لعل من أشد معاناة التي تتعرض لها المرأة الصومالية في الوقت الحالي والذي ظهر جلياً بشكل لا يقبل الشك ، في أثناء سعيها المحموم في السباق السياسي المحتدم حالياً في الصومال ، هو في ذاك التنافر الشديد في الجانب التنظيري الفكري الذي يمجد المراة بكلمات وقوانين ونظم ويظهر فكراً متسامح ومتقبل و مؤيد لها من خلال صوته العقلاني المقنع ، وبين واقع أجتماعي متعصباً ، متناقض يعطل تلك الأفكار ويعرقل حركة المسير التقدمية لها بتغليف مواقفه بصوت المنتصر، صاحب الحق المطلق ، وحامي حماها الوحيد ، مما يولد لدى المرأة الصومالية مشاعر التعصب الحادة لقضاياها الخاصة والعامة ، ويزيد التعصب خاصة عندما يحاول فيها الطرف الآخر الممثل بالمجتمع شطب مصداقية مطالبها ، بضعه خطوط حمراء وعراقيل دينية وتاريخية وإجتماعية تنتقص من فرص تغير وقعها ، وكأن حاضرها ماهو إلا مشهد جامد ومتطرف من الماضي يلاحق المراة دون كلل أو ملل ليحقق بذلك أسوا كوابيسها . إن إجترار الماضي إلى الحاضر كما هو دون تناوله بحياد وموضوعية خاصة فيما يخص المراة فيه إجحاف وظلم كبير بحقها ، لن الماضي بمعطياته المحدودة يختلف عن الحاضر بتعاقد وتشابك خيوطه ، قضايا المراة في السابق تختلف عنها في الحاضر ، ومهما حاول الرجل أن يتحدث بنيابة عنها كما كان في السابق ، لا يستطيع أن يحقق لها الكثير ، لإن صاحب الحاجه أدرى بحاجته ، ويعرف منبع أرتوى جوعه ، فلا المنظمات الغربية تستطيع أن تعرف ، ولا عقلية الذكورية الذي يتحرك به المجتمع الصومالي تستطيع أن تُنصيف ، فمسأئلة أن المراة حتى تنتصر ، ويكون مرضي عنها لابد أن تكون في إحدى هذين التيارين التيار ذو التوجه الغربي أوالتيار ذو طابع محلي تقليدي ، ما هي إلا لعبه رخيصة تقلل من قدرة المراة على التفكير الحر وإبدا الرأي دون مؤثر ، وعلى إمكانية أن يكون لها إرادة مستقله تحترم فيها محيطها وتقدر بها ذاتها ، فعتبار المراة جزء تابع لا عنصر مؤثر جعل من وجودها الحقيقي وجوداً قاصراً غير فاعل . إن هبة المجتمع العنيفه ضد أو مع ترشحها البرلماني أعاد إلى الأذهان ذلك الصراع الوجودي المتعدد في الصومال ، فكل طرف رأى في مشاركة المراة أو عدم مشاركتها تهديد مباشر لوجوده ، فالمنابر ، والمجالس القبلية التي كانت تصدح بتقدير المرأة رأت في ترشحها منازعه حقيقية لوجودهم و إنتفاضة غير مبررة على الماضي ، وفي الطرف الآخر المؤيد لها رأى في مشاركتها السياسية عربون رضى وقبول من الجهات خارجية، و خطوة جرئية للمستقبل ، ناسين اومتجاهلين موقف الحقيقي للمرأة من قضاياها ، فهي لا تحتاج أبواق إعلامية مأجورة لتتقدم ، ولا أن يلوح أمامها عصا الترهيب الغليظة لتتراجع ، فكل ما تحتاجه منكم هو أن تدعوها وشأنها ، دعوها تختار مصيرها بذاتها بلا وصاية ، فهي كأئن حر حباه الله بالعقل لا تحتاج إلى التاريخ لكي يشهد على أهليتها العقلية ، ولا إلى الحاضر لكي يبرر عن جدوى وجودها ، فمطالبها المشروعة لايعني الخروج على نسيج وثوابت المجتمع بقدر ماهو رغبة منها في إمتلاك حرية الإختيار ، وحرية التفكير ، وحرية الحياة .