يأمل العديد من الناس في أن ثؤثر ميلانيا، الزوجة البراقة والبارعة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، على حياته بشكلٍ إيجابي.
حيث يُشيد بها زوجها من كل قلبه، باعتبارها أُمّاً ممتازة لابنهما بارون، الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، ويُنظَر لها كسيدة أعمال أنيقة، في طريقها لتكون السيدة الأولى المثالية، بحسب تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية.
ولكن عارضة الأزياء السلوفينية، البالغة من العمر 46 عاماً، من المعروف عنها أنها تشعر بسعادةٍ أكبر حينما تكون بعيدةً عن الأضواء؛ فهي تنأى بنفسها عن الأضواء، وتُفَضِّل البقاء وراء الكواليس، وخاصةً لأن أول انخراط لها في السياسة قُوبِلَ بالتهكم، أثناء تقديمها لزوجها في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، عندما اتضح أن خطابها مسروقٌ من خطاب لميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وعندما أعلن زوجها مؤخراً في مقابلةٍ لهما بالبرنامج التلفزيوني "Good Morning America" أنها سوف تلقي "خطابين أو ثلاثة" قبل الانتخابات، تغيرت ملامح وجهها للحظات، وبدا ما يشبه التوتر على صوتها، قبل أن ترد قائلة إنَّ الأولوية بالنسبة لها هي ابنها، لكنها بالطبع ستفعل كل ما هو ضروري لمساعدة زوجها.
مترددة
مترددة في أن تكون في دائرة الضوء، ولكنها مخلصةٌ لزوجها. ماذا يخبرنا هذا عن الطريقة التي ترى بها ميلانيا دورها كسيدةٍ أولى؟
بالتأكيد سوف تكسر ميلانيا القالب المعروف لصورة السيدة الأميركية الأولى، فهي أول زوجة ثالثة تشغل البيت الأبيض، وأول سيدة أولى لغتها الأم ليست الإنكليزية، وأول سيدة أولى تجيد خمس لغات: السلوفينية، والألمانية، والفرنسية، والصربية، والإنكليزية.
وخلافاً للاعتقاد الشائع، فإن ميلانيا لن تكون أول سيدة أولى وُلدت خارج أميركا، إذ تحظى بذلك اللقب لويزا آدامز، الزوجة البريطانية للرئيس السادس للولايات المتحدة الأميركية جون كوينسي في الفترة بين عامي 1825 إلى 1829.
كما أنها لن تكون أول عارضة أزياء في البيت الأبيض، فكلٌّ من بيتي فورد، زوجة الرئيس الأميركي الراحل غيرالد فورد، وبات نيكسون، زوجة الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، كانتا تعملان كعارضات أزياء، واستخدمت زوجة الرئيس نيكسون تلك المهارات لتصبح أول سيدة أولى تظهر علناً وهي ترتدي السراويل، وظهرت صورها بهذه الملابس في مجلةٍ وطنية.
إلا أن السيدة ميلانيا ترامب ستكون بالتأكيد أول سيدة أولى تظهر عارية، إذ انتشرت صورتها المشهورة في مجلة "جي كيو" البريطانية عام 2000 على نطاقٍ واسع، فضلاً عن صورتها وهي مستلقية عاريةً على بطانيةٍ من الفراء داخل طائرة ترامب الخاصة عندما كانت رفيقته آنذاك، وظهرت أيضاً من قبل وهي ترتدي حمالة صدر، وحزاماً جلدياً رفيعاً، وتحمل بندقية.
وقالت لهوارد ستيرن، الشخصية الإذاعية والتلفزيونية الأميركية، ذلك العام: "نمارس الجنس مرةً يومياً على الأقل، وأحياناً أكثر من ذلك".
وتفاخر السيد ترامب بشكلها الجذاب الذي بدت به وهي ترتدي "سروالاً داخلياً صغيراً جداً".
ولكن على الرغم من ماضي ميلانيا، الذي من شأنه أن يجعل السيدة الأميركية الأولى السابقة باربرا بوش تحمر خجلاً، إلا أنها تعهدت بأن تكون سيدة أولى تقليدية.
ويقول مصمم الأزياء فيليب بلوخ، الذي عمل مع ميلانيا ترامب وزوجها، وحضر معها عروضاً للأزياء: "ستكون رائعة في اختيار النقوش الصينية، ستكون سيدة أولى كلاسيكية".
