أصدرت شركة ماكنزي لأعمال الاستشارات تقريراً، تحت عنوان قوة المساواة: تحسين وضع المرأة في الولايات المتحدة، تعد فيه العنف ضد المرأة كواحدة من ضمن ست عقبات أساسية تحول دون المساواة النسائية في الولايات المتحدة، والتي ما زالت تحصل على نتائج سيئة في 6 من أصل عشر مناطق مهمة متعلقة بمساواة المرأة في القيادة والمناصب الإدارية، وأعمال الرعاية غير المدفوعة، والأمهات العازبات، والحمل في سن المراهقة، والتمثيل السياسي، وأخيراً العنف ضد المرأة.
ذهب التقرير لأبعد من الكثير من التقارير المشابهة؛ إذ توجه مباشرة للربط بين العنف على أساس الجنس والفجوة في الأجور.
تقدر ماكنزي الخسائر من وراء العنف ضد المرأة بحوالي 4.9 مليار دولار في العام الواحد، على هيئة تكاليف طبية، ووقت ضائع في أعمال هؤلاء السيدات وإنتاجيتهن، وخسائر في دخل هؤلاء السيدات.
من المحزن معرفة أنه على الرغم من كوّن قضية عدم المساواة بين الرجل والمرأة واحدة من أكثر القضايا المنتشرة على مستوى العالم وأكثرها ضرراً، فإن المال لا النساء هو ما يدفع ذوي السلطة للاهتمام بالأمر.
خلافاً للرأي السائد، لم تعد أميركا الملاذ الآمن للنساء، فعندما يتعلق الأمر بالعنف ضد المرأة سنجد أميركا في منتصف الصف.
طبقاً لوزارة العدل، تعرضت واحدة من كل ثلاث سيدات أميركيات لعنف من شريكها، وواحدة من كل ست تتعرض لمحاولة اعتداء جنسي قد تتم بالفعل، في كل يوم يقتل ثلاث نساء على أيدي رجال يعرفونهم، 75 % من ضحايا الاغتصاب (82% من الأطفال، 80% من البالغين من النساء) يعرفون المعتدي.
قدمت ماكنزي الأعداد التي تخص الاعتداء الجنسي بشكل صارخ ومخيف، واحدة من كل امرأتين في أميركا تعرضت لحادثة واحدة على الأقل من العنف الجنسي، تقول فيفان ريفبيرج، إحدى كاتبات التقرير: "هناك علاقة مباشرة بين العنف والوضع المادي"، معلقة على العلاقة بين العنف والمفهوم العام لعدم المساواة، يصبح الأمر جلياً عند أخذ إحصائيات التشرد في الاعتبار.
وبالنظر لمصطلحات مثل: قدرة المرأة على العمل، وكسب رزقها، والمساهمة في شؤون الأسرة، وادخار الثروات من أجل المزيد الاستقرار على المدى الطويل، سيكون هذا العنف بمثابة المستنزف والعبء الثقيل، يمكن للاعتداءات التي تعيش في ظلها الكثير من النساء التأثير باستمرار على العمل والمدرسة، كما تقلل من فرص الشخص للحصول على الوظائف، أو العلاوات أو الترقيات أو المكاسب، في حالات العنف ضد المرأة، عادة ما يتجه الشريك لمحاولة الإخلال بالاستقلال المادي لشريكته، عن طريق النيل من سمعتها المهنية خاصة.
طبقاً للمركز المشترك لبحوث الفقر بجامعة نورث ويسترن، 25% و50% من الناجين من حوادث العنف المنزلي يعانون من فقدان وظائفهم لأسباب متعلقة بالاعتداء المنزلي الذي مروا به.
فقدان الوظيفة وعدم القدرة على الحصول على وظيفة جديدة يمثل مشكلة لحوالي ثلث نساء أميركا، اللواتي سيتعرضن للاعتداء على أيدي أزواجهن في وقت معين، وإذا حاولن الرحيل فغالباً ما يزداد الأمر سوءاً، على نحو أقل استقراراً وأكثر ضرراً.
