انطلقت تحت رعاية سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، فعاليات القمة العالمية لرئيسات البرلمانات، التي ينظمها المجلس الوطني الاتحادي، بالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، في فندق قصر الإمارات تحت شعار: «متحدون لصياغة المستقبل»، بمشاركة برلمانيين وقادة سياسيين وممثلي حكومات وعلماء ورؤساء منظمات دولية وقطاع خاص ومجتمع وشباب ومخترعين، لتكون قمة غير مسبوقة، والأولى من نوعها على مستوى العمل البرلماني العالمي.
حضر حفل افتتاح القمة، الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي رئيسة القمة، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والدكتور صابر حسين شودهري، رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعدد من الوزراء وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وعدد من كبار الشخصيات من مدنيين وعسكرين.
ويشارك في القمة 100 شخصية عالمية بارزة يستشرفون المستقبل، و1000 مشارك ومشاركة من كل أنحاء العالم، و 400 برلماني يمثلون 50 دولة، و100 برلماني عربي، و200 من الشباب في أول حوار بين رئيسات البرلمانات وشباب العالم، لتكون القمة نموذجاً رائداً في الطرح والنتائج، ومنصة للحوار، بما يتماشى مع تطلعات شعوب العالم.
أكد الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، أن العالم يمر بمتسارعات تقنية تُعدّ الأضخم في تاريخ البشرية، إلا أنه ورغم التطور الحاصل والمنجزات البشرية في المجالات التقنية والعلمية والسياسية والطبية، فإن التحديات تتعاظم أمام صناع القرار والسلطات الحكومية والمجتمع الدولي.
وقال سموّه: «إننا محظوظون في الإمارات برؤية قيادة استثنائية، متفردة، داعمة للتميز والإبداع في رسم ملامح مستقبل مشرق لنا ولأبنائنا، ونحن متحدون في المسؤولية، والأسرة المتماسكة أساس بيتنا المتوحد».
وتقدم سموّه، بالشكر الجزيل إلى صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ثم توجه بالشكر إلى سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، راعية الحفل، وإلى الدكتورة أمل القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، لجهودها في تنظيم هذه القمة، كما رحب سموّه بضيوف القمة في الإمارات، وعلى رأسهم صابر تشودهري.
وشدد سموّه في كلمته، على أهمية توحيد الجهود، وتعزيز منظومة الحوكمة، التي تضمن التكامل بين السلطات الرئيسية الثلاث في الدول، للخروج بتوصيات وحلول لأهم التحديات التي نواجهها في عالمنا اليوم، ولنتعاون للوصول إلى فرص وإبداعات من خلال التحديات، التي دلل سموّه عليها بمقولة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، «سنحتفل بتصدير آخر برميل نفط.
واستعرض سموّه، العوامل المشتركة التي تصبغ التحديات اليوم؛ من حيث تشابه غموضها وتعقيداتها وتسارع تطوراتها، مشدداً على أن العالم يجب أن يواجه اليوم المشكلات بشكل أسرع من ذي قبل، واتخاذ القرارات الملائمة لاقتناص الفرص، والتعامل مع المعوّقات.
وذكر سموّه أمام المجتمعين، أمثلة واقعية عالمية تؤكد ضرورة مواكبة التغييرات السريعة بطرق أكثر تناسباً مع نمطها وسرعتها؛ حيث إن الهدف هو تحقيق التنمية المستدامة وإسعاد المجتمعات، الذي يمكن، من خلال عقيدة تكاملية تستخدم أساليب وأدوات تسمح لها بتسريع وتيرة العمل، وتختصر السنوات إلى أسابيع أو أيام لاتخاذ قرارات حاسمة؛ إذ إن تحقيق التكامل هدف بحد ذاته. مؤكداً سموّه أن التراخي في مواجهة تحديات اليوم يجعل منها تحديات متراكمة غداً.
