لن أرصد الآثارَ السياسية، لانتخاب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، والتي أصبحت طبقا شهيا لفقهاء التحليل السياسي، ولكنني سأرصد زاوية أخرى مختلفة، تتمثل في هذا الخبر التالي:
"عقدتْ الجاليات اليهودية مؤتمراتٍ فكرية لمناقشة، ظاهرة ترامب، وكان أبرزها، مؤتمر مكافحة التمييز ضد اليهود في نيويورك، وأبرز ما قيل في هذا المؤتمر، عن أثر نجاح ترامب على هجرة يهود أوروبا إلى إسرائيل، وكان ضيف الشرف، هو رئيس الوكالة اليهودية، نتان شارانسكي!
قال رئيس المؤتمر، جونثان غرنبليت، وفق ما نشرته صحيفة، تايمز يوم 17/11/2016 :
"إن تولي دونالد ترامب، سيؤدي إلى انتشار ظاهرة اللاسامية، في أوروبا وأمريكا، لأن انتخاب ترامب سيعيدُ بعثَ العنصريات، العرقيات، والإثنيات، وأمريكا في عهد ترامب ستتوقف عن الدفاع عن يهود أوروبا، حين يتعرضون لموجات اللاسامية"!! انتهى الخبر.
في الوقت نفسه، وفي الزمن نفسه، فإن ترامب عيَّنَ أبرز مستشاريه الإعلاميين، ومنسق حملته الانتخابية هو ، ستيف بانون، وستيف بانون يملك ويدير مؤسسة، برت بارت الإعلامية الأمريكية، وهي مؤسسة يمينية متطرفة، يعتبرها الأمريكيون بأنها ناطقة باسم أقصى اليمين المتطرف، بما يعني أنها باعثة النزعات العنصرية، ومعادية بالكامل لكل الأجناس الأخرى، ليس المسلمين، والأفارقة، والمكسيكيين فقط، بل واليهود أيضا، وهو يعترف بأنه يميني متطرف، وأن ترامب سيكون قويا كنائب الرئيس بوش، منسق حرب الخليج، ديك تشيني، ومثل العنصري، دارث فادر، الداعي إلى حرب النجوم، وسيكون ترامب مثل الشيطان!
بتحليل المؤتمر ومجريات الأحداث التي تتبلور على مهل، يمكننا أن نستنتج استنتاجا، أرجو ألا يتحقق، وهو أن ما سيجري في المستقبل القريب، في أمريكا، دونالد ترامب سيكون على غرار ما جرى في روسيا في عهد غوربتشوف في أواخر الثمانينيات، وأوائل التسعينيات، عندما تفككت منظومة الاتحاد السوفيتي، على وقع البيروسترايكا، وكان المستفيد الأكبر من ذلك إسرائيل، لغرض تهجير المخزون الاستراتيجي اليهودي في الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل، وكانت تلك الهجرة هي الأكبر في تاريخ إسرائيل، فقد بلغ عدد المهاجرين اليهود من روسيا إلى إسرائيل أكثر من مليون ونصف المليون!
إن شرارة العنصرية قد انطلقتْ في أمريكا، بانتخاب ترامب رئيسا، وستيف بانون مستشارا إعلاميا، وهذا ربما يؤدي إلى إعادة بعث عصابات الإجرام الأمريكية( دواعش أمريكا)، الذين وصل عددهم عام 1920 إلى ستة ملايين إرهابي جزار، معادين للسامية، والكاثوليكية، والأفارقة، وغيرهم من الجنسيات الأخرى، وهم عصابات وأخويات(كوكلس كلان)!!
وللعلم فقط، فإن تحقيق حلم إسرائيل (الكبرى) يتطلب هجرة جديدة، تختلف عن موجات الهجرات السابقة، فقد كانت مقاييس الهجرات السابقة الكم، وليس الكيف، أما اليوم، فينبغي أن تكون الهجراتُ بالكيف، لا بالكم، أي أن مرحلة تهجير الجاليات اليهودية المغمورة، غير المثقفة، قد انتهت إلى غير رجعة، مثل، الفلاشاه الأثيوبية ، ويهود الهند، ويهود اليمن، ويهود كايفونغ الصينيين، ويهود إفريقيا، وكل يهود العالم العربي، فقد كانتْ هجرتُهم مطلبا رئيسا، كوقودٍ لتعزيز الجيش الإسرائيلي، بجنود يُضحون بأرواحهم، ويؤدون أبشع عمليات القمع ضد الفلسطينيين، أما مرحلة الهجرة الجديدة يجب أن تقوم على أساس انتقاء المهاجرين وغربلتهم. فالمهاجرون المرشحون لهذه المرحلة هم فقط يهود أمريكا، وأوروبا، فهم أصحاب رؤوس الأموال، وهم الكفاءات العلمية والتكنلوجية المطلوبة لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى!!