تزعجني مناظر لمخلفات البعض من الأسر والشباب بعد تمضية الوقت في حديقة عامة، تزعجني مخلفاتهم من العلب الفارغة وقناني المياه والمناديل والورقية المتناثرة في المكان، ودون أن يكلف أحدهم نفسه جمعها ووضعها في سلة المهملات القريبة منه.
ولكن المشكلة الحقيقية أن هذا السلوك قد يكون أكثر ضرراً بالبيئة بصفة عامة وبشمولية أوسع، خصوصاً عند الحديث عن الشركات الصناعية الكبرى التي تبث الغازات المضرة بكوكب الأرض برمته، وبرغم أن الكثير من دول العالم أدركت خطورة الإضرار بالتوازن البيئي الضعيف على الأرض، وسنت قوانين للحد من انبعاثات الغازات السامة، إلا أنها بقيت دون فعالية لمواجهة هذا الخطر الداهم.
عندما تجلس أمام البحر، وتمر بك نسمة من الهواء العليل، وتأخذ نفساً طويلاً، ثم تزفر كأنك تخرج همومك وشجونك، عندما تجلس على سفح جبل مكسو بالاخضرار، وتشاهد الطيور تحلق بانسياب وبساطة، فتتخيل أنك تجاورها في الطيران، عندما تقف على أحد الكثبان الرملية وتنظر نحو ذلك المخلوق الصغير وهو يتقافز بين الأشجار الشوكية، وقد تعوّد على جو الصحراء وأصبح جزءاً منها، بهذا جميعه تشعر بأن الطبيعة جزء منك وأنك بحاجة لها، تغسل بين عفويتها ونقائها الهم والحزن، وتدفع بك نحو النجاح والتطور والحماس..
وكما قال الفيلسوف والإمبراطور الروماني، ماركوس أوريليوس «جعلت الطبيعة الإنسان قادراً على التحمل، وإلا لما أحس بشيء»، أفلا تستحق هذه الطبيعة حمايتها أولاً من ممارستنا الذاتية التي نعتبرها بسيطة ومتواضعة وصولاً لما هو أكبر وأعم وأشمل؟