ولفت إلى الدور الذي تلعبه رئيسات البرلمانات في العالم، بما يتلاءم مع غريزة الأمومة التي استودعها الله -تعالى-فيهن، حتى غدت مدرسة بصلاحها تستقيم المجتمعات.
وأشار سموّه، إلى الدور الإيجابي المأمول والمتوقع من السلطة الرابعة، الإعلام الحر المسؤول، لمساندة صناع القرار وقوى إنفاذ القانون، للإسهام في إيجاد حلول للتحديات الكونية، وضرورة الاستفادة الرسمية مما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والمواقع الإلكترونية، التي أسماها سموّه ب «السلطة الخامسة»، من قواعد بيانات مهمة، وتغذية راجعة شعبية، وما تمثله من وجهات نظر، لتعزيز جهود السلطات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، ليسهم الجميع في تقديم خدمات لمستقبل أفضل للبشرية.
وأكد ضرورة العمل على تحويل البيئة الافتراضية للإنترنت إلى دعم تطور المجتمعات من مواقع علمية ومراكز بحث ومدونات إلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي وما شابه، التي أصبحت تمثل سلطة يُعتد بها، من تقديم آراء عامة، وتمثيل للشعوب، وأدوات قياس للتوجهات العامة، فيجب البناء على ذلك، وتسخير البيانات التي توفرها هذه السلطة وتحويلها إلى أجندات الاجتماعات في السلطة التنفيذية والتشريعية.
وشدد سموّه على ضرورة عدم السماح للمنظمات الإرهابية بالاستفادة من حرية المعلومات على الشبكة العنكبوتية، بالترويج لأنفسها ولأفكارها البشعة، داعياً إلى تكثيف الجهود الدولية الحكومية والخاصة، لتعزيز أمن الشبكة العنكبوتية العالمية، وتحويل المعلومات والآراء المستسقاة إلى أجندة للسلطات الحكومية، متسائلاً عن مدى الحاجة إلى تعزيز الضوابط الأخلاقية، مع الحفاظ على حرية التعبير، ومقدماً الشكر إلى عدد من مواقع وتطبيقات وسائل التواصل، وفي مقدمتها «تويتر» التي حجبت مؤخراً 125 ألف حساب تعود إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، داعياً سموّه باقي الوسائل والمواقع إلى بذل المزيد من الجهود في تحمّل المسؤولية المجتمعية والأخلاقية تجاه الناس.
ثم عرّج سموّه، على جانب من التجربة الإماراتية المتفردة، والخطوات والمبادرات الإماراتية الريادية، وقال: «إن دولة الإمارات عرفت منذ اللحظة الأولى لاتحادها، أهمية الأسرة في بنيان المجتمع المتحد، وهو ما أكدته راعية هذه القمة أمنا» أم الإمارات «سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، في أن مؤسس دولتنا الشيخ زايد، رحمه الله، استشعر منذ اللحظات الأولى قيمة أن يبدأ الاتحاد من الأسرة المتماسكة، في بيت متوحد، والنتيجة أننا أوجدنا أسرة متماسكة تتحد فيها الإمارات قيادة وحكومة وشعباً".
ودعا سموّه، في نهاية كلمته، المجتمعين إلى النقاش والخروج بتوصيات لرسم سياسات تعمل على خلق تكامل حقيقي بين السلطات الرئيسية للدول، للعمل سوية على إسعاد مجتمعاتنا، والخروج بآراء تُسهم في رسم مستقبل أفضل لشعوب العالم.
وحرص الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، على تعزيز كلمته التي ألقاها، بصور ولقطات واقعية وأمثلة معبرة تتناسب ومضمون القضايا المطروحة للنقاش، وأهميتها على المجتمعين.
واستخدم صوراً لتحديات عالمية، ووقائع لإنجازات بشرية، حولت التحديات إلى فرص كما هي الحال مع البيت الجليدي الذي بناه شعب الأسكيمو، كما استخدم صوراً لأحداث استراتيجية استخدمها للتوضيح والتعريف بالمتغيرات المتسارعة التي تحكم عالمنا اليوم، من بينها: صور لاختراعات عالمية، وصور لمشاهير وسياسيين أثروا في مسيرة التاريخ الإنساني، وفي مقدمتهم صورة القائد المؤسس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.
