يكدُّون في عناء ومشقة لتوفير نفقات الزواج، يعتبرون الزواج غاية جهدهم، وليلة الزفاف تكليل نجاحاتهم في الوصول إلى تلك اللحظة.
عزيزي الشاب.. الزواج ليس مكافأة تجعلها هدفاً نصب عينيك، وليس منحة من الله يهبها لك استحقاقاً بما يعني أنه قد رضي عنك وأحبك، فاصطفاك في زمرة المتزوجين.
لو كان الأمر كذلك ما كان ليصبح الزواج أمراً عادياً يستسيغه الجميع، يناله البر والفاجر، والغائب والحاضر، والمقيم والمسافر، ومن تحمل نفقاته من كسب يديه، أو من ميراث الأهل وعون المقرضين.
الزواج -عزيزتي الفتاة- هو مرحلة كمراحل عمرك السابقة واللاحقة، تجنين ثمرتها، وتتذوقين مرارتها، وتقضينها بكل ما تحمله إليك أوقات عمرك المختلفة، ونجاحك الحقيقي وسط صديقاتك وأقاربك، ليس بأن تزوجتِ قبلهن، ولكن بنجاحك في خوض تلك المرحلة بما يظهر في ملامحك وملامح زوجك من سعادة، ويظهر في شخصية وعقول أبنائك، وتتضح معالمه جلية في ترتيب منزلك وهدوئه، ذلك الهدف الذي جعلك الله من أجله زوجة بأن تكوني السكن الحقيقي لعائلتك، وليس السكن في المنزل ذي الثلاث غرف والحمامين والريسيبشن الكبير والنيش والركنة الأميركي.
إذا سألت أحدهم: لماذا وجهك عابس مضطرب وعيناك حمراوان؟ لم أنم جيداً، إما لأنه أعزب يتمنى الزواج ويمني نفسه ببعض المهدئات المهيجة للأعصاب، أو لأنه في علاقة بإحداهن ظل يهاتفها حتى هام على وسادته، وإما لأنه خاطب بات يفكر في الشقة والهدية والمناسبات والمتنزهات وهاتف خطيبته الذي بات ليله يتساءل: لماذا هو مغلق؟
إني أشفق على شباب وفتيات بأعمار تتفتح، يتحملون هموماً تزيدهم أعماراً فوق أعمارهم، وأفكاراً سيسهل تحقيقها إن لم يلقوا لها بالاً، فكما تحققت لأسلافهم ستتحقق لهم، لو تركوها تأتي في وقتها، وبأسبابها، ومتعتها وليس بعنائها وشقوتها.
الزواج ليس مكافأة نهاية الخدمة، أو نتيجة طبيعية لتفكير وتخطيط وادخار، وليس للزواج علاقة بالنجاح، فهو وسيلة تنقلك من مرحلة إلى مرحلة، إما تقودها بنجاح، أو تفشل في خوضها، فالنجاح في أن تصبح طفلاً مجتهداً بدراسته، وابناً باراً بأهله، وطالباً متفوقاً بجامعته، وموظفاً مبدعاً بمهنته، وزوجاً رحيماً بزوجته، وأباً مربياً ومرشداً لأبنائه، وإنساناً قدوة لمن حوله يسعى لإرضاء خالقه.
النجاح أن تعيش كل مرحلة بعمرك دون أن تقتل أجمل لحظاتها من أجل مرحلة أخرى ليس بالضرورة أن تحمل لك تلك السعادة الأبدية التي تتوهمها، ظناً منك أن الزواج مكافأة نهاية الخدمة.