يجيد هؤلاء المعتدون استخدام العنف بطريقة استراتيجية جداً، كأداة من أدوات إظهار القوة والسيطرة القسرية، ويعتبر التضييق المالي واحداً من أكثر هذه الأدوات فاعلية، والذي يتضمن الكثير من التكتيكات.
من ضمن هذا الثلث المشار إليه من نساء أميركا 38% منهن عانين من التشرد في وقت ما.
تتراوح نسبة المشردات بسبب العنف المنزلي والضعف المالي -طبقاً للقضاء- بين 22% و57%. تقول إحدى الدراسات إن 46% من النساء المشردات يقلن إنهن ليس لديهن أي مكان يذهبن إليه، وليس لديهن أي طريقة للاعتناء بأنفسهن وبأطفالهن مادياً، مما يعني أنهن خُضن علاقات عنيفة.
يعتبر حوالي 50 % من الولايات المتحدة -على الأقل- العنف المنزلي سبباً رئيسياً للتشرد، طبقاً للتحالف الوطني للقضاء على التشرد، في ماساتشوستس، على سبيل المثال 92% من النساء المشردات اللواتي تم حصرهن تعرضن لاعتداء عنيف جداً في إحدى مراحل حياتهن، 63% منهن تم الاعتداء عليهن جنسياً أو جسدياً على أيدي أزواجهن.
في يوم واحد في عام 2015، تلقت الشبكة الوطنية للقضاء على العنف المنزلي 31,500 طلب للحصول على مساعدات للاحتماء من حوادث عنف منزلي، ولكن بسبب نقص التمويل والمتطوعين، لم تستطِع الشبكة مساعدة أكثر من 12,197 حالة، 63% من الطلبات التي لم تتم تلبيتها كانت تبحث عن مكان للمبيت للهرب من الاعتداء المنزلي، إمكانية إيجاد مكان مناسب للمبيت وتوفر المال المناسب لمثل هذا الأمر، أمنية عزيزة المنال لمعظم النساء اللواتي يتحملن مسؤولية أطفالهن، وليس لديهن دخل كافٍ، بل قد ينعدم تماماً، كنتيجة مباشرة للاعتداءات.
وتتضاعف مشكلة البقاء بحقيقة أن النساء اللواتي يمررن بعلاقات عنيفة معرضات للطرد بصورة كبيرة، مما يجعل اللجوء للشرطة أمراً بعيد الحدوث، وهو ما لا يعد خياراً في بعض المجتمعات.
الخسارة المقدرة بحوالي 4.9 مليار دولار قد تمثل سبباً كافياً للمجتمع للوقوف دون الاعتداء على المرأة نفسها، نحن لا نهتم حقاً بهذا القدر، تسامحنا مع التسامح المعتمد على النوع هو أحد أبعاد هذا العنف، والذي يتمثل معظمه في التجاهل الموجود، لكن التذكر هو انعكاس لحرمان مجتمعي مزروع.
كما يشار أحياناً إلى الأمر، على سبيل المثال، هناك حوالي 1894 برنامجاً في أنحاء أميركا لمساعدة ضحايا العنف المنزلي، الذين عادة ما يكونون نساءً أو أطفالاً، في حين يوجد حوالي 5000 ملجأ للحيوانات.
إننا نقوم بتمييز ثقافي بين الحيوانات، التي نعتبرها كائنات بريئة، وبين النساء اللواتي نعتبرهن ملطَّخات أخلاقياً، ومذنبات تجاه العنف الذي يمارس ضدهن أياً ما كان.
"لماذا لا تتركه وترحل؟" لا ينم هذا السؤال غير المحسوب عن جهل سائله بطريقة اعتداء الزوج فقط، ولكنه يلقي بالضوء على عدم ثقة في هؤلاء السيدات، دون النظر إلى ما مررن به من خبرات قاسية وتجاهل تام لاحتياجاتهن.
سوف تكون نقلة كبيرة إذا أصبح السؤال الذي يتبادر للأذهان: "لماذا لا يتركها وشأنها ويرحل؟!".