واحد من أدوار السيدة الأولى هو تحويل البيت الأبيض إلى منزلٍ لها ولزوجها وعائلتهما، بمساعدة من فريق من مصممي الديكور الداخلي، ولجنة المحافظة على البيت الأبيض، الذي تقيم فيه السيدة الأولى تلقائياً.
أثنى العدد الحالي من مجلة "أركيتكشورال دايجيست"، المتخصصة في هندسة الديكور على اختيار ميشيل أوباما لديكورات الفن الحديث المدهشة للأجنحة الرئاسية الخاصة، ونظراً لولع السيد ترامب بالذهب الفاخر، والرخام، والثريات، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتعامل ميلانيا مع الأمر.
الأسوأ بين زوجات الرؤساء
وكان من الغريب، نظراً لجمالها وتفاديها للأضواء، أن تحصل ميلانيا ترامب على معدلات الشعبية الأسوأ بين زوجات الرؤساء الأميركيين وفقاً لاستطلاعات مركز غالوب الأميركي منذ عام 1992؛ فالنتيجة الإجمالية التي حصلت عليها بقيمة 4- هي أقل بكثير من النتيجة التي حصلت عليها ثاني أسوأ سيدة أولى، وهي تيريزا هاينز كيري، زوجة الرئيس الأميركي السابق جون كيري، التي سجلت نتيجةً قيمتها +12.
وقالت ميلانيا ترامب إنَّها سوف تبتعد عن القرارات السياسية، على عكس زوجات رؤساء سابقين مثل إليانور روزفلت، وروزالين كارتر، وإلين ويلسون.
ومن غير المرجح أن تلعب ميلانيا دور كلب الحراسة الذي كانت تلعبه السيدة الأولى الراحلة نانسي ريغان، التي كانت مشهورةً بطرد موظفي البيت الأبيض الذين كانت تشعر بأنهم لا يعملون لمصلحة زوجها.
وأيضاً على عكس السيدة ميشيل أوباما وهيلاري كلينتون، فليس من المتوقع أن تغضب أو تستاء من القيود المفروضة عليها كونها السيدة الأولى، لكنها سوف تضطر إلى تبنِّي بعض القضايا القريبة إلى قلبها.
ففي أكتوبر/تشرين الأول، في مقابلةٍ لها مع أندرسون كوبر، الصحفي بشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، قدَّمت ميلانيا أول إشارة لمثل هذه القضايا التي من شأنها أن تتبناها، إذ قالت: "أرى الآن، في القرن الحادي والعشرين، أن الشبكات الاجتماعية ضارة جداً للأطفال، نحن بحاجة لإرشادهم وتوعيتهم بشأن هذه الشبكات الاجتماعية، لأنني أرى الكثير من السلبيات فيها، ونحن بحاجة إلى مساعدتهم".
وحدَّدت ميلانيا، التي قالت إنَّها اختارت الامتناع عن الانخراط في الشبكات الاجتماعية بنفسها، التسلط باعتباره قضيةً مستمرة خاصة بالأطفال.
وسخر البعض من التزام ميلانيا بقضية حماية الأطفال من الإساءة على الشبكات الاجتماعية، في حين أن زوجها كان بارعاً جداً في إهانة خصومه البالغين على شبكة الإنترنت.
ورداً على سؤالٍ عما سوف تعمل على تغييره في زوجها، أجابت: "تغريده على موقع تويتر".
إلا أن السيدة ترامب تعرف ما الذي تتوقعه من زوجها، الذي ارتبط بها منذ 11 عاماً.
وأبلغت كوبر قائلةً: "لا تشعر بالأسف تجاهي"، وعينها تلمع معبرةً عن تماسكها الداخلي.
"أنا قوية جداً"
ورداً على سؤالٍ حول الاتهامات التي طالت زوجها لمداعبته العديد من السيدات، والتسجيلات التي يتباهى فيها بالاعتداء الجنسي، أجابت: "الناس يتحدثون عني وكأنهم يقولون: أوه ميلانيا... كم أنك مسكينة. الناس لا يعرفونني بالفعل. أنا قويةٌ جداً، يمكنني التعامل مع كل شيء. لا تشعر بالأسف تجاهي".
وُلِدَت ميلانيا تحت اسم ميلانيا كناوس في بلدة سيفنيكا، التي تبعد حوالي ساعة عن العاصمة السلوفينية، لأم تسمى أماليا، كانت مسؤولةً عن تطوير التصميمات في مصنع لملابس الأطفال، وأب يسمى فيكتور، كان يعمل سائقاً لعمدة بلدة مجاورة.
