الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة --- اوكسـجين الحب والحياة

  • 1/2
  • 2/2

عن طريق الزواج يؤسس الإنسان أسرة بمحض إرادته لأنه يبتغي العيش في ذاته بغير حدود، ويفضل أن يدخل في التزامات موضوعية تجاه الآخرين أولى له من أن يعيش وحده، فهو يريد وعن طواعية أن يقوم بواجب من أجل اكتساب صفة الانتساب إلى جماعة أسرية، والتي تصير نظاما اجتماعيا موضوعيا يدخل فيه الإنسان وبكامل إرادته ولكن لا يستطيع الخروج منه إلا بشروط، ولهذا اعتبر الزواج من القضايا المثيرة للجدل والتي تعرض لها الفلاسفة ورجال الدين فاستفاضوا في الخوض فيها واختلفوا فيها اختلافا بينا إلى حد التناقض سواء على مستوى طبيعة الرابطة الزوجية إن كانت عقدا بالمفهوم المدني للعقود، أو أنها تخرج عن هذا التصنيف لما لهذه الرابطة من مكانة وقدسية تسمو بها عن التشييء، وفي الوقت الذي اقتنع فيه فريق بأهمية الزواج ودوره في الحياة وصيرورتها، يرى فريق آخر أن الزواج تنغيص للإنسان في هذا الوجود ومصيدة للمرء لكي تجدد ديمومة الحياة، لقد اعتبر الزواج في المجتمع اليوناني ضرورة تفرضها العادات والتقاليد، ولهذا كانت بعض المدن اليونانية تسمح للنساء العجائز أن يوقعن أشد الأذى بالذين يصرون على عدم الزواج، وكانت العزوبة جريمة في اسبرطة، بحيث كان العزاب يحرمون من حق الانتخاب، واستمر الزواج عند أرسطو كضرورة تفرضها الطبيعة أحيانا أو تمليها إرادة السماء أحيانا أخرى ذلك أن طبيعة النوع الإنساني تجعله يميل إلى تخليد نفسه بان يخلف أفرادا على صورته، ومادامت الطبيعة لا تستطيع أن تبقي على الأفراد كاستمرار للنوع البشري فإن الزواج والولادة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الاستمرار. من هذا المنطلق يرى أرسطو أنه ينبغي على المشرع أن يولي عناية بالغة لموضوع الزواج، وذلك بتحديد السن التي يجب أن يقترن فيه المواطنون وكذا الصفات التي ينبغي توفرها فيهم قبل الزواج، وفي هذا الصدد يذهب أرسطو انه لا يجوز أن نبكر في زواج الأولاد لان الزواج المبكر يؤدي إلى إنجاب ذرية غير مكتملة وحسب اعتقاده فإن جميع الشعوب التي دأبت على ترويج أبنائها وهم صغار السن أنجبوا ذرية غير مكتملة النمو ضامرة القوة، والسن المناسب في اعتقاد أرسطو هو ان تتجاوز الفتاة في الثامنة عشر من عمرها والفتى في السابعة والثلاثين لان الجسم في هذه السن يكون قد اكتمل نموه لكليهما كما ستكون لديهما القدرة على استقبال المولود الأول ورعايته على عكس صاحب كتاب السياسة الذي يعتبر الزواج ضرورة أملتها إرادة السماء من أجل استمرار النوع البشري فإن شوبنهاور يرى أن الغريزة الجنسية تدفع الإنسان إلى الإنجاب الذي ينطوي على أسباب البؤس والشقاء، كما أن الزواج لا يقوم إلا من اجل تحقيق غاية واحدة وهي حفظ النوع وواهم كل الوهم الذي يزعم انه يقوم أو يمكن أن يقوم على الحب الخالص الذي يؤدي إلى السعادة الشخصية لكلا الطرفين الرجل والمرأة، ويناصر نيتشه أستاذه شوبنهاور في هذا الطرح عندما يعتبر أن الأمانة والإبداع من نعم العزوبية وان جميع الأزواج مشبوهين من ناحية التفكير الفلسفي ومن الحمق والبله أن يشغل إنسان مفكر نفسه بأعباء الاهتمام بالأسرة وكسب العيش وتوفير الأمن والراحة للزوجة والأولاد، و يقر إمانويل كانط أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون امتلاك شيء خارجي بوصفه شيئا و استعماله بوصفه شخصا، وتبعا لهذا القانون فإن العلاقة الزوجية هي علاقات مشاركة بين كائنات حرة وبالتأثير المتبادل من شخص في الأخر وفقا لمبدأ الحرية الخارجية يكونان شركة بين أعضاء تؤلف كلا من الأشخاص المتعايشين معا تسمى الأسرة، ويضيف كانط أن المعاشرة الجنسية هي الاستعمال المتبادل الذي يمكن أن يقوم به الإنسان للأعضاء والقدرات الجنسية للشخص الآخر، وهذا الاستعمال إما طبيعي به يمكن إنجاب المثل أو مضاد للطبيعة والذي يمكن أن يتم مع شخص من نفس الجنس وهو الأمر الذي يعتبره صاحب ميتافيزيقا الحق انتهاكات وجرائم جسدية ضد الطبيعة وإهانات نحو الإنسانية في شخصنا ولايمكن لأي ظرف أو استثناء أن ينجينا من التقبيح الشامل، وهذا التعامل الطبيعي بين الجنسين يتم إما وفقا للطبيعة الحيوانية أو وفقا للقانون وهذه الحالة الأخيرة هي حالة الزواج، أي الارتباط بين شخصين مختلفين الجنسين يريدان الامتلاك المتبادل لقدرتهما الجنسية مدى الحياة، بحيث أن الاستعمال الطبيعي الذي يقوم به أحد الزوجين للأعضاء الجنسية للزوج الآخر هو نوع من الاستمتاع وفيه يستسلم كل من الرجل والمرأة لبعضهما البعض، وفي هذا الفعل يفقد الإنسان شيئا من ذاته، وهذا يتناقض مع حق الإنسان في شخصه، وبالتالي فإن هذا الأمر لا يكون ممكن إلا بشروط بحيث انه بينما أحد الزوجين يمتلك الآخر كأنه شيء فإن الآخر يمتلك الأول بدوره على التبادل وبهذا يسترد شخصيته وعلى هذا الأساس فإن رابطة الزوجية هي رابطة ويذهب كانط أبعد من ذلك حينما يعتبر أن عقد الزواج لا يتم إلا بالمعاشرة الجنسية، وبالتالي فإن العقد المبرم بين شخصين من جنسين مختلفين ذكر وأنثى يتفقان فيه سرا عن الامتناع عن كل مشاركة جسدية هو عقد مخادع وباطل، ومقابل ذلك فإنه بالرغم من غرض الطبيعة هو إنجاب الأولاد وتربيتهم ومن اجل ذلك أودعت في كل جنس ميلا إلى الجنس الآخر، فإن الإنسان الذي يتزوج ليس ملزما ليكون زواجه شرعيا أن يكون غرضه هو الإنجاب وإلا فغنه إذا توقف الإنجاب فإن الزواج لا بد أن تنحل رابطته في نفس الوقت0 وفي كتابها (معجزة الحب)للباحثة الامريكية شوشانا بريندا،اوضحت الحقائق النفسية للمراة والرجل من خلال عرضها لتجارب بعض الزوجات وعواطفهن نحو الازواج، من بين هذه التجارب زوجة كانت ترى في بداية ارتباطها بزوجها انه بلا عيوب،وكانت تشعر بالرضا والسعادة، لكن بعد فترة من الوقت،بدأ شعورها نحوه يتغير تدريجيا،عندما بدا لا يهتم بشعورها،ولا يفي بوعوده مثلما كان الحال قبل زواجهما في الشهور الاولى من الزواج،واوضحت الباحثة انه من الضروري ان يعتاد الطرفان على العطاء والابتعاد عن الانانية،والتنازل عن بعض المتطلبات والاحلام الكبيرة،من اجل استمرارية الزواج ودوران الحياة بينهما،وتشير الباحثة في كتابها الى ان طبيعة المراة المعطاءة دائما تجعل رسالتها هي (عمارة الكون)وهو الذي اهلها له الخالق،من حيث كونها تتمتع باحاسيس مرهفة تستقبل بكل فرح كلمات الحب والفرح والرومانسية0وندرك جميعا ان إن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة سنة إلهيه وغريزة أودعها الله في الجنسين- الذكر والأنثى-اللذين يشكلان الركيزتين الأساسيتين لهذه العلاقة لم يترك الشارع الحكيم هذه العلاقة دون توجيه وبيان لما يجب على كل طرف نحو الآخر، وما تمليه ضرورة هذا الاقتران من حقوق بحيث تستمر هذه العلاقة وتقاوم الصعاب الدنيوية، ولا تتكسر أمام موجات الحياة الصغيرة، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن العلاقة الزوجية نعمة أنعمها الله على الإنسان، وميزه بها عن غيره من المخلوقات ذات الزوجية الذكرية والأنثوية، خاصة فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، إن للمرأة قدرة على بناء العلاقة التي ترغب فيها فبوجودها يزهر الكون ويمتلئ بالسعادة والمحبة.
المرأة بتركيبتها (كيمياء الطبيعة) تحمل على صدرها صخرة الفلاسفة تحرك يرافقها وتسخر قواها وطاقاتها الخلاقة حتى غدت فلسفتها ذلك اللغز الذي يرافقها أينما ذهبت!! المرأة تنظر بثبات إلى الشمس وترى في الظلمة لان لديها مفتاح الصحة والسعادة والاستلقاء على أهداب المحبة، إنها نبع الأمل الذي لا ينضب تفجر عواطف الزمن وتعيد للرجل بهجة طفولته وترتقي به لتجعله يحيا في كنف الانسانية، لا يمكن للرجل أن يصل لنفسه إلا عندما يتغلغل في أعماق المرأة ومهما فعل لن يرى لذة الحياة إلا عبر هذا المخلوق الجميل. والرجل كعادته يرتجف أمام الرغبة والخوف في لقائه المرأة لأنها هي التي ترسم له الطريق ليسلكها إلى نفسه، فالطبيعة بأنهارها وثلوجها ومطرها وجبالها ووديانها وعصافيرها تغرق كلها في أعماق المرأة فهل علينا أن نهرب عندما نلتقي هذه المرأة؟ فهي التي تهز عروش كبار الشخصيات وبإمكانها أن توقف الزمن وتعرقل سير العالم المندهش بسحرها وتألقها وجمالها أيضا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى