دفع شغف الشابة التونسية فاطمة بلعيد (26 سنة) بالتطلع إلى الخروج عن العرف والتقاليد الاجتماعية فيما يتعلق بتفاصيل الزواج المعمول بها في مسقط رأسها ببئر علي بن خليفة، من محافظة صفاقس جنوباً، وتحديداً مسألة المهر أو ما يعرف بالعامية التونسية بمصطلح "الشرط"، الذي يقدم خلاله الزوج مبلغاً مالياً بمعدل حوالي 500 دولار، بحسب رغبة الطرفين خلال إبرام عقد الزواج.
هذه الشابة أرادت أن يكون مهرها مختلفاً عن بنات بلدتها، وعوض المال اشترطت على خطيبها الذي يعمل تقنياً في البرمجيات، جَلْب سلتين من الكتب المتنوعة. وتضيف فاطمة لـ”هافينغتون بوست عربي": بدا الأمر في البداية مذهلاً وصادماً لعائلتي وعائلة زوجي، لكن سرعان ما تحول الاستغراب إلى إعجاب، حيث استجاب الجميع لطلبي، وفعلياً قدم لي خطيبي سلتين من عشرات الكتب المتنوعة التي اقتناها من معرض الكتاب بصفاقس، تراوحت بين الروايات والكتب الدينية والعلمية والفلسفية والتاريخية".
100 كتاب سنوياً
فاطمة التي تلقت تكويناً علمياً وتعمل حالياً كمساعدة طبيب جراح، أكدت أن حبها وشغفها بالكتب زرعته داخلها والدتها منذ الطفولة، حيث قرأت في سن التاسعة أول رواية للكبار للأديب توفيق الحكيم، بعنوان "الطعام لكل فم"، حتى بات أسلوب حياة، حيث تمتلك والدتها مكتبة متنوعة في البيت، وتحرص من فترة لأخرى على إثرائها بإصدارات وأعمال جديدة.
وتؤكد هذه الفتاة أنها تقضي يومياً نحو 6 ساعات في القراءة كأقصى تقدير، ولكن هذا المعدل يختلف بحسب ظروف العمل ومشاغل الحياة اليومية، مشددة على أنها أخذت على نفسها عهداً لقراءة 100 كتاب سنوياً، وهي عازمة على تنفيذه كما تقول.
ولم تخف هذه الفتاة سعادتها، بعد أن لبى خطيبها طلبها، مشددة على أنها ترفض منذ وقت بعيد فكرة دفع مهر للفتاة على شكل مبلغ مالي، ووصفت العملية برمتها بأنها أقرب للبيع والشراء، واعتبار المرأة سلعة كما تقول.
ولع فاطمة بالمطالعة والكتب جعلها تنشط بالتوازي في مجموعات عبر الشبكات الاجتماعية، وتحديداً موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان " نادي ماذا تقرأ اليوم بصفاقس".
وتضيف في ختام حديثها ضاحكة: "بعد أن اشترطت على خطيبي سلتين من الكتب قام هو أيضاً بإملاء شرط اعتبرته قاسياً نوعاً ما، ألا وهو عدم قرائتي ولمسي للكتب التي قدمها لي كمهر إلا بعد إتمام مراسم زواجنا وانتقالي “إلى بيت الزوجية ".