كشفت دراسة صينية حديثة أن شعور الإنسان بعدم الرضى عن نفسه يجعله يتناول المزيد من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية ويعرضه بشكل أكبر لخطر الإصابة بالسمنة. الدراسة أجراها باحثون بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، والجامعة الصينية في هونغ كونغ، ونشروا نتائجها في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم. وللوصول إلى نتائج الدراسة، أجرى فريق البحث 4 تجارب على 499 متطوعا، من خلفيات وأوضاع اجتماعية مختلفة، وطلبوا من المشاركين ترتيب إعطاء أنفسهم درجة معينة، لترتيب وضعهم ودرجة رضاهم وثقتهم بأنفسهم وكان الترتيب من 10 درجات.
وكان لدى الذين أعطوا أنفسهم درجات منخفضة، شعور بالنقص وعدم الرضى عن أنفسهم والعكس تمامًا كان لمن أعطوا أنفسهم درجات مرتفعة، حيث تبين أنهم يتمتعون بثقة كبيرة بأنفسهم. وفي التجربة الأولى، طلب الباحثون من المشاركين اختيار الأطعمة المفضلة لديهم عبر “بوفيه افتراضي”. وكان الأشخاص الأقل رضى عن أنفسهم أكثر ميلاً لاختيار الأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة التي تفاقم الإصابة بالسمنة.
وفي الاختبار الثاني، طلب الباحثون إطلاق أوصاف معينة على الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة مثل البيتزا والبيرغر والأطعمة منخفضة السعرات مثل الفواكه والخضروات. فأعطى المشاركون الذين لديهم شعور بالنقص أوصافا إيجابية عن البيتزا والبيرغر، على عكس من كانت لديهم ثقة كبيرة بأنفسهم. وفي التجربة الثالثة، طلب الباحثون من المشاركين اختيار وجبة خفيفة من الزبيب، والحلويات، والشوكولاته، فذهب من ليست لديهم ثقة بأنفسهم مباشرة إلى أخذ الحلوى والشوكولاته واستهلكوا كميات أكبر منها، عكس غيرهم.
وتضمن التحدي الرابع للمشاركين، إعطاءهم وعاءً كبيرًا من المعكرونة، وطلب منهم أن يتناولوه، فاستهلك من لديهم شعور بالنقص أكثر من 200 غرام، مقارنة بحوالي 20 بالمئة أقل لمن لديهم ثقة بأنفسهم. وقال الباحثون إن “نتائج دراستهم تثبت أن العقليات التي تعاني من الحرمان وتدني المكانة الاجتماعية قد تكون مرتبطة بشكل أكبر بخطر السمنة، عن طريق زيادة تناول السعرات الحرارية”.
وأضافوا أن “مجرد شعور الشخص بالدونية وأنه أقل من الآخرين قد يجعله يتناول وجبات أكثر بجودة طعام أقل. وهذا التفسير يمكن أن يساعد في معالجة مشكلة السمنة المتنامية في المجتمعات الفقيرة والغنية على حد سواء”. وتعرض برنامج حكايات تونسية الاجتماعي الذي بثه تلفزيون “الحوار التونسي” الخاص، بداية هذا الأسبوع، إلى مرض الشراهة في الأكل الذي ينجم عن جملة من المشكلات النفسية والذي يتسبب في نهاية الأمر في زيادة الوزن والإصابة بالسمنة.
واتفق جل المتدخلين في الحلقة على أن عدم الشعور بالرضى وفقدان الثقة بالنفس، إضافة إلى بعض الأزمات والمشكلات الحياتية، دفعتهم إلى تعويض هذا الاضطراب النفسي بالانغماس أكثر في الأكل، مما أثر سلبا على حسي الجوع والشبع. وقال أحدهم “كلما أتضايق من نظرة المحيطين بي ومن سخريتهم من بدانتي أنغمس أكثر في تناول كل أصناف الطعام”.
وتعرف شراهة الطعام أيضا بمرض البوليميا ويقوم الشخص المصاب بالبوليميا بالتهام الكثير من الطعام دون وعي أو مراقبة ثم يتقيأ أحيانا بواسطة الدواء أو عبر إدخال الإصبع في الفم وذلك خوفاً من اكتساب الوزن لذلك يعمد فور انتهائه من الطعام إلى التخلص من كل ما دخل معدته، وتتكرر هذه العادة عدة مرات في اليوم لتصبح نمط أكل ثابتا.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن الشخص البوليمي يعاني أساساً من الوحدة والاكتئاب والاضطرابات العاطفية أو النفسية أو الاجتماعية أو العائلية لذا يتحول إلى التهام كميات كبيرة من الطعام بشراهة غير طبيعية ومرضية، دون الإحساس بلذة ونكهة ما يأكل إلى درجة تفوق الشبع.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن فرط الوزن يؤدي إلى آثار صحية وخيمة تزيد تدريجياً مع زيادة الوزن، حيث تسبب السمنة الأمراض القلبية والسكري وبعض أنواع السرطان ومنها سرطان بطانة الرحم والثدي والقولون. وتشير آخر إحصائيات المنظمة إلى أن نحو 1.5 مليار من البالغين يعانون من فرط الوزن على مستوى العالم.