كما أدرج سموّه صوراً وتعليقات وأمثلة لقصص نجاح من وسائل التواصل الاجتماعي، للاستدلال على أهمية ما تقدمه من بيانات مهمة يمكن الاعتماد عليها والتخطيط وفقها، من بينها الإشارة إلى نجاح عضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي سعيد الرميثي، الشاب الذي اعتمد بشكل مطلق في حملته على وسائل التواصل الاجتماعي.
واختتم سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، كلمته بعرض لصورة طفلة في لقطة إنسانية مع ناقتها، معلقاً «لولا التهيئة الصحيحة والتربية الصالحة، لما كانت هذه الرابطة بين الفتاة والناقة»، في مثال على الاستدلال على أهمية الإعداد الصحيح، والتربية الحقة، وتعزيز القيم الإيجابية في ترسيخ القيم الإنسانية في صفوف أبنائنا.
وافتتحت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، القمة بكلمة رحّبت فيها بالحضور، وتوجّهت بالشكر إلى صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذين آمنوا بقدرة الإماراتية في الإسهام في مسيرة التقدم والبناء، بتوليها مناصب قيادية، وتمثيل الإمارات في المحافل الدولية.
وأعربت القبيسي، عن جزيل شكرها وتقديرها إلى سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، على رعايتها الكريمة لهذا الحدث الفريد من نوعه على مستوى العمل البرلماني العالمي، مثمّنة دعمها المتواصل في دعم المرأة الإماراتية، وتمكينها لتصبح شريكاً أساسياً في صياغة المستقبل وبناء المجتمع على قاعدة المساواة والعدالة الاجتماعية، معربة عن الفخر والاعتزاز بأن تحتضن أبوظبي عاصمة اتحاد الإمارات قمة تجمع هذا العدد من القادة السياسيين والمشرعين وأقطاب العلم والصناعة والمجتمع وكوكبة من شباب العالم الذين يجتمعون تحت شعار «متحدون لصياغة المستقبل».
وقالت: «لقد احتفلنا قبل أيام بذكرى تأسيس الإمارات قبل 45 عاماً، وهي ذكرى اليوم الذي استطاع فيه باني نهضة الإمارات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات أن يتفقوا على توحيد إماراتهم في إطار دولة واحدة، وإن تجربة اتحاد الإمارات، ربما كانت قصيرة في تاريخ الأمم، لكنها كانت درساً في المدى الذي يمكن أن نصل إليه، بالعمل المتحد، فخلال 45 عاماً استطاعت إمارات صغيرة تسكن الصحراء أن تصنع ما ترونه اليوم بفعل فكرة واحدة، هي الاتحاد، الذي علّمنا أن الاختلاف قوة إذا تحول إلى تكامل، وأن التنازل لمصلحة الكل هو مكسب لهم، وأن وحدة المصير أقوى من المصالح. إن القمة العالمية لرئيسات البرلمانات التي تنعقد في أبوظبي تستلهم من تجربة الإمارات فكرة الوقوف صفاً واحداً لأجل هدف واحد، يوازن بين مصالحنا الوطنية ومصالحنا الكونية».
وأضافت «إن القمة هي الأولى لرئيسات البرلمانات التي تجمعهن مع قيادات حكومية وقيادات القطاع الخاص والعلماء وقادة المجتمع، لأننا نؤمن بأن المستقبل ليس مسؤولية المشرعين فحسب، وأن اغتنام فرصه والتعامل مع تحدياته تتطلب تكاتفاً وتعاضداً من الجميع، وندرك أن العالم يعيش ظروفاً سياسية جعلت الحمائية والانطوائية السياسية ظاهرة آخذة في الانتشار، وأن ذلك جعل بعض الحكومات أقل قدرة على مد يد التعاون خارج حدودها، فأصبحت تنظر إلى الداخل أكثر مما تنظر إلى الخارج، إن كل ذلك يمثل تحدياً لأي دعوة للتعاون والاتحاد، لكننا نؤمن كذلك أن التحديات الكبرى التي نواجهها لا يمكن التصدي لها فرادى، وأن العمل الجماعي المتحد سرعان ما سيصبح ضرورة حتمية، ونأمل بأن ندرك ذلك قبل فوات الأوان.
