أفادت معلومات صحفية منسوبة الى وزير التعليم العالي تفيد بوجود تحقيق في حالات تحرش جنسي من قبل أساتذه وصل عددهم الى (6) في إحدى الجامعات الحكومية، فيما ذكرت مواقع أخرى أن إحدى طالبات الجامعة الهاشمية أخبرت ذويها بما حصل معها فقاموا بتقديم شكوى رسمية بحق الدكتور لدى رئاسة الجامعة التي بادرت بتشكيل لجنة تحقيق بشكل عاجل، ونسّبت اللجنة بإنهاء خدمات الدكتور المتهم بالتحرش بعد أن تمت إدانته بالواقعة حسب لجنة التحقيق المشكلة.
وفي الوقت الذي تدين فيه جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وبشدة ما تعرضت له الطالبات من تحرشات (في حال ثبوتها)، إلا أنها في ذات الوقت تجد بأن ما تعرضت له الطالبات يشكل جرائم جزائية (وإن كانت بحاجة الى تعديل) أفرد لها قانون العقوبات الأردني عقوبات معينة، مما يوجب على إدارة الجامعة ووفقاً لأنظمتها وتعليماتها وقف أية إجراءات تأديبية وإحالة الموضوع للجهات القضائية، وبالتالي إستئناف إجراءاتها بعد صدور احكام قضائية قطعية.
فقد نصت المادة (60) من نظام رقم (151) لسنة (2003) نظام الهيئة التدريسية في الجامعة الهاشمية والصادر بمقتضى الفقرة (أ) من المادة (25) من قانون الجامعات الاردنية الرسمية رقم (42) لسنة 2001 والمعدل بموجب أحكام النظام رقم (48) لسنة 2005، على أنه ": أ- إذا رأى الرئيس أو أي من المجلسين التأديبيين أو أي لجنة تقوم بالتحقيق في أي مخالفة تأديبية أن المخالفة التي يتم النظر أو التحقيق فيها تشكل جريمة جزائية فيحيل الرئيس القضية الى المدعي العام المختص لإتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها وتوقف الإجراءات التأديبية الى حين صدور الحكم النهائي في القضية الجزائية. ب- إن صدور الحكم في القضية الجزائية بعدم مسؤولية عضو الهيئة التدريسية أو تبرئته من التهمة الجزائية التي نسبت إليه لا يحول دون إتخاذ الإجراءات التأديبية بحقه بمقتضى احكام هذا النظام".
وتنص المادة (305) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960 وتعديلاته على أنه:" 1- يعاقب بالحبس من شهر الى سنتين كل من داعب بصورة منافية للحياء: أ- شخصاً لم يكمل الثامنة عشة من عمره ذكراً كان أو أنثى، ب- امرأة أو فتاة لها من العمر ثماني عشرة سنة أو أكثر دون رضاها. 2- في حال التكرار لا يجوز تحويل العقوبة الى الغرامة".
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن المادة (306) من ذات القانون تنص على أنه ": من عرض على شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره أو على أنثى مهما بلغ عمرها عملاً منافياً للحياء أو وجه لآي منهما كلاماً منافياً للحياء عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أشهر أو بغرامة من ثلاثين ديناراً الى مائتي دينار".
وتضيف "تضامن" بأن القانون النموذجي حول التحرش الجنسي والصادر عن جامعة جون هوبكنز قد عرف التحرش الجنسي في مؤسسة تعليمية على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرغوبة إتجاه طالب / طالبة أو جعل تقديم المعروف الجنسي يبدو كشرط لتحقيق ظروف تعليمية مؤاتية أو لخلق بيئة تعليمية عدائية". وتتضمن الظروف المؤاتية علامة تضمن النجاح أو تقدم إلى المستوى التعليمي التالي ، أو تقديم درجات الامتياز أو المنح التعليمية ، أو دفع راتب أو مخصص أو مكاسب أو امتيازات أو اعتبارات ومزايا أخرى. فيما تخلق الإيحاءات الجنسية بيئة تعليمية عدائية عندما تؤدي إلى بيئة مرهبة أو معادية أو مهينة أو مهدِّدة ، أو تؤدي إلى تدخل غير منطقي في الأداء الأكاديمي لضحية التحرش ، أو تعاني ضحية التحرش من أي شكل من أشكال الضرر في الحياة التعليمية.
كما عرّف التحرش الجنسي في مكان العمل على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرحب بها تؤدي إلى بيئة عمل عدائية أو عندما يعتبر الطرف الذي يتلقى هذه الإيحاءات الجنسية أنها منافية للأخلاق أو أن رفضها سينعكس سلباً أو قد يُعتبر أنه سينعكس سلباً على ظروف العمل الحالية أو المحتملة". وتعتبر العاملات المنزليات من أكثر الفئات التي تتعرض للتحرشات الجنسية.
وتشمل الإيحاءات الجنسية في مكان العمل السلوك والإيحاءات الجسدية ، وطلب إسداء معروف جنسي أو فرض إسداء مثل هذا المعروف ، وإبداء ملاحظات ذات طابع جنسي ، وعرض ملصقات أو صور أو رسومات جنسية واضحة ، والإشارة إلى شخص بطريقة مهينة أو مذلّة إستناداً إلى تعميمات على أساس النوع الاجتماعي ، والقيام بأي إيحاء غير مرحب به سواء كان جسدياً أو كلامياً أو غير كلامي ذات طبيعة جنسية بطريقة مباشرة أو ضمنية. ومن شأن كل ما ذكر أن يخلق بيئة عمل مرهبة أو معادية أو مهينة أو مهدِّدة، وتدخل غير منطقي في الأداء العملي للشخص الذي يتعرّض للتحرّش ، وتعاني ضحية التحرش الجنسي من أي شكل من أشكال الضرر المقرون بالوظيفة أو الترقية أو إعادة التوظيف أو إستمرارية الوظيفة ، ويكون لرفض الإيحاءات الجنسية وقع سلبي على ظروف العمل عندما يصبح عرض العمل أو شروط العمل أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة رهناً بقبول الشخص لهذه الإيحاءات الجنسية غير المرغوبة أو بمدى إحتماله لها.
بينما يعرّف التحرش الجنسي في الشارع والأماكن العامة على أنه "القيام بإيحاءات جنسية غير مرغوبة اللفظية منها والجسدية من قبل أشخاص غير معروفين بطريقة مهينة ومؤذية ومخيفة. وينتشر هذا النوع من التحرش في الأماكن المزدحمة كالباصات والقطارات والتجمعات ، وفي الأماكن الخالية من المارة أو المظلمة. وتتعدد أشكاله كالملاحقة واللمس والنظرة الفاحصة وإستخدام الإشارات والتلفظ بكلمات بذيئة والتصفير.
وتؤكد "تضامن" على أهمية تغيير النظرة المجتمعية للضحايا بحيث تتركز الإدانة على مرتكبي التحرش أو الإعتداءات الجنسية وليس على الضحايا، خاصة وأن هذه الإدانة المجتمعية المنحازة للذكور تمنع الضحايا من تقديم الشكاوى والتخلي عن ثقافة الصمت حماية لسمعتهن، مما يشجع المتحرشين على إرتكاب المزيد من الجرائم مستفيدين من خوف وصمت الضحايا، وهو للأسف ما كان واضحاً في أغلب التعليقات على أخبار التحرش بطالبات الجامعة على مواقع التواصل الإجتماعي.
وتدعو "تضامن" الى تجريم التحرش الجنسي في قانون العقوبات بشكل واضح وصريح، كما تدعو مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المدافعة عن حقوق النساء والأطفال بشكل خاص للعمل على تبني إستراتيجية واضحة ومحددة الأهداف والوسائل لمكافحة التحرش الجنسي ، وزيادة البرامج التوعوية والتثقيفية حول التحرش الجنسي بالنساء والفتيات والأطفال والإعتداءات الجنسية ، والعمل على تسهيل وصولهن الى مراكز تقديم الخدمات المسندة كالإستماع والإرشاد والمساعدة القانونية ، ودعم برامج إشراك الرجال والشباب في مكافحة التحرش ، وكما تدعو وسائل الإعلام الى إبراز قضية التحرش الجنسي والمخاطر التي تترتب عليه من النواحي النفسية والصحية بالنسبة للمتحرش بهن ، والإخلاقية والتربوية بالنسبة للمتحرشين ، والأسرية بالنسبة للمجتمع ككل.