قبل أشهر علمت أن بعض الجمل التي جاءت في منشوراتي يتبادلها الناس فيما بينهم، ما كان يضاهي سعادتي أية مسؤولية أن يغدو لك أتباع يسيرون على مذهبك العاطفي والفكري، ولكم هو مؤلم أنك لم تنتشِ طعم الحب أصلاً.
لَكَم هو مخيف -يا عزيزتي- أن نتنبه في منتصف عقودنا إلى أننا لم ننجز شيئاً بعد، لكَم هو مرعب أن نصل إلى الحقيقة أننا لا نسعى فعلا لأن ننجز أمراً ما في هذه الحياة، بعد أن اعتدنا على تلبية حاجاتنا بعدما أفسدنا الزمن.
لا تخشَي التعرض لـ"القيل والقال "، افعلي ما شئت؛ لأن الأمر بات طبيعياً في مجتمعنا اللطيف! لا تخافي أن يتكلم فيك أو تشير إليك الأصابع؛ لأن ذلك لا يغير من حقيقتك شيئاً، اخشَيْ أكثر ألا يتحدث عنك الناس، وأن تغادري هذه الحياة عادية كما جئت عادية.
حياة عادية باتت لا تغرينا، فمنذ نعومة أظافرنا نبهونا من الحب ومن القيل والقال ومن الجارات والأقارب، ومن بنات العمات وما أكثرهن، حذرونا حتى من ظلنا من كل شيء، فاعتقاد بعض النساء أن إلغاء ذواتهن والتركيز على بحث مكثف من طرف أسرتها عن رجل تحت ذريعة "ظل راجل ولا ظل الحيط" ظناً منهن أنه مهما كانت تلك الحياة التي يعيشونها جحيماً فإنها ستبقى أرحم عليهن من الوحدة، ومن أعين الناس وألسن الجارات.
لا تتعجبوا فرغم تطور ثقافتنا وأفكارنا ما زالت هذه معتقدات بعض النساء -للأسف- فنجد من منهن يتطاولن لتباهي ببناتهن داخل مجمعات نسائية أو داخل الحمامات مثلاً، فلا عجب أيضاً إن باتت الأم تتجه نحو ما ينعتونها بـ"الخاطبة"، أي بمعنى من سوف تجد لبنتها "عريس الغفلة "، وما إلى ذلك من بوادر عدة لإيجاد العريس الجاهز المرغوب فيه.
نعرف حق المعرفة مثلاً أننا لسن جميلات بالقدر الذي نوده، فليس لدينا عينان زرقاوان يتأملهما الرجال، ويرغبون في الغرق فيهما، وليس لدينا قد عارضة أزياء، فنحن من النوع الممتلئ، لا بل البدين، ذلك نوع الذي يشغل المكان ونصف المكان.
أعرف كل هذا ومع ذلك أقول: لكن انظرن إلى أعينكن السوداء ونهودكن الصغيرة وشعركن رغم تجعده، وبدانتكن وستجدن أنفسكن أجمل، حتى هذا الجمال الذي سيجعلكن سعيدات بعمق وقويات على نحو مرعب، جمال الروح، جمال العقل، ورحابة الفكر، هذا هو الجمال الذي أتحدث عنه، الذي سيخرجكن من كنف عائلتكن؛ لتصبحن ناجحات في مهنكن أولاً، وفي بيوتكن بعدها.
عزيزتي.. لا خجل في أن نبدأ من جديد، لا خجل في أن نكسر حاجز الصمت ونترك القيل والقال، غوصي في عالمك، أبدعي، واجهي، اصمدي، اسهري، تعلمي، المهم أن تحيي بقوة المهم أن لا تتركي هذا العالم دون أن يعرف عنك أحد.
انظري من حولك.. كثيرون هم الرجال الذين يبحثون عن كائن أنثوي ينسكبون فيه حباً وولعاً، الحب يا عزيزتي بالنسبة إلى الرجل طبق ثانوي، وبالنسبة لنا النساء مأدبة كاملة، فلو تدرك المرأة أنها لم تخلق يوماً؛ لأنها بحاجة لرجل، لا فلا يجب أن تتخلى عن ذاتها من أجل أي "سترة"، فأنا لا أؤمن أن على المرأة التخلي عن ذاتها وأفكارها وأحلامها فقط من أجل تأمين هذا الرجل الجاهز! الذي بدوره بات يبحث عن "بنت أصل" ظناً منه أنه ما زالت بعض من الإناث في عصرنا هذا مستلقية في منزلها تجرب خلطات ومسكنات على وجهها؛ لتنتظر هذا الرجل الذي سينتشلها من وحل أميتها إلى وحل أبغض بكثير من واقعها.
قاومي شهوة الاستسلام لنداء البحث عن زوج، ابحثي عن ذاتك، واسعي في أهدافك، ويوماً ما ستجدين تلك الروح التي ستحبك كما أنت دون الحاجة لتقديم أي تنازلات.. دون أي شيء اصمدي؛ كي تبقي كبيرة في عين نفسك، وإن حتى تخلى عنك الكثير، وأرادوا دهس كرامتك فليكن.. فليبقَ لك كبرياء النسيان، غادري حياة من أحببت كنسمة ولا تدمري مكاناً أقمتِ فيه.
كوني أميرة.. دللي من تعرفين بحسن علمك ونضج أفكارك.. وارفعي سقف العطاء.. أشرقي.