وأكدت أن صياغة المستقبل ليست ترفاً، وليست حكراً على دولة دون أخرى، بل إنها في هذه الظروف الطريق الوحيد، فنحن نتحمل مسؤولية كبرى أمام الأجيال القادمة، ولا نريد أن نكتب في التاريخ أننا تركنا للأجيال القادمة تحديات أكبر من الفرص التي كانت متاحة لنا.
واختتمت القبيسي كلمتها بالقول: «إنه ليس بالغريب أن تنطلق دعوة الاتحاد من أجل المستقبل من قمة للرئيسات البرلمانات في العالم». فدور البرلمانيين كونهم ضميراً للأمم وممثلين للشعوب والدفاع عن مصالح الشعوب والأجيال يجعلهم مسؤولين عن طرح أسئلة المستقبل والأجيال القادمة، كما أنه ليس من المستغرب أن تبادر النساء بطرح هذا السؤال، فالمرأة هي قلب المجتمع النابض وهي شريك أساسي في جميع السلم والأمان، ومن الطبيعي أن يكون اهتمامها بالأجيال القادمة دافعاً غريزياً للحفاظ على المستقبل.
وتوجه الدكتور صابر شودهري، بالشكر إلى دولة الإمارات وقيادتها وللمجلس الوطني الاتحادي، على التعاون والشراكة القائمة مع الاتحاد، وقال: «أعلم أن ديسمبر هو شهر خاص بالنسبة لكم في الإمارات، فقد احتفلتم باليوم الوطني ال 45 للدولة الحديثة، وأرى أن تلك الرحلة كانت ملهمة جداً فمسيرة هذه الدولة خلال أقل من نصف قرن انطلقت من أعماق البحار عندما كان أبناء هذا الوطن يغوصون بحثاً عن اللؤلؤ، لتصل اليوم إلى النجوم مع مسبار الأمل، وما يتيحه هذا الإنجاز من فرص لبناء عالم أفضل، وفي خضم هذا التحول الكبير نجد أن القيادة الإماراتية مهدت لتحقيق ذلك من خلال خريطة طريق واضحة، اشترك في تنفيذها جميع أبناء الوطن.
وأشاد بالرؤية بعيدة المدى لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قائلاً: «عندما تحدث سموّه عمّا يجب فعله بعد نضوب النفط في الخمسين سنة المقبلة، إذ قال: إذا أصبنا في الاستثمار في الموارد الصحيحة الأخرى، فلا شك أننا سنتجاوز التحدي.
وشدد على أن العالم في مسيرة تطوره لا يمكن أن يتقدم تاركاً خلفه نصف سكانه، وهي النسبة التي أصبحت تشكلها النساء، إن التحديات التي تواجه عالمنا كالفقر والتغير المناخي وشح الموارد والإرهاب، تتسارع ويجب السؤال عما يمكن أن نفعله، ماذا سنفعل، بل علينا أن نقوم باللازم ونجد الحلول.
وأشاد الدكتور أحمد الطيب، في كلمته بجهود الدكتورة القبيسي، أول رئيسة برلمان عربي من السيّدات، وأول رائدة من بنات العرب تزاحم الرجال في هذا المنصب التشريعي البالغ الأهمية، في استضافة هذه القمة في دولة الإمارات، التي لا تدخر وسعاً في بذل كل ما يسعد الآخرين، وينشر السلام ويرسخ قيم حسن الجوار والاستقرار والعيش المشترك.
