نشرتْ وكالةُ أسوشيتد برس تحقيقا صحفيا عن( الفلسطينيين الإفريقيين) 12-1-2017م ، هذا التحقيقُ أعادَ لي بحثا كنتُ قد كتبتُه عن الفسيفساء الفلسطينية، عام 2012م أشرتُ فيه إلى أنَّ إسرائيلُ دسَّت في فسيفسائنا فايروس الانقسام، بوسائل عديدة، أولها التسميات، فالفلسطينيون الصامدون في أرضهم منذ عام 1948 تسميهم إسرائيل(عرب إسرائيل)، هم المسيحيون العرب، البهائيون، البدو، والدروز ووضعتْ للدروز، مثلا، مناهجَ دراسية خاصة بهم، مثل كتاب التاريخ للدروز، والجغرافيا، والأدب، للدروز، مع خضوع المنهج إلى التشذيب والتزييف، فهي تنسبهم إلى اليهود، وتخترع صلة نسب بين النبي شُعيب، والنبي موسى، على الرغم مِن أنهم عربٌ أقحاح! حتى أن الباحث في معهد (لير)، الأستاذ، يسري الخيزران، أعدَّ بحثا عن ذلك عام 2012 وخلُص في نهاية البحث إلى خطة إسرائيل لبث الفُرقة بين فسيفساء المجتمع الفلسطيني في إطار المناهج الدراسية.
كما أن هناك جزءا من الفسيفساء الفلسطينية يعيشون في البلدة القديمة في القدس، تسميهم إسرائيل (الغجر) يتوزعون بين القدس، ومخيم شعفاط، وغزة، يُقدر عددهم بأكثر من ألفين، يواظب رئيس بلدية القدس، نير بركات على زيارتهم، وإمدادهم بالمعونات، على مرأى ومسمع من أهلنا وسياسيينا، هذه المعونات دفعتْ مختار الغجر الفلسطينيين، عيد سليم، أن يطلب الاندماج في إسرائيل، وليس في فلسطين، كما أنهم يُقدِّرون جُهد إحدى الناشطات الإسرائيليات، عوفرا ريغف، لأنها تدعمهم، ويسمونها( المختارة)!
إنَّ الملف الذي أشرتُ إليه في البداية عن الفلسطينيين الإفريقيين، محاولة أخرى لبثِّ الفُرقة في نسيجنا الاجتماعي، فالتحقيق الصحفي، يشير إلى أن بعض الفلسطينيين، يسمونهم (عبيد)، بسبب لونهم، للإشارة إلى وجود تمييز عنصري بيننا، وأنهم لا يتمكنون من الزواج من ذوات البشرة البيضاء!
كما أن التحقيق يُرسِّخ عدم انتمائهم لفلسطين، يُشير التحقيق إلى أن أجدادهم جاءوا من إفريقيا كحُجَّاج، ثم أقاموا في القدس، أو أنهم من بقايا الجيش الذي غزا القدس، زمن المماليك، والأتراك!
لم ينتهِ التحقيقُ إلا بربطهم بالإرهاب، وأن رئيس الجالية هو سجينُ فلسطيني، ارتكب عملية(إرهابية)، وسُجنَ سبع عشرة سنة، وأن كثيرين منهم اشتركوا في عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي!
أشار التحقيق بأن الفلسطينيين الإفريقيين ليسوا في القدس وحدها، بل يتوزعون أيضا في المناطق الفلسطينية، فهناك أُسر في الضفة، وقطاع غزة، تعود أصولهم إلى نيجيريا، والسودان والسينغال، وتشاد، والنوبة!
أشار التقرير أيضا إلى قصة المناضلة السجينة من أصول إفريقية، فاطمة برناوي، التي حاولتْ تفجير قنبلة في دار السينما عام 1967 ولم تنفجر القنبلةُ. وسرد تفاصيل حياتها، وأنها حصلت على رتبة لواء في الشرطة الفلسطينية، اقتطف التقرير جزءا من حديثها عن العملية الفدائية مع تلفزيون فلسطين!
إنَّ هذه الفسيفساء العرقية الفلسطينية هي مِن أروع أسلحة النضال في عصرنا الراهن، لأنها تؤشِّر على مبدأ التعددية والحرية، والحق والعدل، بالإضافة إلى أنها دليل على أصالتنا، نحن الفلسطينيين، فنحن لسنا ضد اليهود، بل ضد المعتدي الغازي المحتل.
إنَّ معظم دول العالم المتحضِّر تحاول تجديد فسيفسائها، حتى لا تُصاب بمرض(تزاوج الأقارب) المُسبِّب للأمراض النفسية، والجسدية، كما أن التعددية وسيلة أخرى للنهوض، نظرا لتلاقُح السلالات، والأعراق، والتراث، والأفكار، وهذه جميعُها بيئة الإبداعات!
حاولتُ الحصول على معلوماتٍ موثقة من أرشيفنا الفلسطيني عن الفسيفساء الفلسطينية، في النشرات الرسمية الفلسطينية، فلم أجد سوى شذراتٍ، مثل:
يُقدر عدد الدروز أو الموحدين في فلسطين عام 2008 بمائة وعشرين ألفا!!
كما أننّي ابتسمتُ وأنا أقرأ في هذه(الموسوعات) الفلسطينية الرسمية ما كُتب عن (طائفة الغجر، أو الدوم):
" يمتازون بحبهم للموسيقى، وهم يشكلون فرقا موسيقية من العائلات، وهم يستعملون الوشم على أجسادهم، ويمارسون مهنة الحدادة، ويفضلون تربية الكلاب"..... يا ســــــــــلام!!