لا اذكر عدد المرات التي ابديت فيها ندمي على الانجاب .. بالطبع اعود لمراجعة نفسي بعد برهة من الوقت والندم على ما تفوهت به . لكن الضغط النفسي الناجم عن التعامل مع المراهقين ومزاجيتهم ربما يوجد لي العذر .
يحلو لنا (كآباء وامهات) ان نعقد المقارنة دائما بين الاجيال السابقه والاجيال الحاليه من الاطفال والمراهقين ، فلا نفتأ نتحسر على الزمن الذي كان فيه الابن او الابنه يحسب حساب نظرة غاضبة تصدر من الام او الاب ، ونردد دائما ان الابناء كانوا فيما مضى اكثر انضباطا وطاعة لذويهم واكثر احتراما لمن هم اكبر سنا ، بينما الابناء في وقتنا الحاضر وبشكل عام ميالون للفوضى وللتهرب من المسؤولية ، وممتلئون بروح التحدي ، ولديهم الاستعداد للتمسك بارائهم وقناعاتهم حتى النهايه .
في الماضي كان الاطفال واليافعين يفرحون ويبتهجون للعطايا مهما كانت ضئيله ، وكانت انفعالاتهم طبيعيه ومتماشية مع سنهم الصغير ، اما اليوم فنراهم ساخطين او لا يظهرون مشاعر الرضا ازاء ما يحصلون عليه .
ربما فهمنا للامور (كآباء وامهات) بحاجة الى اعادة النظر ، واول شيء ينبغي تسليط الضوء عليه هو الاخذ بالحسبان ان التغيير هو سنة من سنن الكون ، ومن اراد ان ينشىء ابنه او ابنته على المنوال الذي نشأ هو عليه فان فهمه قاصر ، لان الزمن يسير الى الامام ولا يعود الى الوراء ، والامر الاخر المطلوب ان نعيه كآباء ومربين هو اننا اثناء قيامنا بتنشئة وتعليم آلابناء ، انما نتعلم معهم وبهم ، وربما اكتشفنا ان وسائل تربوية معينه لم تعد مجديه . ومن خبرتي العمليه استطيع ان اقول ان نظريات التربية تشبه العقاقير الطبيه ، ما ينفع منها مريضا ربما لن تجدي نفعا مع مريض آخر، بل قد تحدث له تأثيرات جانبيه غير مريحه . قد ينجح اسلوب الترغيب وتقديم المكافآت والهدايا مع طفل او مراهق ولا تنجح مع آخر بحسب طبيعة التكوين النفسي له . بعض المراهقين يتسمون بالعناد بشكل لافت وآخرون يؤثرون السكينه وعدم المواجهة مع الاهل .
ما يلزمنا هو قدر من المرونة للاعتراف بضرورة التراجع عن بعض وسائل التربية ، وتجريب وسائل اخرى .
واذا كان ثمة خلطة سرية وناجعة للتعامل مع المراهق فهي بعض من الحزم وكثير من الحنان وكلمات التشجيع والتقدير . فالمراهق يحب ذاته التي تكون في طور التكوين ، واذا لم يلق التقدير اللازم لذاته من قبل ذويه فانه حتما سيبحث عنه في دائرة الاصدقاء والمعارف، وهنا تكمن خطورة ان يبرز من بين هؤلاء من يتقن اللعب على هذا الوتر الحساس .