وكانت قد قالت بمجلة "جي كيو" البريطانية: "أنا أحب طفولتي، لقد كانت طفولةً جميلة".
نمت الأسرة في يوغوسلافيا الشيوعية، ولكنها كانت مهتمةً بشؤون الحياة والناس أكثر من غيرها، إذ كانت تقضي الإجازات في فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وتقرأ بشغف مجلات الموضة الأوروبية.
كفتاةٍ مواظبة وهادئة، حصلت ميلانيا على فرصتها كعارضة أزياء في سلوفينيا، قبل الانتقال إلى نيويورك للسعي نحو حلمها عام 1996. لكنها لم تكن مُحبةً للحفلات.
وقالت إيديت مولنار، عارضة الأزياء السابقة التي كانت صديقةً لميلانيا في ذلك الوقت، إنَّ ميلانيا كانت "متحفظة". وأوضحت: "أول حفلة حضرتها ميلانيا بصحبتي كانت هي الحفلة التي التقت فيها دونالد".
يُذكر أن الحفلة كانت في ضيافة باولو زامبولي، وكيل عارضات الأزياء في نادي "كيت كات" خلال أسبوع الموضة في نيويورك عام 1998. كان عمر ميلانيا حينها 28 عاماً، في حين كان عمر دونالد ترامب 52 عاماً، وكان منفصلاً عن زوجته الثانية مارلا مابلز.
وقع السيد ترامب في حب ميلانيا من أول نظرة، لكنه عندما حاول الحصول على رقم هاتفها رفضت، وطلبت أن يعطيها رقمه بدلاً من ذلك. وقالت ميلانيا فيما بعد لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية: "أنا لست تلك الفتاة التي تُعطي رقم هاتفها هكذا إلى أي شخص".
وقالت ميلانيا في حديثٍ آخر لها متحدثةً عن نفس الأمر: "أنا لست من الأشخاص المفتونين بالمشاهير. كان هناك تواصلٌ رائع بيننا بالفعل، وانسجمنا معاً بشكلٍ جيد، لكني لا أسعى خلف المشاهير".
ولكن ترامب تمكن من الإيقاع بها مع الوقت.
أصبحت ميلانيا من سكان الولايات المتحدة الدائمين في عام 2001، ومواطنةً أميركية في عام 2006. وتزوجت ترامب في عام 2005، في حفل زفافٍ حضره بيل وهيلاري كلينتون، وسيمون كويل، المنتج البريطاني ومقدم البرامج التلفزيونية.
يعيش والدا ميلانيا الآن في برج ترامب، ويُقال إن ابنها يتحدث السلوفينية بطلاقة. ويُذكر أن والدها فيكتور يصغُر ترامب بخمس سنواتٍ فقط، وكثيراً ما يتم تشبيهه بالملياردير، وهي مقارنة لا تزعج ترامب.
وعن زوجها ووالدها، قالت ميلانيا: "كلاهما مُحبٌّ للعمل، وأذكياء جدًا. ورغم نشأة كلٍّ منهما في بيئاتٍ مختلفة، لكنهما يملكان نفس القيم، ولديهما نفس التقاليد".
لن تكون ميلانيا، التي تبلغ من العمر 46 عاماً السيدة الأولى الأصغر سناً، إذ كانت جاكي كينيدي أصغر منها بـ15 عاماً حين تولى زوجها جون كينيدي الرئاسة.
لكن، وعلى الرغم من إعجابها المُعلن بكينيدي والسيدة ميشيل أوباما، إلا أن كيت أندرسون بروير، الكاتبة الأميركية التي كتبت كتاباً عن زوجات الرؤساء الأميركيين، تعتقد أن ميلانيا يمكن أن تصبح أكثر مثل لورا بوش، زوجة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن. فميلانيا تركز على سعادة زوجها واستقرار عائلتها أكثر مما كانت زوجات كينيدي، وفورد، وأوباما يفعلن، إذ كنَّ "يرين دور السيدة الأولى بشكلٍ أكثر تعقيداً".
تبدو ميلانيا شخصيةً متناقضة. وفي حديثٍ لها قالت: "لقد اخترت عدم الخوض في السياسة والسياسات. تلك السياسات هي وظيفة زوجي".