من يعمل ويحاول أن يكون عمله مبدعاً ومتميزاً، تواجهه في العادة صعاب وعقبات كثيرة ومتنوعة، ونحن نكاد نتفق على هذه الجزئية، والبعض يقول إن هذه هي ضريبة النجاح والتفوق والتميز، لكن طوال مسيرتي الحياتية، وتحديداً في مجال مثل الكتابة والتأليف، على الرغم من أنني أعتبرها قصيرة، لم يزعجني شيء أكثر من ملاحظتي لتنامي نوع، إذا صحت التسمية، السرقات الخفية، تتعلق بنوع من السرقات الأدبية، لا تتناول سرقة جملة من نصك أو نقل سطورك كاملة، إنما تذهب نحو روح النص، وهي الفكرة وإطارها ثم مصادرتها منك، وسحب عمقها وجوهرها وإعادة بثها بطريقة مشوهة وتغذيتها بنفس غير نقي، بهدف إبعاد شبهة النقل عنك.
من يكتب بشكل يومي أو تعوّد على توليد الأفكار ومحاولة ترجمتها على الورق لتفيد القراء، ويعمل جاهداً على التميز في هذا المضمار، وكأنه في سباق يومي محموم، يلمس مثل هذا النقل ومثل هذه السرقة الخفية .. لا أتحدث عن توارد للخواطر ولا عن القضايا الرئيسة العامة التي نتفق جميعاً على معرفتها والإدلاء بالرأي حولها، ولكن حديثي يتجه نحو فكرتك التي تبدعها وتخرجها ثم تكتبها ثم تجد من يقلدها، وفي اللحظة نفسها تقف عاجزاً عن الاحتجاج والمطالبة بوقف مثل هذه الممارسة التي لا أحد يجرمها ويرفضها.
في هذه اللحظة كأنك تصاب بسهمين، الأول نقل ومصادرة أفكارك التي هي ملك حقيقي وأدبي لك، والثاني وأنت تشاهد هذه الأفكار يعاد بثها بصورة مشوهة وغير مستساغة .. والسؤال البديهي، ما الذي يمنع هؤلاء اللصوص من الإشارة إلى المصدر ونقل الفكرة كما هي؟