" واحــــة " مصطلح نطلقه على ارض منبسطة خصبة في الصحراء الرملية ، والجمع " واحــات " وكلنا يعرف ان اللفظ متداول حاليا وبكثـرة : واحـة سيوة والكفرة والجغبوب والبريمي وليوا ( وأصلهــا الجِـوا ، أو الجواء وهي التي ذكرها عنترة في معلقته )وهذا في المشرق العربي والمغرب العربي على حدّ سواء ، ودليلنا ما ذكرناه من أمثلة من مصر والجزائر وليبيـا والجزيرة العربية والتي تؤكد أن دلالــة الاسم ( المسمى ) موجودة منذ القدم .
ولم أجد واحداً من أصحاب المعاجم العربية المعتمدة قديما ولا حديثا ، قد ذكر الواحة في مفردات معجمه ، لا لسان العرب ولا المحيط ولا الصحاح ولا تاج العروس ، ولا حتـى المعجم الوسيط ( الحديث نسبيا ) كلها لم تذكر الواحة ، وذكرها معجم عليه عِـدّة مـآخذ علمية ولغوية هو ( المنجد في اللغـة \ والأعلام ) وهو من وضع الراهب اليسوعي الأديب اللغوي لويس معلوف (1867 – 1946 م ) ، وضعه سنة 1908م وشارك فيه الأديب كرم البستاني (1894 – 1966 م ) وقد صدر منه حتى الآن أكثر من أربعين طبعة عن دار المشرق \ بيروت ، ويمتاز بجودة الطباعة والاخراج ووسائل الايضاح مع ما أضيف اليه من ملحق للأعلام اعتبارا من 1956 م ( على يد الراهب فرنارد توتل )(1) ، يقول المنجد في مادة ( و ي ح ) الصفحة922 من الطبعة الثلاثين :
ويح : كلمة ترحّم وتوجّع ... لكنه أضاف الى ذلك
الواح والواحــة ، واحدة الواحات وهي أرض خصبة في صحار رملية ، وقال : اللفظة منقولة عن المصرية ، ويقصد القديمة أي اللغة القبطية كما هي معروفـــة .
والتساؤل هو : ما مستند المنجد في معاملة اللفظة ( واحـــــة ) معاملة المشتقات العربية وهي ليست عربية بتصريحه هو ؟؟؟
وهذا واضـح من خلال ردِّه الالف الى الياء ، معتبراً أن ألف ( واح وواحة ) منقلبة عن الياء ، فذكر المادة العلمية في الجذر ( و ي ح ) !!! لفظ غير عربيّ عومل معاملة الجذور العربيـة !!!
وسيكون لنا ان شاء الله تعالى وقفة معجمية خاصة مع هذا المنجد في حلقة خاصة من مقالاتنـــا ، ونعود الى ( الواحـة ) : الواحة لفظ غير عربي ، والجذر ( و ي ح ) لا يصرف الا الى التوجع والترحم ، واذا أوردنا اللفظة ( واح \ واحة ) في معاجمنا فيجب أن يكون مكانها ليس هنا ، وإنما في فصل الواو وباب الحاء مع مراعاة ترتيب الحرف الثاني ، وهو هنا الالف ...
ثم نتساءل ما مرادف الواحة عند العرب ، بعد أن أيقنّــا أن دلالات كلمة ( مصطلح ) واحة معروفة لدى العرب ؟؟؟
أقول مجتهـداً : لم ترد كلمة الواحة في لغة العرب ، ولم يستخدمها أي من الشعراء العرب الذين يُسْـتَشْـهد بأشعارهم حتى عصر بشار بن برد العباسي وهو آخــر مَنْ يستشهد بشعره ، فما المصطلح الذي استخدموه ؟؟؟
كما قررنا سابقا ،الواحة في الأصل مصطلح مصري قديم وتعني بقعة من الخضرة في مجال قاحل ، تعتمد على الري وذات زراعة متنوعة وسكان مستقرين يعملون فيها ، وعلى عكس ما هو شائع لا تحوي الواحات شجرات نخيل فقط . إذ تتميز المناطق القاحلة بتباين واضح بين بقع خضراء زراعية وتعاشيب عمادها الرعي والرحال ، كما أن الواحة ليست تجمعا أو تجاوراً لقصور ومساحات وحقول خضراء ، بل هي عبارة عن تجمع مصلحي زراعي ، تعاوني بيئي سكاني ، وله أغراض شتى ...
فماذا نسمي هذا المصطلح ؟ بله ماذا أسماه الأجداد ؟ هذا هو السؤال .
والجواب أن للعرب مسميات كثيرة نابت مناب الواحة المتداولة حاليا ( ذات الجذور المصرية ) ، وأبرز هذه الاسماء : القاع والقاعة والسبخة والغائط والحدائق و...الخ .
هذا والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين ....