غيرت شجرة الشيا المشهورة عالميا حياة النساء في بوركينا فاسو وخارجها منذ سنوات، حيث تضافرت جهود النساء في ريف بلدة ليو لتأسيس جمعية نونونا التعاونية ومكينة إنتاج زبدة الشيا، المنتج المحلي التقليدي هناك.
وأصبحت النساء في بوركينا فاسو يعتمدن على إنتاج زبدة الشيا كمصدر للرزق، بل وفي بعض الحالات أصبحن يكسبن ما يكفي لإرسال أطفالهن إلى المدارس. وتحولت الجمعية التعاونية إلى اتحاد يضم أكثر من 4000 عضوة، وتقوم الآن بتصدير معظم منتجاتها إلى جميع أنحاء العالم.
وكثيرا ما نسمع عن زبدة الشيا التي تدخل تقريبا في كل الكريمات والشامبوهات وأغلب مستحضرات التجميل خاصة التي تحمي البشرة وترطبها. وفوائدها ليست فقط للاستعمال الخارجي بل حتى للأكل وصحة الإنسان.
وفي قطاع المستحضرات التجميلية في فرنسا، فإن أول من دخل في مجال تصنيع زبدة الشيا هي ماركات “بديلة” وهي منتجات ترتبط بتشجيع التجارة العادلة ومبادرات المجتمعات المحلية والمنتجات الطبيعية والصديقة للبيئة.
وخلال 25 سنة، استخدمت مستحضرات شركة “لوكيستان ان بروفانس″ زبدة الشيا في منتجاتها مباشرة من إنتاج النساء في بوركينا فاسو، التي تضم أكبر مساحات مزروعة بشجر “الكريتا” في العالم.
ويقول مسؤول في شركة “لوكسيتان” ، “نتاجر مع مجموعات نسائية في بوركينا فاسو، لأننا مهتمون بالتجارة العادلة ولأن ذلك يعد أساسيا لتنميتهن الاقتصادية. وبالمقارنة مع كل منتجاتنا، فإن منتجات زبدة الشيا هي بلا شك الأكثر شهرة”.
ويشتري الفرنسيون نحو 80 بالمئة من إنتاج منظمة نونونا من زبدة الشيا.
وبغض النظر عن الإقبال الذي تشهده المنتجات الطبيعية، فقد باتت زبدة الشيا تشتهر في الغرب بأنها منتج عجيب متعدد الاستعمالات، يعد ببشرة ناعمة رطبة، ويقلل التجاعيد، ويوفر حماية فعالة من أشعة الشمس الضارة، وله مسحة لماعة على الشعر، ويجعل فروة الرأس في حالة صحية جيدة، ويوفر، ضمن خصائص أخرى عديدة، حماية من آثار التلوث الضارة.
وتقول مستشارة للعناية بالبشرة في مركز سيفورا لمستحضرات التجميل في باريس إن “الطلب على المستحضرات الطبيعية والتقليدية وغير الضارة بالبيئة في ازدياد مستمر”. وتضيف المستشارة “أن زبدة الشيا رائعة لتعدد مزاياها واستخداماتها”.
وتستخرج زبدة الشيا من قلب ثمرة “الكاريتا” ( Karite Nut) أو المانجيفوليا الموجودة في غرب وأواسط أفريقيا.
وقد كانت النساء في أفريقيا يستخدمنها لقرون طويلة مما حافظ على جمال بشرتهن وشبابها. وتتميز زبدة الشيا بخواصها غير السامة، فهي موجودة في قلب ثمرة “الكاريتا” ويتم استخراجها وسحقها، خاصة وأنها تحتوي على العديد من الزيوت المرطبة، فتدخل في صناعة الصابون وكريمات الشعر والبشرة.
ومنذ اكتشاف أهمية زبدة الشيا في ترطيب البشرة وحمايتها والحفاظ على نعومتها، أصبحت من المواد الأساسية التي تدخل في تركيب كريمات البشرة والشعر. ونجد أغلب المستحضرات مكتوبا عليها بخلاصة زبدة الشيا أو زيت الشيا، وهي تتميز بحمايتها للبشرة من الشمس لاحتوائها على حمض السيناميك الذي يحمي من أشعة الشمس الضارة مما يقلل ظهور التجاعيد والإصابة بسرطان الجلد، وأيضا يحمي حمض السيناميك من العوامل الملوثة للجو كالأدخنة والغبار. كذلك تستخدم الشيا كعلاج لأمراض داخلية وخارجية.
وتوفر زيارة لأحد المراكز التجارية الكبرى في باريس أو لمحال التجميل المتخصصة كل ما يثبت أن الزبدة المستخرجة من “الكريتا” أصبحت من مستحضرات التجميل الأساسية، حيث تمتلئ رفوف هذه المتاجر بالأنواع المختلفة من منتجات البشرة والجسم والشعر التي تدخل الزبدة النباتية أو زيتها في تركيبها.
وتختلط منتجات شركات صغيرة ومستقلة ذات أسماء غير معروفة مع منتجات شركات كبرى مثل شركة ديكليور، ورينه فيرتيريه وفيتو.
كما أن دهن جوز “الكريتا” “المتواضع″ تمكن أيضا من شق طريقه، بما يشبه السحر، ودخل في منتجات شركات عملاقة في أسواق مستحضرات التجميل الفرنسية مثل كلارنس وسيسلي وغيرهما من الأسماء الشهيرة.
وتقول امرأة متحمسة للمنتج أثناء تسوقها في مركز تجميل، “لقد سمعت عن زبدة الشيا من صديقة أفريقية، وأنا أوافق على أنها منتج فعال. بإمكانك استخدامه لكل شيء”.
وبمرور الوقت، اكتسبت هذه الزبدة الأسطورية التي كانت تستخدم لعلاج الجروح والحروق والندوب وعيوب الجلد والتحسس والصدفية ومشاكل جلدية أخرى، اسم “ذهب المرأة” في 12 دولة أفريقية تنمو فيها شجرة “الكريتا”، التي أصبحت تقريبا شجرة مقدسة.
العرب