قدمت المغنية الأميركية كاتي بيري دعمها المادي لإنتاج فيلم قصير بعنوان "لا لتطبيع الكراهية" على موقع يوتيوب، دعماً للمسلمين.
ويسلط الإعلان الضوء على أوجه التشابه بين تصريحات ترامب المعادية للإسلام وحملة الاعتقال الضخمة التي طالت 120 ألف أميركي من أصل ياباني خلال الحرب العالمية الثانية، كما يطرح الفيلم تساؤلاً يقول: هل يكرر التاريخ نفسه؟
يعرض الإعلان قصة حقيقية لهارو كوروميا، البالغة من العمر 89 عاماً، وهي إحدى سكان مقاطعة ريفيرسايد بولاية كاليفورنيا، التي كانت فتاة صغيرة عندما أُجبرت عائلتها على مغادرة منزلهم كي يخضعوا لحملة اعتقال كبيرة بأمر من الحكومة الأميركية، وهو ما يشكل تصرفاً مجحفاً ومخيفاً يظل بقعة قبيحة تلوث تاريخ الولايات المتحدة.
وفيه تسترجع المرأة بذاكرتها قائلة "وُضعت عائلتي كلها في إحدى السجلات"، وذلك قبل أن يتطور حديثها ليضفي على الإعلان حقيقة ملحّة ووثيقة الصلة "لقد جُردنا من حقوقنا الدستورية".
شعرت المخرجة آيا تانيمورا وهي مخرجة أفلام من أصول يابانية وأسترالية، بتزايد الشعور بالخوف خلال مشاهدتها الحملة الرئاسية لدونالد ترامب التي تخللتها خطابات مثيرة للقلق من رهاب الأجانب تجاه المرأة والمسلمين والأقليات ومجتمعات المثليين والمثليات وثنائيي الجنس والمتحولين جنسياً والمتحيرين.
وفي مقابلة مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز، قالت تانيمورا إن ترامب خلق مناخاً ممتلئاً بالخوف من المسلمين الأميركيين بالولايات المتحدة، إذ رُفِعَت المحاسبة والمسؤولية التي يتعرض لها المرء لما يقوله ويفعله، لذا يشعر الناس بحرية أكبر لأن يكونوا عنصريين، أو يتصرفوا بعنصرية؛ لعدم وجود عواقب ضرورية لهذا، وإن وُضعت القوانين في مكان يدعم تلك التوجهات، سيكون الأمر مرعباً.
وتضيف قائلة "على سبيل المثال، دعا ترامب خلال حملته الرئاسية بفرض حظر تام وشامل على دخول المسلمين الولايات المتحدة"، محرضاً بذلك على الخوف من السكان المسلمين بأميركا، الذين ادعى في تصريح لايزال موجوداً بموقعه، أنهم يحملون "كراهية لا يمكن تشبيهها" تجاه باقي البلاد.
بدأت فكرة ترامب تخيم على حياة سكان أميركا من المسلمين منذ ذلك الحين، ومن ناحية أخرى تزايدت حالات الإبلاغ عن المضايقات والتهديدات التي تتعرض لها الأقليات في كل ولاية تقريباً خلال الأيام التي أعقبت الانتخابات.
بيد أن تلك المشاعر ليست غير مألوفة لمن يمتلكون ذاكرة قوية.
يذكر أن الجنرال الراحل جون ديويت، وهو جنرال عسكري كان يدعو علانية لإصدار أوامر بوضع الأميركيين من أصول يابانية في معسكرات الاعتقال قائلاً "العنصر الياباني هو عنصر معاد".
وأضاف أنه على الرغم من أن كثيراً من أبناء الأجيال الثانية والثالثة من اليابانيين وُلدوا على أرض الولايات المتحدة، وحصلوا على الجنسية الأميركية، و "تأمركوا"، تبقى السلالات العنصرية واضحة وصريحة.
وفي 19 فبراير/شباط العام 1942، رضخ الرئيس فرانكلين روزفلت لمثل هذه الآراء العنصرية ليوقع على القرار رقم 9066، والذي يعطي قادة الحرب في حكومته السلطة لجمع الأشخاص من ذوي الأصول اليابانية ووضعهم قيد الاعتقال في مخيمات عسكرية محاطة بالأسلاك الشائكة والحراس المسلحين بداعي الأمن القومي الأميركي.
في غضون ذلك، اجتُثت عائلات بأكملها، لتفقد منازلها، وممتلكاتها، وأعمالها في هذه العملية.
في البداية أُرسل هؤلاء إلى "مراكز تجميع" -كانت هذه الأماكن في الغالب حلقات سباق خيل هُجرت منذ فترة قريبة، وأجبروا على العيش في قذارة داخل إسطبلات الخيل- وذلك قبل أن يُرسلوا إلى معسكرات الاعتقال في أنحاء البلاد ليعيشوا في ثكنات ضيقة في ظل ظروف غير إنسانية، سجناء في أوطانهم بأميركا، وكان أكثر من 60% من الأميركيين من أصل ياباني الذين "نُقلوا إلى هذه المعسكرات" وُلدوا في الولايات المتحدة.
توصلت تانيمورا إلى فكرة فيديو إعلان الخدمة العامة مع توني غاردنر، خبير المؤثرات الخاصة الذي رُشح لعديد من الجوائز، من خلال عملهما سوياً مع المخرج المشارك تيم ناكاشي.
وشاركت تانيمورا المنظمة الأميركية الآسيوية غير الهادفة للربح فيشوال كوميونيكشن (Visual Communication)، كما تطوعت فرق العمل بالوقت اللازم لتصوير الفيلم القصير واختيرت هينا خان، وهي ممثلة ذات أصول باكستانية تعيش في لوس أنجلوس، للظهور فيه.
قالت تانيمورا "إن اختيار ممثلة مسلمة للتصوير كان أمراً غير قابل للتفاوض".
وقد حصل الفريق على الدعم من المخرج سبايك جونز وأيضاً الممثل والناشط الأميركي ذي الأصول اليابانية جورج تاكي، إلا أنها تانيمورا تدين بالفضل لكاتي بيري في جعل هذا الفيلم القصير يخرج للنور.
فعندما احتاج فريق العمل إلى دعم مادي لتغطية مصروفات المواد اللازمة لقناع الوجه الاصطناعي، اتصل منتجو الفيلم ببيري، التي أعطتهم شيكاً على بياض.
قالت تانيمورا مادحة بيري "كاتي دائماً تكون بطلة للمضطهدين، والأقليات، كما أن مشاركتها السياسية صارت أكبر في الدورات الانتخابية الأخيرة".
كما ذكرت تانيمورا أن إطلاقهم للفيلم القصير تضمّن وضعها بإعلانات الخدمة العامة باعتبارها إعلانات مستهدفة ذات محتوى متاح وشائع لدى الجمهوريين المعتدلين.
يذكر أيضاً أن كاتي بيري ستشارك يوم 21 يناير/كانون الثاني 2017، العديد من المشاهير والنشطاء في مسيرتهم بواشنطن اعتراضاً على تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب رسمياً لرئاسة الولايات المتحدة.