من 30 إلى 60 مليون فتاة مفقودة في الصين خلال 37 عاماً، تراوحت التكهنات بين وأدهن أجنة، أو بعد الولادة مباشرة، لأسباب تتعلق بقانون الطفل الواحد الذي فرضته السلطات منذ العام 1978 وحتى العام 2015، ولتفضيل المواليد الذكور عن الإناث.
غير أن الباحثين جون كينيدي من جامعة كانساس الأميركية، وشي ياوجينج من جامعة شنشي الصينية للمعلمين، رجحا في دراسة حديثة أن يتعلق سر الفتيات المفقودات بأسباب "سياسية".
يقول كينيدي -الأستاذ المساعد في العلوم السياسية- طبقاً لموقع الجامعة "يعتقد الكثيرون أن هناك حوالي 30 مليون فتاة فقدن من مجموع السكان. وبينما يمثل هذا الرقم تعداد ولاية كاليفورنيا بأكمله، يعتقد الكثيرون بأنهن قد رحلن فقط!".
ويفسر مقصده من كلمة "رحلن" بقوله "يلجأ معظم الناس إلى تفسير يعتمد على العوامل الديموغرافية، للقول إن الإجهاض وقتل الأطفال هما سببا اختفاء هذه الأعداد من التعداد السكاني، وبأنهن لسن على قيد الحياة. ولكننا وجدنا أن هناك تفسيراً سياسياً".
ويخلص الباحثان إلى أن هؤلاء الفتيات ما زلن على قيد الحياة، ولكن لم يتم تسجيلهن فقط في الأوراق الرسمية، وذلك بمعرفة المسؤولين في السلطات المحلية، ليحظوا بتأييد القرويين، وللحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
ونفى كينيدي أن يكون هناك تنسيق بين المسؤولين المحليين في هذا الأمر كسياسة عامة متبعة، وإنما "الأمر محلي جداً، فالأشخاص الذين يطبقون هذه السياسات يعملون لدى الحكومة في الأصل. فهم مسؤولون حكوميون، ولكنهم أيضاً قرويون، إذ إنهم مضطرون للعيش في القرى التي يطبقون فيها تلك السياسات"، بحسب قوله.
تخلصت الصين أخيراً من سياسة الطفل الواحد نهاية العام 2015، لتسمح للفرد بإنجاب طفلين. ولكن ما زال هناك قلق واسع النطاق حول الآثار المترتبة عن الانحراف الخطير في مؤشر التكافؤ بين الجنسين في المجتمع، إذ تفوق أعداد الذكور من الشباب أعداد النساء بفارق كبير. ويمكن لنتائج دراسة كينيدي وياوجينج أن تهدئ من بعض تلك المخاوف.
ويستطرد كينيدي "إذا كان هناك 30 مليون سيدة مفقودة بالفعل، إذاً سيكون عدد الرجال الذين هم في سن الزواج أكبر بكثير من عدد النساء في نفس السن حينما يبدؤون في البحث عن زوجات لهم، ولا يوجد شيء يهدد استقرار المجتمع أكثر من كمية من هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة) ليس لديها وجهة تذهب إليها".
وفي العام 2010، أظهر التعداد السكاني في الصين أن النسبة بين الجنسين هي 118 ذكراً في مقابل كل 100 أنثى. في حين تمثل النسبة العالمية 105 ذكور في مقابل كل 100 فتاة.
هكذا اكتشفوا الأمر
يبدو أن الثنائي البحثي قد عثرا على نظريتهما خلال مقابلة مع أحد القرويين في منطقة شنشي شمالي الصين، في العام 1996. وكان للرجل ولد وفتاتان، ينعت الصغرى بـ"غير الموجودة".
وفي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، أصبح مسموحاً للقرويين بأن ينجبوا طفلاً آخر، إن كان المولود الأول فتاة.
وبعد أن أظهرت العديد من المقابلات أن تلك الممارسة تتم على نطاق واسع، أجرى الباحثون بعدها مقارنة بين عدد من عدد الأطفال المولودين في العام 1990 وبين عدد الرجال والنساء الصينيين الذين بلغوا سن العشرين في العام 2010. واكتشفوا وجود 4 ملايين شخص إضافيين، ومن بين هؤلاء كان عدد النساء أكبر بحوالي مليون فرد.
يقول كينيدي "إذا عقدنا تلك المقارنة على مدار 25 عاماً، فمن الممكن أن نعثر حينها على حوالي 25 مليون فتاة في الإحصائيات لم يسجلن وقت ولادتهن".
هل قتلوهن؟!
يشير كينيدي إلى أن هذه الاكتشافات تثير الشكوك حول فكرة أن القرويين كانوا على استعداد لقتل بناتهم على هذا النطاق الواسع.
وعلى الرغم من أن هذا البحث قد يكون في صالح الصين. يقول كينيدي إنه لم يكن من الممكن نشره -حتى وقت قريب جداً- باعتباره أمراً حساساً جداً من الناحية السياسية، خاصة بالنسبة لنظيره الباحث الصيني.
ومؤخراً تم نشر البحث الشهر الماضي، في مجلة الصين الفصلية.