وأكد، أن القمة ذات شأن كبير، ومردود بالغ التأثير في منطقتنا، بل رُبَّمَا في العالَمِ كلِّه، لأنها تتصدَّى بالتحليلِ العلميِّ لتحدياتٍ كُبرى موجودة على أرضِ الواقِعِ العربيِّ والإسلاميِّ، وفي مُقدِّمتها وباءُ الإرهاب الذي استشرى خطره في شرق الأرض وغربها، بعد ما ظن كثير مِمَّن صَمَتُوا عن ولادته وأسباب نشأتِه، أنَّه لَنْ يبرح مَوطِنَه الَّذي نشَأ فيه، فإذا به ينشُر الرُّعْبَ بين النَّاس في كلِّ مكان.
وقال: «إن القمة تتصدَّى لتحد آخر، لا يقل خطرًا عن الإرهاب، وهو تحدِّي السِّياسَات الحديثة في إصرارها على العبثِ بوَحْدَةِ الأُمَمِ والشُّعُوبِ، وتصميمِها على تفتيت الدول المستقرة وتفكيكها وتجزئتها، وتحويلها إلى خرائط مُهيَّأة للصِّراعِ الدِّينيِّ والطَّائفيِّ والعِرقي، وساحاتِ حروبٍ مُدَمِّرةٍ، وكأنه كُتِب على منطقتِنا هذه أن تكون سوقاً رابحة لما تنتجه مصانع الأسلحة الفتَّاكة، بعد أن تهيَئ لها السياساتُ الاستعماريَّةُ الجديدة مسارحَ الصِّراع وبُؤرَ التَّوتُّر وتُجَّارَ الحُروبِ.
وأضاف: أعَوِّل على قِمَّة تَجمَعُ خمسينَ قائدة من قائدات برلمانات العالَم، وما يتلوها من قِمَمٍ قادمةٍ في إطفاء هذا الحريق، الَّذي لا أتردَّد في وَصْفِه بأنَّه عار على جبين الإنسانية في عصر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ومنظمات السلام العالمي والاستقرار المجتمعي.
وتابع: «لقد سمعتم بكل تأكيد عن جريمة الأمس الغادرة التي راح ضحيتها أبرياء مسالمون كانوا يؤدون صلواتهم في إحدى الكنائس المصرية، وخلَّفت في قلوب المسلمين قبل المسيحيين آلامًا وأحزانًا ليس من السهل تجاوزها ولا نسيانُها، وهذه الجريمة الوحشية ليست بكل تأكيد إيذاء للمسيحيين في مصر، بل هي إيذاء للمسلمين في شتَّى بقاع العالم، وإلى نبيِّ الإسلام ﷺ في ذكرى مولده الشريف.
وأشار إلى وضع «المرأة» الإنسانيَّ والحضاريَّ في هذا العصر، شاكراً للقائمينَ على القِمَّة تنبههم لخطر هذا الموضوع، الذي استنزفَ من عقولِ العُلَمَاء والمُفكِّرين والباحثين والباحثات، منذ مَطْلَعِ القَرن الماضي وحتى يومنا هذا الكثير من الجهود والأبحاث والدراسات.
وأكد أن الإسلام الذي أنصف المرأة المسلمة وحرَّرها من الأغلالِ والقيود التي كبَّلتها بها حضارات معاصرة لظهور الإسلام، وفي مُقدِّمتها: حضارةُ اليونان مُمثَّلَةً في قطبيها الكبيرين: أفلاطون وأرسطو، وشريعةِ الرومان وأديان الهند؛ حيث أوقف وإلى الأبد وَأْدَ البنات، وملَّكها حقوقاً سبقت بها نظيراتها في العالم بأربعة عشر قرناً من الزمان؛ حيث ملَّكها حق الإرث وحق التعليم وحق اختيار الزوج، وجعل لها ذمة مالية مستقلة عن زوجها.
