بفضل منتوج الزعفران، اكتسبت منطقة تالوين بإقليم تارودانت، شهرة فاقت الحدود الوطنية، ما جعلها مشاركا مميزا في عدد من المعارض الدولية من بينها المعرض الدولي (الأسبوع الأخضر) للتغذية والزراعة والبستنة ببرلين الذي اختتم أمس الأحد ، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى النساء اللائي يضطلعن بدور مركزي في عملية الإنتاج ، وبالتالي المساهمة في جعل المنطقة تحتل مركز الصدارة في إنتاج وتسويق زعفران ذي جودة عالية.
فالنساء القرويات بتالوين، امتهن زراعة الزعفران لعقود من الزمن دون أن يحصلن على دخل مادي إلا في حالات نادرة جدا ، وحتى الذي كن يحصلن عليه لم يكن يعادل المجهود الذي يبذلنه في العمل الدقيق الذي يتطلبه الزعفران من جهة ، والخبرة التي راكمنها في غرسه وتنقيته من الطفيليات والشوائب، وجنيه وفرز شعراته وتجفيفها في الظل وتجميعها وتخزينها ثم تعليبها قبل وصولها إلى المستهلك من جهة ثانية.
وكانت أعداد كبيرة من النساء تعملن في حقول عائلية للزعفران على امتداد المواسم، وهو ما كان يحرمهن من الاستفادة من دخل مادي مقابل عملهن ومجهودهن اليومي المضاعف الموزع بين أعباء البيت وتربية الأولاد ، إضافة إلى العمل في الحقل لساعات طوال دون أن تجدن من ينصفهن ويعترف بهن كقوة عاملة .
إلا أن وضع النساء العاملات في ميدان زراعة الزعفران تغير بشكل واضح في السنوات الأخيرة ، كما قالت السيدة ربيعة مرزوق رئيسة التعاونية الفلاحية النسوية للزعفران (سكينة) ، التي شاركت في المعرض الدولي (الأسبوع الأخضر) ببرلين ، مشيرة إلى أن النساء يقمن بنسبة 90 حتى 95 في المائة من العمليات المرتبطة بالزعفران.
وأبرزت السيدة مرزوق التي تعمل أيضا مسيرة لجمعية (الذهب الأحمر) بتالوين ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن المرأة لم تكن تستفيد بتاتا من هذا المنتوج لكن وبعد نضال مرير تمكنت من تحقيق طموحها وولوج سوق الزعفران كمنتج وأصبح لها دخل مادي قار.
وأكدت أن تعليم المرأة في المنطقة ساهم إلى حد كبير في تحقيق هذا الانتقال النوعي في حياتها، إلى جانب استفادتها من عدد من الدورات التكوينية التي تندرج ضمن برامج مخطط المغرب الأخضر، إضافة إلى مبادرات المندوبية الإقليمية لوزارة الفلاحة، من أجل النهوض بوضعها.
وأوضحت أن المرأة بعد أن كانت مهضومة الحقوق في هذا القطاع، أصبحت اليوم عاملة نشيطة وقادرة على عرض منتوجها بنفسها في الأسواق داخل وخارج الوطن، وفتح حساب بنكي خاص بها والقيام بجميع المعاملات.
أما السيدة فاطمة آيت الضهر، مديرة جمعية (دار الزعفران ) بتالوين ، والحاصلة على الإجازة في الأدب الانجليزي وشهادة في تدبير وتسيير المقاولات ، فأوضحت من جانبها أنها بعد أن استفادت من عدد من الدورات التكوينية ، اختارت هي الأخرى قطاع الزعفران المعروف بمنطقتها تالوين.
وقالت السيدة آيت الضهر ، في تصريح مماثل، إنها قامت في البداية بالإشراف على تأطير وتحسيس الفلاحين بالتعاونيات من الرجال والنساء، ثم انتقلت بعد ذلك إلى إدارة (دار الزعفران ) التي تضم 24 تعاونية فلاحية، مشيرة إلى أن النساء تساهمن في أغلب الأعمال التي يحتاجها قطاع الزعفران حتى في عمليتي الحرث والسقي.
وأكدت أن قطاع الزعفران عرف تحولا كبيرا تميز بتأسيس تعاونيات خاصة بالنساء، حققت لهن استقلالا ماديا وأصبحن يستفدن من دورات تكوينية مثل الرجال، ويدلين بدلوهن في كل القضايا لتطوير القطاع ، ويدركن جميع شروط التسويق والتدبير ، كدفتر التحملات والمحاسبة ومعايير الجودة.
وترى السيدة آيت الضهر أن المشاركة في المعرض تشكل سوقا هامة لكل التعاونيات وإضافة لها ، وساهمت في الترويج أكثر للمنتوج المحلي ، ومكنت من التعرف على زبائن جدد دائمين وليس مؤقتين ، مذكرة بأن جمعية (دار الزعفران) تمكنت من عقد شراكة مع منعش اقتصادي ألماني يهتم بهذا المنتج ويدرك قيمته الغذائية.
وأعربت عن أملها في أن تحظى منطقة تالوين ونواحيها باهتمام أكبر من قبل منعشين اقتصاديين آخرين من أجل النهوض بقطاع زراعة الزعفران وتشجيع أكثر للتعاونيات النسائية.
يذكر أن "تالوين" التي توجد بها ثلاث تعاونيات نسائية كبرى لإنتاج الزعفران، تنتج لوحدها سنويا ما بين اثنين وثلاثة أطنان كحد أقصى من مادة الزعفران التي يتم تسويق جزء منها بالسوق الداخلية، فيما يتم تصدير الجزء الأكبر إلى عدد من الدول.