل والمرأة والتي صُورّت بأنها استغلالية وجشعة وبأنها تستخدم كيدها للحصول على كماليات وبأنها تبتذل مشاعرها، في المقابل أظهرت الرجل وكأنه - عفواً، "خروف" لا عقل له، ولا حكمة ولا مقياس منطقي للأمور وبأنه يتبع المرأة المستغلة وهو أعمى دون تفكير أو مناقشة! .
لا أنكر أن هذا الأمر موجود فعلاً عند البعض وهو متبادل بمعنى أن بعض الرجال أيضاً أصبحوا يستغلون مشاعر النساء ويطلبون منهن المال أو هدايا أو غيره، بحجة أنه لا يريد أن يكون خروفاً، فيتغدى بالمرأة قبل أن تتعشى به، للأسف إن هذه الصورة المشوهة أصبحت هي المسيطرة على عقول كل من الرجال والنساء، ففي أي علاقة يكون الرجل متوجساً من طلبات المرأة ويخشى استغلالها له والعكس بالنسبة للمرأة، فمن ساهم في نشر هذه الثقافة السيئة التي لا تعكس شهامة وكرم الرجل الخليجي ولا تظهر حياء المرأة واعتزازها بنفسها ؟ ولماذا يُطلق على الرجل الذي يحاول إسعاد المرأة أنه خروف ؟ ولماذا يستغل الرجل حب المرأة له؟ الموضوع محّير وأصبح يسبب أزمة، فلا أعرف كيف تفكر هذه النوعية من النساء؟ ولا أعرف كيف يمكن أن يتنازلن عن كبريائهن ويطلبن كماليات لا داعي لها، وكيف يتجرأ رجل أن يقترض من امرأة أو يطلب منها الهدايا !؟
في الدين الإسلامي والعُرف الاجتماعي الرجل هو المسؤول عن المرأة مهما كان دورها في حياته، والعملية تبادلية وليست بهذه البشاعة ولا الاستغلال، فالرجل يصرف على المرأة ويهديها ويلبي احتياجاتها وفي المقابل هي قد تساعد في الصرف إن كانت زوجة، أو تهديه الهدايا، وكلنا نحب الهدايا وإن كنا لسنا بحاجة لها، كما أن الرسول محمد صلى الله عليه وسّلم وصى بالتهادي لزيادة المحبة بين الناس، إذاً ما يحدث ويُقال الآن غير مقبول ولا يجب التشجيع عليه للطرفين ويجب أن تقف النساء المستغلات مع أنفسهن ومراجعة ما يقمّن به ومدى التشويه الذي يحدثنه لصفات الأنثى والتدمير الذي يسببنه في المجتمع فبعض الرجال هجر فطرته في الكرم وأصبح يطلب حاله حال المرأة ولم يحدث ذلك إلاّ بسبب بعض النساء !
العلاقات الإنسانية أرقى من أن يُطلق على الرجل الكريم والمحب والمعطاء لقب خروف، كما أن المرأة أجمل وأكثر طيبة ورقة من أن تكون استغلالية لرجل كريم أو أن تكون هي الأخرى "خروفة" في نظر الرجل، فأتمنى أن نرتقي وألا نجعل من هذه الأفكار الخبيثة تؤثر على علاقاتنا وننظر لها بشكل مادي ولا نبحث عن من يعطي أكثر فقط دون مشاعر، وإلاّ سيزيد انحلال المجتمع وسيتلاشى الاحترام ولن تستمر العلاقات الإنسانية لأنها لم تقم على أساس المحبة والاحترام بل قامت على أساس من يدفع أكثر!
- جميل أن يكون الرجل كريماً والأجمل أن تكون المرأة قنوعة وتُبَادل هذا الكرم بعطاء راقٍ وتقدير، وأفضل الرجال من يتشاور مع المرأة ويأخذ برأيها ويسعى لرضاها، وبالمقابل تكون المرأة طَيِّعة وطيبة وذكية !
- لا تهّينوا أنفسكم وقد أعّزنا الله عن الحيوانات، وتحابوا ببساطة وعفوية، وتبادلوا العطايا دون توجس ولا استغلال، فالحياة لا تحلو إلاّ بالمشاركة والود الخالص من الرياء والخذلان !.