وشدد على أن تهميش دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، وإحالة هذا الدور إلى وظائف تقوم بها مؤسَّسات وشركات بديلة عن الأسرة يفضي إلى مجتمعٍ بلا عواطف ولا علاقات اجتماعية ولا انتماءاتٍ إنسانيَّةٍ، بل يَفضِي به -عاجلًا أو آجلًا- إلى مجتمع فاقد للتوازن النفسي والتراحم الاجتماعي الذي لا تكفُلُه إلَّا الأُسرة، وكل ذلك يؤثِّر سَلْباً على كُلِّ النُّظُمِ السِّياسِيَّة والاجتماعيَّة والتربويَّة، إن لم أقل: إنه يُهَدِّد مصيرَ النوعِ الإنسانيِّ نَفْسِه.
وختم شيخ الأزهر بالتساؤل: هل الحداثة هي البديل الأمثل لمجتمع يحفظ قِيَمَ الأُمُومة والأُسرة رغم ما يلحقها باسم الدين من تجاوزات؟ أو أن نقبل هذا الواقع ونحاول تغييرَهُ وتجديدَه انطلاقاً من هوياتنا المختلفة، وثقافاتنا المتعددة، لأن البديل الآخر وبكلِّ تأكيدٍ هو الدَّمار والكارثة بالمعنيين: المادي والمعنوي.
وألقى بان كي مون، كلمة عبر الفيديو معرباً عن شكره وتقديره إلى دولة الإمارات، على استضافتها لهذا الحدث العالمي وتوجه بالشكر والتقدير إلى سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك.
وقال: «عندما تنعقد أرفع القمم تترافق المسؤولية مع الواجب لتحقيق الأهداف المرجوة، إن أهداف الألفية الجديدة التي وضعتها الأمم المتحدة تتيح فرصاً عديدة للدول والحكومات للاستفادة من البيانات والدراسات المتعلقة بالتحديات المستقبلية على أكثر من صعيد، لبذل مزيد من الجهود لتحقيق التنمية المستدامة، وإننا نعول على القمة العالمية لرئيسات البرلمانات لتكون منبراً لترجمة أهداف الألفية إلى تشريعات خاصة، فيما يتعلق بتعزيز المساواة بين الجنسين، وتعزيز الأمن والسلم.
وألقت فيديريكا موغوريني، كلمة عبر الفيديو، مشيدة بما حققته دولة الإمارات في مجال تمكين المرأة، والنموذج الذي قدمته للعالم خاصة لأوروبا التي لديها صورة منفصلة عن الواقع فيما يتعلق بالمرأة العربية.
وعبّرت عن دعمها للقمة العالمية لرئيسات البرلمانات، كما دعت الجميع إلى دعم هذه المبادرة التي ستسهم في الارتقاء بواقع المرأة في كل مكان من العالم، وتعكس دورها الحقيقي، كما أشارت إلى أهمية وقوف الرجل إلى جانب المرأة من أجل تحقيق الأفضل. وختمت كلامها: «التغيير يجب ألا يطرأ مصادفة، بل أن يُصنع».
سيف بن زايد يدين الإرهاب الذي ضرب مصر الشقيقة
قدم الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، في بداية كلمته التي ألقاها في افتتاح القمة، أمس، التعازي إلى قيادة جمهورية مصر العربية، وحكومتها وشعبها، بضحايا الحادث الإرهابي، الذي استهدف الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة، واصفاً سموّه التفجير الإرهابي بالعمل الجبان الذي لا يزيد العالم والمصريين إلا صلابة وتلاحماً في مواجهة الإرهاب.
جاء ذلك خلال ترحيب سموّه بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مستنكراً سموّه أن يصدر هذا العمل الإرهابي البشع غداة احتفال الأمة الإسلامية بمولد الرسول الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- رسول المحبة والسلام ضد مواطنين آمنين أثناء تعبدهم إلى الله -تعالى.
-426-مليون مشاهدة لوسم القمة
تصدر وسم #قمة_رئيسات_البرلمانات الذي أطلقه رواد موقع التواصل الاجتماع «تويتر»، ترند الإمارات، وبلغ عدد المشاهدات للوسم 426 مليون مشاهدة حول العالم.