الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الى اي اسلام ينتمون؟!؟!

  • 1/2
  • 2/2

الدكتورة: علياء ابراهيم محمود - مصر - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

مع كل حادثة تقترفها أيدى جماعات إرهابية باسم الإسلام،تتباين المشاعر؛ ما بين الحزن والألم على أنفس بشرية قُتلت بغير ذنب، وبين مشاعر الحسرة على الإسلام الذي بات عليه أن يعلن دائماً حالة الطوارئ، ليكون على أهبّة الاستعداد للدفاع عن نفسه!.
ومع انتشار الحوادث الإرهابية التي تخطت الحدود والتوقعات والإجراءات الأمنية، وتنوعت بين قطع الرقاب والتمثيل بالجثث وحرق الأحياء، والتفجيرات لمجرد الاختلاف في الأديان والمذاهب والآراء والسياسات، مع كل حادثة إرهابية تلحّ عليّ تساؤلات كثيرة ومتشعبة، أحاول أن أجد إجابات عنها، لعلّني أتوصّل إلى تفسير لهذا الإرهاب الذي يتآمر على أمننا وأماننا في بقاع الأرض كافة، وأصبح لمصر نصيب لا يُستهان به من هذا العبث الذي وصل إلى تفجير أناس يعبدون الله في كنيستهم.. ماذا بعد إعلان الحدادوالحزن والأسى والحسرة على القتلى الأبرياء، والقبض على الأفراد أو التنظيمات، هل الحلول الأمنية فقط هي الوسيلة الأساسية والمثلى في حربنا ضد الإرهاب، أم أن الأمر يحتاج إلى انتفاضة فكرية نحلل بها مصادر هذه المعتقدات، التي يضحي من أجلها شباب في مقتبل العمربحياتهم؟.. وإذا كنّا بحاجة إلى حرب وثورة وانتفاضة فكرية لنجفف بها منابع هذا الفكر الإرهابي، فهل نبدأ بمناهج التربية الإسلامية التي تدرس في مدارسنا، ويتلقاها التلاميذ عبر مراحل التعليم المختلفة، والتي لم تراعِ التركيز على مبادئ الدين الإسلامي؛ من مكارم الأخلاق والتسامح والتعارف والتعايش، والاعتراف بالاختلاف كسُنّة كونية، هذا إن لم تكن هذه المناهج تدعو في طياتها إلى عكس ذلك تماماً؟.. أم أن الحصص المخصصة للتربية الدينية انتقلت من الأساس إلى مواد أخرى؟.. أم أن  معلمي التربية الدينية هم الذين ينتمون إلى مذاهب متشددة؛ ويبثون أفكارهم في عقول الصغار، فلا تفلح المناهج طالما أن القائمين على تدريسها خارج السيطرة؟!.
هل الإعلام، خاصة المرئي منه الذي أصبح مصدر معلومات الشعوب التي تعاني من الأمية بدرجات متفاوتة، مسؤولحين خرج علينا بجهلاء تحدثوا باسم الدين، فحوّلوه إلى طقوس ومظاهر فقط، ونشروا البغضاء والحقد في النفوس من خلال فتاوى اضطلع بها كل من هبَّ ودبَّ؟.
هل السبب حلقات الدروس التي يلقيها بعض الشيوخالمتطرفين الذين يمررون لمريديهم ومحبيهم والمتعلقين بهم رسائل ضمنية معادية لأصحاب الأديان والمذاهب الأخرى،لدرجة إباحة دمائهم وأعراضهم؟ أم هي الكتيبات الصفراءالمجانية التي طُبعت في الظلام لتبث سموماً باسم الدين في عقول ونفوس شباب يعاني فراغات ثقافية وفكرية وعاطفية ووقتية، ويدور في طاحونة إحباطات البطالة وانهيار القدوات والقيم والتعليم، التي جعلت منه أرضاً خصبة لسريان هذه الأفكار المسمومة سريان الدماء في العروق؟.
هل يرجع الأمر إلى خُطب الجمعة التي تُلقى في مساجد خارج السيطرة في الأزقة والعشوائيات، ويبث فيها كل خطيب معتقداته مؤثراً في متلقين ينظرون إليه على أنه صوت الحق؟.. أم عمليات غسيل المخ في السجون لشباب زلت قدمه ففقد آماله وطموحه، فظن أنه بانضمامه إلى هذه التنظيمات اشترى آخرته بدنياه التي فقد فيها الأمل أصلاً؟.. أم مواقع وصفحات عبر الإنترنت، باتت مؤثراً كبيراً لا يُستهان به بما تبثه من مشاهد وكلمات عبر متخصصين في عمليات غسيل المخ عن بُعد؟.. أم هي بعض الجمعيات الأهلية التي خرجت عن مسارها وأهدافها عن قصد أو عن غير قصد، فتبنت ندوات وأفكاراً متشددة باسم الإسلام،وتلقاها البسطاء الذين يتم استغلالهم دون أن يدروا؟..
من المسؤول؟، وإلى مَنْ تشير أصابع الاتهام؟!
ألم يأن للعالم أن يرى الصورة الحقيقة للإسلام، ولنبي أرسل رحمة للعالمين، وبُعث ليتمم مكارم الأخلاق؟
ألم يأن الأوان أن تتم تنقية أمهات الكتب الدينية من بعض التفسيرات التي يمكن إعادة وضعها على طاولة البحث والنقد بعيداً عن الاستعراض الإعلامي، وخاصة تلك التي حطّت من مكانة المرأة، فيرى العالم صورة حقيقية للمرأة المسلمة؛ العالمة والمحامية والوزيرة، وربة البيت المكافحة،والعائل الوحيد لبعض الأسر، بدلاً من تكرار فتاوى فضائيات تظهر احتقار المرأة  باسم الإسلام!.
ألم يأن الأوان أن يرى العالم شباباً يسهمون في تقدم المجتمع، وليس الذين غُسلت عقولهم، فحكموا باسم الإسلام بالموت على كل من يخالفهم في المجتمع، حتى ولو فقد أحدهم حياته ظناً منه بأنه يقدّم نفسه قرباناً ويمهد طريقه للجنة؟
ألم يأن الأوان لخطة مدروسة علمية، من أجل تأسيس بنية تحتية قوية لأطفالنا، متمثلة في صحيح الدين الذي دعانا إلى التعارف والتعايش والسلام، وأعلن أنه لا إكراه في الدين،لنقوّي جهاز مناعتهم ضد التطرف؟
ألم يأن الأوان أن يسارع المسؤولون عن وسائل الإعلام بإغلاقالأبواب في وجوه من يبثون السموم في العقول عبر شاشات وميكروفونات فُتحت أمامهم ليلبسوا الحق بالباطل؟
أيها القارئ العزيز، انتهى المقال، لكن لم تنتهِ تساؤلاتي التي بُحت بها لك،   ويبقى التساؤل الأخير من قلب يئنّحزناً على كل بقعة تُراق فيها الدماء باسم الإسلام، وعلى كل نفس أُزهقت بغير حق باسم الإسلام، وهو منها بريء، بحق الواحد الأحد الذي جميعنا نعبده ونوحده وندعوه: إلى أي إسلام ينتمي هؤلاء الذين يكبّرون ويبسملون، ثم بدم بارد وبقلوب وضمائر ميتة يقترفون هذه الجرائم البشعة؟!.. إلى أي دين ينتمون؟، وعن أي دين يتحدثون؟ وبأي دينيؤمنون؟.. اللهم فاشهد أن لهم دينهم ولنا ديننا..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى