تأمل السعودية أن يدعم تطبيقا أوبر وكريم لخدمات السيارات الأجرة خطتها لضم 1.3 مليون امرأة إلى سوق العمل بحلول عام 2030.
والسيارات التي تقول الحكومة إن قائديها يجب أن يكونوا سعوديين تتيح للنساء -اللائي تحظر المملكة قيادتهن السيارات- بديلاً للذهاب للعمل، عوضاً عن السائقين أو الأقارب الرجال أو سيارات الأجرة التقليدية.
وتخضع تطبيقات خدمات طلب سيارات الأجرة لتدقيق كثيف من الحكومات والجهات التنظيمية في أنحاء العالم، لأنها تؤثر على أنشطة سيارات الأجرة التقليدية.
لكن السعودية رحَّبت بشركتي أوبر ومنافستها كريم، التي مقرها دبي لدعم خطة الإصلاح الاقتصادي، رؤية 2030.
وفي ظل الضغوط على الميزانية جراء انخفاض أسعار النفط تهدف الخطة لتشجيع العمل خارج المؤسسات الحكومية، من خلال توفير 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص بحلول 2020. وتقول أوبر وكريم إنهما ستوفران 200 ألف فرصة عمل للرجال السعوديين خلال العامين المقبلين.
تسهم إتاحة وسيلة للنساء للذهاب إلى العمل في تحقيق هدف الخطة بزيادة نسبة النساء العاملات 5% في السنوات الخمس المقبلة إلى 28%.
وقالت مروة أفندي (36 عاماً) مديرة تسويق تنفيذية "هذا أفضل بديل لقيادة المرأة للسيارة. لأنك تتحكمين في وقتك ولا تهدرينه في الانتظار".
واستثمرت المملكة في الشركتين، وسط توقعات بأن يتجاوز عدد العاملين في كريم وأوبر عدد السعوديين العاملين في شركة أرامكو السعودية العملاقة، البالغ 65 ألفاً.
واستثمر صندوق الثروة السيادية السعودي 3.5 مليار دولار في أوبر في يونيو/ حزيران 2016، بينما أعلنت شركة الاتصالات السعودية في 18 ديسمبر/ كانون الأول شراء 10% في كريم، مقابل 100 مليون دولار.
وقال عبد الله إلياس، الذي شارك في تأسيس كريم "ارتفعت نسبة قائدي سيارات كريم من السعوديين من صفر إلى 60% في الأشهر الاثني عشر الأخيرة، ونحن نهدف لتوظيف 70 ألف سعودي بنهاية 2017".
مقبول اجتماعياً
تقول الشركتان إن النساء يشكلن بالفعل نحو 80% من عملائهما.
وقال زيد حريش، المدير العام لأوبر في السعودية، إن الشركة تقدم حلاً يفيد الحكومة والنساء اللائي يحظر عليهن القيادة.
والسائق الخاص هو البديل الأكثر شيوعاً للنساء من الطبقتين المتوسطة والعليا، لكن التكلفة الشهرية تصل إلى ثلاثة آلاف ريال (800 دولار)، أي نحو 20% من متوسط الدخل الشهري للأسرة، وتبحث النساء دائماً عن بدائل أرخص.
وامتنع عدد من النساء السعوديات الأكثر ثراء عن استخدام سيارات الأجرة التقليدية، لأنهن لا يقبلن بركوب السيارات القديمة المتاحة.
وتقدم أوبر وكريم بديلاً، لأنهما تلزمان السائقين باستخدام سيارات عمرها أقل من ثلاث سنوات. وتعمل أوبر مع شركات تمويل السيارات في السعودية لإبرام صفقات تساعد السائقين على شراء سيارات حديثة.
واستخدام تطبيق لحجز السيارة يتيح للراكب اختيار السائق، ويعتقد البعض أن استخدام تكنولوجيا الهاتف الذكي يضمن مستوى أفضل من السائقين.
ولا يوجد فرق يذكر بين تكلفة الرحلة في أوبر أو كريم أو سيارة الأجرة التقليدية، لكن القطاع الأخير لا يستشعر تهديداً لأنه يخدم سوقاً مختلفة نظراً لأن مستخدمي سيارات الأجرة هم من الرجال الأقل دخلاً، ولا يملكون هواتف ذكية.
وقال مساعد مدير في شركة سيارات أجرة، طلب عدم نشر اسمه "لا يوجد تداخل يذكر مع الطلب على كريم وأوبر"، لكن كريم ترتب برنامج رحلات مدعمة للموظفات السعوديات ذوات الدخل المنخفض مع وزارة العمل.
تطور اجتماعي
كما أن المشاركة النسائية الكبيرة في استخدام هذه التطبيقات تبرز التطورات الاجتماعية في المملكة.
ولا تتسامح كريم وأوبر مع أي شكاوى بحق السائقين.
تقول علياء الشايف (42 عاماً) وهي مصرفية تقيم في جدة "أشعر براحة في السيارة... نحصل على خدمة تتسم بالمهنية من شركة تحاسب السائق على أي شكوى ضده".
لكن بعض السائقين والركاب يشعرون بعدم الارتياح للاختلاط بين الجنسين، وتقول طالبة عمرها 18 عاماً إن والدها منعها من استخدام التطبيقين، بعد أن وظفت الشركتان عدداً أكبر من السعوديين.
وأقر سائق في كريم، بأنه لا يقلُّ النساءَ في سيارته، تفادياً لأي شكاوى أو صدامات ثقافية.
لكن انتشار خدمات النقل لم يسهم كثيراً في تخلي النساء عن رغبتهن في القيادة، بل إن البعض يساوره القلق من أن يضعف إمكانية سماح الحكومة للنساء بقيادة السيارات في المستقبل.
وفي يونيو/ حزيران، حين أعلن صندوق الثروة السيادية الاستثمار في أوبر لجأ بعض النساء لتويتر لإعلان مقاطعتهن للتطبيق في غضون ساعات من انتشار النبأ.
ويهدف استثمار الدولة جزئياً لتوفير وظائف للمواطنين في وقت تتزايد فيه نسبة البطالة.
وطالبت وزارة النقل في نوفمبر/ تشرين الثاني أوبر وكريم بضرورة قصر الوظائف على المواطنين السعوديين، لكن سيظل من حق السائقين غير السعوديين الذين يعملون في البلد بشكل قانوني العمل في الشركتين.
ويجذب العمل لشركة معترف بها عالمياً مثل أوبر السعوديين المهتمين بالتكنولوحيا، ويساعد البعض على تخطي وصمة العمل كسائق.
وقال عبد الله بسيوني، مؤسس برين تكنولوجي للاستشارات الرقمية التي مقرها السعودية، والعضو المنتدب بها "أوبر اتِّجاه يريد الناس السيرَ في ركبه ليصبحوا جزءا من الثورة الرقمية".
ورغم ذلك تقول كريم وأوبر، إن معظم السائقين يعملون لبعض الوقت إلى جانب وظائفهم الحكومية التي يحجمون عن تركها، بسبب الاعتقاد بأنها تحقق لهم الأمان، فضلاً عن مزايا أخرى.
ويقول ناصر (30 عاماً) من الرياض، إنه يعمل سائقاً مع أوبر ليحصل على دخل إضافي لراتبه من العمل الحكومي.
وقال: "من الجنون الاعتقاد أن أي شخص سيترك وظيفته الحكومية".